لم يكن متوقعاً أن يدير اللاعب باسل جرادي ظهره لمنتخب لبنان لكرة القدم، ويبلغ المسؤولين فيه عدم حضوره لخوض المباراتين المصيريتين للمنتخب مع كوريا الجنوبية وميانمار، في 24 و29 الجاري، ضمن التصفيات المزدوجة لكأسي العالم 2018 وآسيا 2019.
فالاتحاد اللبناني للعبة والمسؤولون في المنتخب قاموا بجميع الإجراءات الكفيلة بمشاركة جرادي مع منتخب لبنان. لكن فجأة وجد جرادي أن فريقه الجديد ليلستورم أهم من منتخب وطنه. فجأة قرر جرادي عدم اللعب مع منتخب لبنان، وأفسد ما وضعه المدير الفني المونتينيغري ميودراغ رادولوفيتش من خطط للقاءي كوريا وميانمار، وكان جرادي أحد العناصر الرئيسية فيها.
جرادي فضّل تثبيت قدميه مع فريقه الجديد وعدم اللعب مع المنتخب في مباراتين مصيريتين خوفاً من الإصابة، رغم أنهما تقامان في "يوم الفيفا"، وبالتالي لا يمكن لفريقه النروجي أن يتملص من عقده معه.
شعر اللبنانيون بعد قرار جرادي أن عقداً خارجياً أهم من آمال مئات ألوف اللبنانيين الذين ينتظرون تكرار إنجاز المنتخب والتأهل الى الدور الحاسم لتصفيات كأس العالم، والتأهل للمرة الأولى من باب التصفيات الى نهائيات كأس آسيا.
لكن يا ترى هل يعلم جرادي أن ما سيغامر بعقده له هو منتخب لبنان؟ هل يعلم أن في منتخب لبنان لاعبين يملكون عقوداً أضعاف عقده مع ناديه الجديد الحريص على تثبيت قدميه فيه؟
هل يعلم أن قائد منتخب لبنان هو رضا عنتر الآتي من سنوات من الاحتراف الخارجي في الدرجة الأولى، من ألمانيا الى الصين، ورغم ذلك لم يخَف على عقده، مع أنه في نهاية مشواره الاحترافي ويحتاج الى كل دقيقة احترافية قبل ختام مشواره؟
هل يعلم جرادي أن القائد الثاني لمنتخب لبنان يوسف محمد لم يسأل عن أي عقد وغامر بمستقبله وأصيب مع منتخب لبنان بالرباط الصليبي ليخسر عقداً بقيمة مليون دولار، ورغم ذلك لم يندم أو يُشعر أحد بذلك؟ بل على العكس عمل على التعافي من إصابته وعاد الى منتخب لبنان.
هل يعلم جرادي أن في صفوف منتخب لبنان لاعباً اسمه حسن معتوق محترف منذ سنوات في الإمارات بعقود تناهز مليون دولار، ورغم ذلك لا يتأخر يوماً عن تلبية نداء الواجب الرياضي الوطني؟
والمعلوم أن تعامل الأندية العربية أصعب من تعامل الأندية الأوروبية مع إصابات اللاعبين. فحين يصاب اللاعب في الأندية العربية، حتى لو كان مع منتخب بلاده في "يوم الفيفا"، يتم فسخ العقد معه ودفع مستحقاته.
ماذا سيقول جرادي ووالده الذي له تأثير كبير عليه للبنانيين حين يسألونهما لماذا تخلّيتما عن منتخب لبنان من أجل "حفنة من الدولارات"؟
ألا يحق لأهل بلدة الشرقية في الجنوب أن يفخروا بوجود لاعب من أبناء بلدتهم في صفوف المنتخب؟ أم يكفيهم أن يفخروا بأن أحد أبنائهم يلعب مع فريق ليلستورم؟
كثرت تصريحات جرادي في الآونة الأخيرة حول الإشكال الذي حصل مع رادولفيتش وما قاله الأخير رداً على قرار جرادي، معتبراً أن الأخير خذله وخذل منتخب بلاده، ليذهب جرادي الى حدّ القول إنه لن يلعب مع منتخب لبنان تحت قيادة رادولوفيتش.
لكن مدرب المنتخب لم يكن مخطئاً في قوله، فلاعب فريق ليلستورم خذل لبنان ومنتخبه وجمهوره بالفعل. أمام الكلام عن عدم اللعب تحت قيادة رادولوفيتش فهو يدين صاحبه، خصوصاً أنه في حال أتى للعب مع المنتخب فهو سيلعب لمنتخب بلاده وليس لمنتخب رادولوفيتش. فالأخير موجود اليوم في لبنان، لكن غداً قد لا يكون موجوداً. أما المنتخب فهو حاضر أبداً، وهوية جرادي اللبنانية باقية، إلا إذا استبدلها بالعقد النروجي أو الجنسية الدنماركية.
قميص منتخب لبنان أغلى بكثير من أي عقد، ومن لا يسعى جاهداً لارتدائه لا يستحق أن يُذكر، لا من قريب ولا من بعيد. مع الأمل بأن يعيد جرادي ووالده حساباتهما ويقدّران حجم القرار الذي اتخذه اللاعب، بأن يدير ظهره لمنتخب لبنان.