لم ينسَ أحد تلك الكرة التي أطلقها زين الدين زيدان بيسراه «على الطاير» إلى شباك باير ليفركوزن الألماني ليحمل ريال مدريد إلى لقبه التاسع في دوري أبطال أوروبا عام 2002. ذاك الهدف وكل ما فعله «زيزو» في وقتٍ سابق في مدريد منحاه تأشيرة دخول سريع إلى قلوب جماهير «الميرينغيز» التي لم تعد تتخيّل النادي الملكي من دونه، والأمر عينه ينطبق على القيّمين الذين رأوا في زيدان صورة «الملكي» الذي يمكنه مساعدة النادي، فكان الإصرار واضحاً على منحه أيّ دور إداري أو فني عند اعتزاله اللعب. وزيدان بدوره لم يكن مقصّراً في هذا المجال، فكان ولاؤه واضحاً لريال مدريد وللعاصمة الإسبانية، فلم يغادرها منذ قدومه من يوفنتوس الإيطالي عام 2001 (مقابل 75 مليون يورو)، وهو كأنه رأى مستقبله أمامه؛ إذ اشترى فيلّا قرب مجمّع «فالديبيباس» الذي يستضيف تدريبات ريال مدريد لكي يبقى على مقربة من كل ما يحصل.
كل هذا يأخذنا إلى اعتبار أن زيدان مدريدي قلباً وقالباً، فهو أيضاً لم يكن يريد مغادرة النادي الملكي، بل أراد أن يرسم مسيرة أخرى ضمن ربوعه، فكان قبوله منصب المدير الرياضي عندما عُرض عليه. لكن الذكاء الذي ظهر عليه الجزائري الأصل على أرض الملعب، بدا عليه خارجه؛ فهو لم يتحمّس كغيره من أبناء جيله في دخول معترك التدريب سريعاً عندما عُرض عليه منصب فني. زيدان لم يكن يريد حرق المراحل، وهو لا يزال مقتنعاً بهذا التوجّه حتى الآن؛ إذ بدأ يعمل بهدوء حول «لا كانتيرا» أي أكاديمية النادي، حيث لعب ابنه إنزو، فشرع في تدوين الملاحظات حول المواهب الموجودة كي يُعدّ نفسه لما يمكن أن يكون بين يديه في المستقبل. وفي موازاة هذا الأمر، انغمس في الدراسة لنيل شهادات التدريب، فكان أن حصل على شهادة من المستوى الثاني من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم.
إذاً، يصعد «زيزو» السلم درجة تلو الأخرى من دون أي تسرّع، وهو سبق أن أثبت رؤيته وقدرته على محاكاة اللاعبين. ففي الشق الأول، كانت صفقة استقدامه لمدافع شاب مجهول هو مواطنه رافايل فاران في محلّها. أما في الشق الثاني، فقد نجح في إبعاد البرتغالي كريستيانو رونالدو عن نزواته منذ أن أصبح قريباً من ملعب التدريب ومن مقاعد البدلاء. كذلك كان تأثيره واضحاً في إعادة مواطنه الآخر كريم بنزيما إلى مستواه، حيث يبدو الأخير مرتاحاً نفسياً؛ لأنه يعلم أن بقاءه في ريال مدريد أصبح مضموناً بسبب دعم زيدان له.
الأكيد أنّ زيدان إذا ما طرح نفسه على أي نادٍ أو منتخب، فإنه سيحصل على منصب المدرب فوراً بالنظر إلى الكاريزما التي يتمتع بها، لكن لا بد من الاعتراف بأنّ مدرب ريال الحالي الإيطالي كارلو أنشيلوتي يتمتع بشجاعة كبيرة بمجرد قبوله أن يكون زيدان مساعداً له؛ إذ إنّ غيره كان سيشعر بخطر الأخير على منصبه، وخصوصاً عند إدراكه أنّ جمهور ريال مدريد يُجمع على أن الفرنسي هو الشخصية الأكثر أهمية في النادي بين المدربين واللاعبين.
زين الدين زيدان مدربٌ لريال مدريد. هي مسألة وقت فقط، ولا يقرر ساعة إعلان حصول هذه الخطوة سوى «زيزو» نفسه.



الجزائري ـ الفرنسي أصبح إسبانياً

صحيح ان زين الدين زيدان هو جزائري الاصل ودافع عن الوان فرنسا، لكن هناك في العاصمة الاسبانية يروّج جمهور ريال مدريد أنّ الرجل اصبح اسبانياً مئة في المئة بسبب حبّه فريقهم، والدليل بحسب هؤلاء انه ترك ابنه إنزو يلعب لمنتخب اسبانيا للاعبين دون 15 عاماً، ولم يمانع ان يحمل على قميصه شهرة والدته الإسبانية الاصل، أي فرنانديز.