«دائماً يتحلى بروح عالية. هو لاعب مهم بالنسبة الى الفريق ويمكنه تسجيل الأهداف، إضافة الى أن الكل في التشكيلة يحبّه. نعم أريد الاحتفاظ به». بهذه الكلمات، علّق الفرنسي أرسين فينغر مدرب أرسنال على حسم لوكاس بودولسكي لمباراة «الدربي» أمام فولام (3-1) بتسجيله هدفين، ليمحو كل التقارير التي أشارت الى اقتراب النجم الألماني من الرحيل الى شالكه الألماني على سبيل الإعارة.
وفي الكلمات الأخيرة الكثير من الغرابة، إذ إن لاعباً صاحب سمعة كتلك التي يحملها «بولدي» لا يمكن الاستخفاف به لهذه الدرجة وإرساله معاراً الى فريقٍ آخر، في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون أساسياً في فريقه الحالي. والأهم أن بودولسكي لم يبدأ أساسياً في مباريات كثيرة، لكنه لم يفقد الحافز وبقيت روحه المعنوية عالية جداً وقدّم كل ما يختزنه لفريقه. أضف إن الموسم الماضي لم يكن سيئاً بالنسبة إليه، إذ إن انضباطيته ظهرت من خلال عدم اعتراضه على عدم لعبه كمهاجم صريح، بحسب ما توقّع قبل قدومه الى لندن، وهو رغم ذلك تمكن من تسجيل 11 هدفاً في الدوري الإنكليزي الممتاز.
وما حصل بعد ظهر السبت يعدّ انتصاراً لجماهير أرسنال التي اقتحمت موقع النادي بأعدادٍ كبيرة، تاركة تعليقات رافضة لرحيل النجم الألماني، وخصوصاً أن الفريق لا تنقصه خسارة المزيد من اللاعبين، وتحديداً المهمين منهم. وطبعاً بودولسكي يعدّ واحداً من نخبة لاعبي «الغانرز»، وقد أثبت هذا الأمر أمام فولام بخطورته طوال المباراة، في موسمٍ يحتاج فيه الى اللعب بشكلٍ دائم لكسب مكانٍ في التشكيلة الأساسية لمنتخب ألمانيا، في ظل ظهور أندريه شورله وماركو رويس اللذين ينافسانه الآن على مركزه.
إلا أن الحقيقة الملموسة هي أن أرسنال يحتاج الى بودولسكي أكثر مما يحتاج الأخير الى فريقه، فأسلوبه يتطابق تماماً مع استراتيجية 4-3-3 التي بدأ فينغر باعتمادها، حيث يحتاج الى لاعبين على صورة الألماني وزميله ثيو والكوت. وهنا المقصود لاعبون يجيدون الانتقال من الجناح الى عمق المنطقة لترجمة خطورتهم الى أهداف، وهذا ما يبرع به الاثنان، وذلك كونهما قد بدأ مسيرتيهما كلاعبي رأس حربة ثم وجدا نفسيهما على أحد طرفي الملعب.
وبالتأكيد، يتمتع بودولسكي كما والكوت بسرعة لافتة، ولو أنه فقد بعضاً منها أخيراً، لكنه يبقى من نوع أولئك اللاعبين الذين يعرفون كيفية الهرب من المدافعين وإصابة الشباك. وهذه الميزة تغطي على تلك العلّة التي تترك علامة سوداء في أداء بودولسكي، حيث لا يجيد لعب الكرات العرضية، وهو أمر مبرر كونه يعدّ أصلاً لاعب ارتكاز في الهجوم، وقد اعتاد تلقّف هذه الكرات لترجمتها الى أهداف.
كذلك، تبرز نقطة مهمة في هذا الإطار، إذ يحتاج أرسنال الى المزيد من اللاعبين لا إلى التفريط بهم، وخصوصاً على طرفي الملعب حيث سبق أن باع العاجي جرفينيو الى روما الإيطالي، بينما سيبتعد أليكس أوكسلايد - تشامبرلاين لفترة طويلة عن الملاعب لإصابته. أما الياباني ريو ميايتشي فإنه يحتاج الى الكثير من الخبرة للعب أساسياً وملء مركز بودولسكي الذي بدّل حتى من عقليته كرمى لعيون فينغر، وهو بدا كأنه يقدّم مجهوداً دفاعياً كبيراً يوازي ذاك الذي قدّمه في الهجوم.
أيام قليلة ويقفل سوق الانتقالات الصيفية، حيث اعتاد أرسنال مفاجأة جمهوره، لكن مفاجآته غالباً كانت سيئة، فهل يفعلها مجدداً ويقدم على ضربٍ آخر من الجنون بترحيل بودولسكي بعيداً من «استاد الإمارات»؟