قد يبدو هذا مستغرباً. قليلون جداً من كانوا يصدقون أن نجم برشلونة الأرجنتيني ليونيل ميسي يتمتع بأخلاق سيئة. وبعض من محبيه، ولو رأوا ذلك بأعينهم لحاولوا إيجاد عذر من هنا أو هناك. أفضل لاعب في العالم لأربعة مواسم لا يخرج بشكل الرجل الغاضب أو بشكل الرجل المتعجرف إلا نادراً، فهو غير مسموح له بذلك. إذاً ممنوع على ميسي، وحفاظاً على صورته الإعلامية الظهور بهذا المظهر. إلا أن ساعات الغضب تظهر حقيقة الرجل، وكذا بعض من زملائه في النادي الذين أكدوا أن طبع «ليو» وسلوكه ليس ذاته الذي يراه الناس من خلف الشاشات.
سلسلة من الأحداث المؤسفة لميسي تسيء إلى سمعة هذا النجم، لكن ما يبقى في صالحه هو قوة وقدرة مستشاريه الإعلاميين على لفت النظر من قبل الإعلام الى إيجابياته الكثيرة والتغطية على السيئات.
بعض تصرفاته في عالم الكرة كانت محط جدل لفترة قصيرة. تصرفات لا تشفع لها الموهبة. ففي مباراة إياب «إل كلاسيكو» عام 2011، تعمد «ليو» تسديد الكرة بقوة من مكان قريب باتجاه جماهير ريال مدريد الذين بدا معظمهم من كبار السن، بحسب ما أظهرت الصورة، وذلك لغضبه من عدم قدرة خرق دفاع الريال في تلك المباراة التي انتهت 1-1.
التلاسن بين أي لاعبين في أي مباراة واقعي جداً، لكن ما قام به ميسي بعد التلاسن مع لاعب ملقة الرتغالي دودا كان مفاجأة للجميع. يومها انهالت الصحافة الإسبانية بالنقد عليه وعنونت: «بصق ميسي على دودا». اصطادته الكاميرات أثناء مُجريات اللقاء، لتعيد وتصطاد بصقته مرة أخرى في إحدى مباراتي «إل كلاسيكو» هذه السنة، وكانت بصقته موجّهة الى دكة مقاعد بدلاء ريال مدريد.
هي ممارسات مهينة من قبل لاعب يراه كثيرون قدوة. اللاعب المثال لم تنته تصرفاته هنا، غضبه يأخذه أحياناً للجوء الى العنف. ففي مباراته أمام سلتا فيغو، توجه ميسي بخطى ثابتة نحو جوناثان فيلا محاولاً ضربه، وقد علّق اللاعب السابق لديبورتيفو لا كورونيا البرتو لوكيه في تحليله للمباراة وقتذاك: «هذه اللقطة تستحق الطرد في الشارع، فما بالك وهي تحدث على أرض الملعب».
كل هذا، يضرب ويبصق ويركل ويسدد الكرة على الجماهير، لكن الغريب أنه لا ينال أبداً البطاقة الحمراء.
هذا في الملعب، لكن المفاجئ هو ما يحصل بعيداً عن الأضواء، أي ما حصل داخل مدرسة «لا ماسيا» الكاتالونية التي تتميز بتربية لاعبيها على الأخلاق والتواضع قبل تدريبهم على لعب الكرة. وما سلف ذكره وما سيذكر كشفته شبكة «إل كونفيدونسيال ديجيتال» الإسبانية وقد شكل صدمة أخرى. واستقت الشبكة معلوماتها من مصادر داخل برشلونة، حيث فضحت معاملة «البرغوت» الأرجنتيني لبعض زملائه من اللاعبين. ميسي لا يتردد في الإدلاء بتعليقات مهينة ضدهم أثناء الحصص التدريبية، وحتى إنه في بعض الأحيان تصل الأمور الى الإهانة الشخصية. هم يلتزمون الصمت ولا يشتكون خوفاً من أن تتم معاقبتهم بالترحيل خارج الـ«كامب نو». الرجل قوي جداً، والدليل أنه فرض استقدام مواطنه المدرب جيراردو مارتينو، وهو لن يعاقب في نادٍ غير قادر على التخلي عنه لما يمثل من موهبة قل نظيرها.
لاعبو برشلونة الشبان وهم حارس المرمى أدريان أورتولا والمدافع اليخاندرو غريمالدو والمهاجم جيرارد ديولوفو الذين كانوا في معسكر المنتخب الإسباني تحت 19 سنة الصيف الماضي كشفوا لزملائهم في المنتخب عن السلوكيات المسيئة لميسي. وقالوا: «ميسي كان يعامل زملاءه بشكل مسيء للغاية خلال التدريبات. الضحية المفضلة له كان كريستيان تييو (22 عاماً) قائلاً: «أنت ماذا تفعل؟ إنك جديد هنا ولا تعتبر أي شيء». وأيضاً: «مرر لي الكرة، أنت هنا للعب من أجلي». تييو بدأ يبكي بعد نهاية إحدى الحصص التدريبية متأثراً سلباً بكلمات ميسي، في وقت تجاهل فيه زملاؤه الآخرون، الذين يعتبرون من قادة الفريق الكاتالوني، ما قاله ميسي.
كذلك، لم يسلم التشيلياني أليكسيس سانشيز منه أيضاً قائلاً له: «لا أعرف كيف يمكن أن تكلف الكثير رغم مدى سوء لعبك». كما عانى اللاعب الناشئ إيساك كوينكا ومهاجم أتلتيكو مدريد حالياً دافيد فيا من صراخ ميسي عليهما أمام عدسات الكاميرا!
اللاعب «الأسطورة» الذي طرد بعد ثوان قليلة من لعبه أول مباراة له مع منتخب بلاده عام 2005 بعد تلقيه بطاقة حمراء ضد منتخب المجر، قد يكون «ديكتاتوراً» داخل كاتالونيا وفي الملاعب الأخرى أيضاً. للحظات، قد يكون له الحق في ذلك، أن يكون ديكتاتوراً. فهو من قاد برشلونة الى المجد في الأعوام الأخيرة، لكن ذلك يجب أن يجعل كثيرين يتوقفون عن إلصاق تهمة «خجول وبريء» به، فهو كما ورد في التقارير الأخيرة يبدو سيئاً جداً عندما لا تكون الأمور كما يريدها.



العودة إلى التمارين

عاد ليونيل ميسي إلى التدرب بشكلٍ طبيعي مع زملائه، في إشارة إلى احتمال مشاركته مساء غدٍ في مباراة إياب الكأس السوبر الإسبانية أمام أتلتيكو مدريد (1-1 ذهاباً). ولم يشارك النجم الأرجنتيني في المباراة الأخيرة أمام ملقة التي فاز بها فريقه 1-0، وذلك لمعاناته من ورم في عضلة الفخذ اليسرى جرء إصابة تعرض لها خلال لقاء السوبر ذهاباً.