تمرّ الأيام والأسابيع، ونادي الحكمة «مكانك راوح»، فاتجاه الأنظار نحو مشكلة كرة السلة اللبنانية بشكلٍ عام أبعد الاهتمام عن الأندية، التي رغم توقف الموسم تشرع في العمل على تحضير نفسها من خلال ضمّ لاعبين ومدربين جدد. إلا أن هذا الأمر لا يخصّ الحكمة بشكلٍ أو بآخر، فمفاعيل الأزمة الداخلية لا تزال ترخي بظلالها، وهي تتفرع في اتجاهات عدة وسط توجّه نحو حلّ جذري لا يبدو الإجماع عليه موجوداً حالياً.
ولا شك في أن زيارتَي الرئيس السابق هنري شلهوب للمطران بولس مطر والرئيس الفخري للنادي الخوري عصام ابراهيم كان لهما دلالات عدة، لم يحاول أي من فريق عمل شلهوب إخفاءها، إذ من الواضح أن اسم الرجل أصبح مطروحاً بقوة للعودة الى رئاسة النادي الأخضر، وهو يبدو على استعداد للقيام بهذا الدور، لكن بشروط.
مقرّبون من شلهوب لا يخفون أن الفكرة عُرضت على الأخير قبل أسبوعين، وذلك من قبل أشخاص مقرّبين بدورهم من القوات اللبنانية التي تموّل الفريق حالياً، لكن المعلومات تتضارب هنا مع نتيجة العرض الأول، حيث يبدو أن قواتيين فعليين، وهم من قبل القيادي في القوات عماد واكيم، عمدوا الى طرح اسم شلهوب لترؤس النادي على اعتبار أنه محايد ولا يرتبط بأي من الطرفين المتصارعين حالياً.
وإذ لم يمانع شلهوب الفكرة، والدليل هو زيارته لكل من مطر وإبراهيم، في خطوة تهدف الى أخذ مباركتهما، فإن الرئيس السابق كان واضحاً عندما أشار الى أنه لن يساهم بأكثر من 500 ألف دولار من حجم الميزانية، على أن يكون تأمين المبلغ المتبقي عبر المعلنين وبطريقة عقود موثّقة لا بالطريقة التي يتم من خلالها التمويل حالياً، حيث قيل إن الأموال المدفوعة تمّ تأمينها عبر عقودٍ إعلانية، في الوقت الذي أصبح فيه معلوماً أن القوات تضخ الأموال في النادي.
مصدرٌ قواتي يؤكد طرح شلهوب لهذه الشروط، إضافة الى إصراره على إدخال 4 أعضاء محسوبين عليه من أصل 7 في اللجنة الإدارية، وقد توقّف القواتيون عند اسم جوزف عبد المسيح الذي يثق به شلهوب، معتبرين أن الأخير كان ضدهم في المعركة مع إيلي مشنتف.
إلا أن عبد المسيح، في اتصالٍ مع «الأخبار»، أكد أنه لم ولن يكن طرفاً في أي صراعٍ يحصل داخل البيت الحكموي، آسفاً لتحوّل الإخوة الى أعداء ومقاضاة بعضهم لبعض. كذلك اعتبر أن فكرة عودة شلهوب هي حلّ مناسب للأزمة لأن الأخير «لم يعمل في السياسة أبداً، وقد جاء الى الحكمة عام 2004 في الوقت الذي كان فيه النادي يمرّ بمرحلة صعبة عقب رحيل رئيسه التاريخي أنطوان شويري، وقد رفع شعار «الحكمة لكل لبنان»، مذوّباً التشنجات، وهو الأمر الذي سنعمل عليه مجدداً في حال التوافق على اسم شلهوب، حيث سنطلب من كل المشجعين وضع أعلام أحزابهم خارج الملعب، ثم حملها معهم لدى خروجهم منه، فنحن لسنا ضد أحدٍ سياسياً، لكننا نريد إبعاد السياسة عن نادينا».
ويختم عبد المسيح كلامه بالقول: «الصراع الحاصل لا يفيد أحداً. وبغض النظر عن الرابح، فإن النادي سيخسر كثيراً، لذا أتمنى على الطرفين المتصارعين التفكير بمصلحة الحكمة قبل أي شيء آخر».
