لم يكن لاعبا كرة القدم المصريان محمد صلاح ومحمد النني الرياضيَّين الوحيدين من العالم العربي اللذين واجها خصماً إسرائيلياً، إذ كثُرت الامثلة على هذا الصعيد في الماضي. لكن قضية صلاح والنني أخذت بعداً آخر لأسبابٍ عدة، أولها أن النجمين الشابين يخوضان تصفيات أهم مسابقة كروية في أوروبا المتمثلة في دوري الابطال حيث يسعيان الى الذهاب بعيداً في أدوارها مع فريقهما بازل السويسري. أما ثاني الاسباب فهو إصرار صلاح تحديداً على عدم الخضوع للخصم الاسرائيلي بل التعامل معه بالطريقة الأمثل دون الانكسار أمامه أو جعل مشكلة مواجهته تؤثر على مسيرته الاحترافية مع أهم نادٍ سويسري. الحقيقة أنه لطالما وجدت إسرائيل في الرياضة مساحة مهيّئة لبلوغ أحد أهدافها الاساسية المسمّى بالتطبيع، رغم أن حضورها في المناسبات الرياضية العالمية أثار غالباً جدلاً واسعاً، وخصوصاً عندما يختص الامر بمشاركة بلدانٍ عربية. ومنذ الماضي البعيد أثّر الكيان الصهيوني بنحو أو بآخر في البطولات المهمة، فأضرّ انخراطه في كأس آسيا منذ الخمسينيات حتى منتصف السبعينيات بالبطولة المذكورة التي أقيمت بمشاركة 4 منتخبات بسبب رفض منتخبات العرب اللعب حتى تمّ طرد إسرائيل من الاتحاد الآسيوي عام 1974 بعدما كانت قد فازت باللقب القاري في البطولة التي استضافتها عام 1964.
إذاً، إسرائيل التي انضمت كروياً الى الاتحاد الأوروبي ابتداءً من عام 1991، استفادت كثيراً من ابتعاد العرب عن المشاركة في منافسات معها، فهي كانت حتى قريبة من التأهل الى كأس العالم 1958 من خلال التصفيات الآسيوية - الافريقية من دون أن تلعب أي مباراة بسبب رفض الكلّ اللعب معها، قبل أن يقرر «الفيفا» وضعها في مواجهة ويلز لتفادي إحراجٍ كبير فكانت الغلبة لمنتخب الاخيرة.
وهنا يبرز الرأي القائل بأنه لا يفترض انسحاب الرياضيين العرب أمام منافسيهم الاسرائيليين لما في الامر من فائدة تنعكس على هؤلاء، إذ أصبح أي رياضي اسرائيلي يشعر بالسعادة عندما يجد في طريقه منافساً عربياً، لأنه يدرك سلفاً أن الاخير سينسحب أمامه، وبالتالي فإن الغلبة ستكون له من دون أي مجهود، وسيستفيد بالذهاب الى أبعد دور ممكن في البطولات.
ومن هذا المنطلق كان ما أقدم عليه صلاح والنني، وتحديداً الاول الذي يعدّ نجم فريقه، إذ جعل المنظمات الداعمة للصهاينة في سويسرا تندم لضغطها على بازل من أجل اصطحاب لاعبه الى تل أبيب، إذ ببساطة سجل هدفاً وصنع آخر ليطيح فريق ماكابي خارج المسابقة القارية الأم. وكان لصلاح موقف في مباراة الذهاب عندما خرج لتبديل حذائه في حيلة جعلته يتفادى مصافحة لاعبي ماكابي قبل بداية اللقاء. كذلك فإنه في مباراة الاياب لم يضع يده بيد أي منهم، بل أغلق قبضته وعالجهم بلمسات سريعة من دون ان ينظر الى وجوههم.
وقبل صلاح كان مواطنه المصارع كرم جابر الذي «كسّر»، بكل ما للكلمة من معنى، في طريقه الى لقب بطولة العالم منافساً إسرائيلياً، ومثله فعل بطل الجودو رمضان درويش عندما حاز برونزية في بطولة الجائزة الكبرى أمام لاعب إسرائيلي، رافضاً مصافحته بعد المباراة.
لكن رغم هذه المواقف، يجد رأي آخر أن مواجهة رياضي إسرائيلي وإخضاعه لا يسقط مسألة أن مجرد الانخراط معه في منافسة هو تطبيع واعتراف بوجود الكيان الصهيوني، وأن الموقف القومي أهم من أي عقد يربط الرياضي بنادٍ أوروبي، وخصوصاً أن بلدان أوروبا تعترف بوضوح بإسرائيل، والدليل أنها ضمّتها الى اتحاداتها القارية التي فتحت لها أذرعها من دون أي مشكلة.