جميلٌ هو حضور النساء في الحلبات التي تستضيف مراحل بطولة العالم لسباقات سيارات الفورمولا 1، اذ ان الموجود في ارجاء هذه الحلبات او متابع السباقات عبر شاشات التلفزة، لا يمكنه سوى ان يلاحظ تلك الحسناوات اللواتي يبدون من دون شوائب. كيف لا، والفتيات اللواتي يعملن على الحلبة هنّ عارضات ازياء، اذ يقفن عادة للاستعراض امام عدسات الكاميرات، ويزيّن مشهد السيارات المصطفة للانطلاق، حيث يحملن اعلام بلدان السائقين المشاركين واسماء هؤلاء، بطريقة استعراضية.
وهؤلاء الفتيات لسن الوحيدات اللواتي يثرن الاهتمام ويجذبن الانظار، اذ ان الحاضرات في «البادوك» حيث الشخصيات المهمة وكبار المدعوين يقمن بجولات وهن يرتدين افضل ما عندهن من ملابس وحليّ واكسسوارات، فيعكسن صورة اخرى عن وجود المرأة في سباقات الفئة الاولى.
لكن الاكيد ان هناك نساء أخريات لا يعرن اي اهتمام للطريقة التي فيها الكثير من الحسناوات على حلبات الفورمولا 1، اذ بالنسبة اليهن ان الحضور الفعلي يكون من خلال الجلوس خلف مقود احدى السيارات والتسابق مع الرجال في رياضة اعتبرت شبه حصرية لهم منذ انطلاقها قبل 63 عاماً. وهنا تحكي الارقام عن هذه المسألة، اذ خلال التاريخ الطويل للفورمولا 1 لم تتمكن اكثر من 5 سيدات من شق طريقهن الى حلبات السباقات، مقابل دخول اكثر من 800 رجل اليها.
لكن يوماً بعد آخر، تصبح مسألة اقتحام احدى النساء لدائرة السرعة الخاصة بالرجال، امراً واقعاً، وقد كان للتجارب الاخيرة التي خاضتها السائقة الاسكوتلندية سوزي ولف في سيلفرستون على مدار ثلاثة ايام على متن سيارة «وليامس»، دلالة على ان هناك نية جدية لدى العديد من القيّمين على الفرق بأنهم لا يمانعون اشراك امرأة في حملاتهم.
طبعاً، تختلف الفورمولا 1 بشكلٍ كبير عن الرياضات الاخرى التي تمارسها النساء بنفس الشكل والمضمون الذي يمارسه فيها الرجال، فرياضة السيارات مختلفة في معايير لا تحصى عن كرة القدم او كرة السلة او كرة المضرب، اذ تشير الدراسات العلمية إلى أن هناك حاجات بدنية ستكون المرأة بحاجة كبيرة اليها لقيامها بالتسابق بالشكل المثالي. وهنا الحديث عن التكوين البدني للمرأة حيث العضلات التي تحتاج اليها في الفورمولا 1 اقل بنسبة 30% من تلك التي يحتويها جسم الرجال، فالتركيز على تقوية الجزء العلوي من الجسم والرقبة ضروري جداً لخلق قدرة على التحمل تجعل من قائد السيارة قادراً على التسابق من دون الشعور بالتعب. الا ان الدراسات الحديثة تعطي نفحة امل للمرأة في هذا المجال، اذ ذكر باحثون عديدون ان سائق الفورمولا 1 يحتاج الى 30% فقط من التحضير البدني الجيّد للتسابق مقابل 70% من التحضير الذهني الذي يعدّ اهم ويمكنه ان ينسي السائق التعب.
وبطبيعة الحال ليست ولف الوحيدة التي يمكنها اقتحام عالم الفورمولا 1 ومنازلة الرجال في مضمارهم، فكان هناك امكانية لفتيات اخريات لتحقيق هذا الامر، اذ الى جانب وجود العديد من المهندسات والميكانيكيات اللواتي يعملن في الفرق حالياً، كانت الاسبانية ماريا دي فيلوتا قريبة فعلاً من الحصول على مقعدٍ مع فريق «ماروسيا»، لكن حادثاً غير متوقع افقدها احدى عينيها العام الماضي. كذلك، هناك الاميركية دانيكا باتريك التي لفتت الانظار بفوزها بإحدى مراحل سباقات «إندي كار» عام 2008، وفرضت حضورها في سباقات اميركية مختلفة منها «إنديانابوليس 500» و«ناسكار» «ودايتونا 500» حيث انطلقت من المركز الاول في آذار الماضي.
لكن تبقى الشجاعة قليلة لدى مديري الفرق لتكرار تجارب الماضي، حيث كانت الثقة اكبر بمنح المرأة دوراً في هذا المجال، فقادت الايطالية جيوفانا أماتي سيارة برابهام عام 1992 من دون ان تنجح في التأهل الى ثلاثة سباقات. لكن قبلها، وتحديداً عام 1975، اضحت مواطنتها ماريا غراتزيا «ليلا» لومباردي المرأة الوحيدة التي تسجل نقاطاً في بطولة العالم، وذلك في جائزة اسبانيا الكبرى عندما توقف السباق وهي تحتل المركز السادس، علماً بأنها خاضت 14 سباقاً في الفئة الاولى.
الآن تبدو ولف الاقرب الى أداء هذا الدور بعد قضائها سبعة مواسم في بطولة «دي تي أم» الالمانية، لكن املها قد يكون ضعيفاً لتحقيق ما تصبو اليه، اذ لا يمكن تجاهل ان المئات من السائقين الرجال الموهوبين حول العالم يطمحون الى اقتحام ساحة الفئة الاولى من دون ان ينجحوا بهذا الامر بسبب وجود من يفوقهم موهبة، اذ لا يمكن اغفال ان هذه الساحة لا تتسع الا لـ 11 فريقاً و22 سيارة فقط.



شعبية نسائية متزايدة للفورمولا 1

تشير دراسات إلى أن 40% من متابعي الفورمولا 1 حالياً هنّ من النساء، وهو أمر قد يشجع مالك الحقوق التجارية بيرني إيكليستون على دعم خطوة دخول المرأة الى الميدان، اذ بدا منفتحاً على فكرة اشراك سوزي ولف بالسباقات عندما قال: «اذا كانت مميزة بنفس الشكل الذي تبدو عليه وهي واقفة خارج السيارة فستشكل اضافة كبيرة إلى رياضتنا».