وفي ظل الحركة الحاصلة لخلق توافق حول اسم شلهوب تمهيداً لعودته الى رئاسة النادي، فإن فريق مشنتف لا يحبذ هذه الفكرة حتى الآن، وذلك انطلاقاً من أن «والدها» هو الطرف الآخر لا كما أشيع بأن أشخاصاً لهم علاقة وطيدة بالنادي ومحبين له وقدامى من الحكمة يطلبون عودة شلهوب.
لكن مصادر متابعة للملف وحاضرة للاجتماعات الحاصلة تشير الى ان «الكابتن» لن يلعب دوراً سلبياً إذا رأى أن مصلحة النادي هي في ترؤس شلهوب له، وذلك حتى لو أصبح أقوى في الجمعية العمومية، حيث ينتظر دخول 109 أعضاء ينتمون إليه في مرحلة مقبلة، علماً بأن مشنتف يعتبر أنه يمكنه الفوز بأي انتخابات قد تحصل بسبب لمسه تعاطفاً من قسمٍ من الجمعية العمومية معه. أما اللاعب الآخر المؤثر في الجمعية، أي الرئيس السابق جورج شهوان، فهو بحسب فريق شلهوب لا يمانع عودة الأخير ما دام التوجه هو خلق الاستقرار والاستمرارية وتأمين التمويل.
وإذ يستغرب كثيرون الليونة التي يبديها القواتيون تجاه ترؤس شلهوب للنادي بعدما جهدوا لوضع يدهم عليه، فإن هذا الأمر نابع من اعتبارات عدة، أولها بحسب القواتيين أنهم لا يمانعون ترك قيادة الدفة الإدارية لشلهوب ما دامت اللجنة الإدارية محايدة تماماً، حتى إنهم لا يجدون مشكلة في تسمية الأعضاء الثلاثة المكمّلين للأربعة الذين يرتبطون بشلهوب، من قبل المعلنين، إذ إن هذه المعادلة تخلق لهم ارتياحاً مع تأكدهم من أن الطرف السياسي المنافس لن يكون بمقدوره مزاحمتهم في النادي.
لكن لا يمكن إسقاط فكرة أن هذه الليونة ليست بريئة أبداً، إذ إنه بعد تأجيل الانتخابات النيابية، قد تكون القوات اللبنانية وجدت نفسها محرجة تجاه تمويل النادي، وهذا الأمر تؤكده الوقائع، إذ لم يقبض اللاعبون رواتب الشهرين الأخيرين حتى الآن. وما يعزّز هذه المقولة أن واكيم كان صريحاً خلال الاجتماع الذي عُقد في «الأكوامارينا» خلال نهاية الأسبوع، حيث أشار الى أن الحزب في صدد إعادة تقويم الوضع المالي، وتحديداً ما يرتبط بالحكمة، وخاصةً بعدما تبيّن من خلال التدقيق المالي أن «سرقة» حصلت في الفترة الماضية (من دون أن يتهم أحداً بالاسم)، مبدياً تفاجؤه بأن الميزانية قاربت المليونين و400 ألف دولار، وهو رقم لم يكن متوقعاً. كما وعد بدفع راتب واحد من اثنين مطلع الأسبوع الحالي، على أن يؤمّن الراتب الآخر بعد 15 يوماً، وهو أمر لم يحصل!
هدف الاجتماع كان أصلاً مسألة مستحقات اللاعبين، وقد جمع الى واكيم أمين السر مارك بخعازي، واللاعبين رودريغ عقل وإيلي رستم وباتريك عبود، إضافة الى وكيلهم بول عطا الله، وجاد سعادة وكيل اللاعب دانيال فارس، وقد طلب واكيم حضور اللاعبين المذكورين بعدما وصله كلام بأنهم ينوون الرحيل الى فريقٍ آخر لعدم حصولهم على رواتبهم، انطلاقاً من بندٍ في عقودهم يتيح لهم فسخها في حال عدم حصولهم على مستحقاتهم في غضون 30 يوماً من تاريخ استحقاقها، وهو ما سيبحثه أحد الوكيلين مع محامٍ في الأيام القليلة المقبلة.