ابتداءً من صباح اليوم ستصل كرة القدم اللبنانية الى المواطنين بطريقة لم نعتدها، فالنتائج اللافتة للمنتخب اللبناني في التصفيات المؤهلة الى نهائيات كأس العالم 2014 فرضته حالة وطنية بكل ما للكلمة من معنى.من هنا، كان تحرّك الاتحاد اللبناني لكرة القدم لتعزيز العلاقة التي ربطت المنتخب بجميع شرائح المجتمع من متابعين قديمين للعبة او من حديثي العهد الذين اكتشفوا مدرجات ملاعبها اخيراً بعدما شدّهم المنتخب اليها. وانطلاقاً من هذه المسألة، كان الإعداد لحملة اعلانية وطنية لدعوة الشعب اللبناني الى ملاقاة منتخبه بعد ظهر الثلاثاء في المدينة الرياضية.

الحملة بدأت باعلانٍ تلفزيوني شارك فيه افراد المنتخب، وذلك في موازاة اعلانات انتشرت في الصحف للهدف نفسه، وهي ستنتشر ابتداءً من اليوم على لوحات الاعلانات في المناطق المختلفة، حيث سيكون منتخب لبنان رفيقاً للمارّين على هذه الطرقات داعياً اياهم لتحويل وجهتهم نحو المدينة الرياضية في يوم المباراة المرتقبة مع الكويت.
ومما لا شك فيه ان الرياضة اللبنانية لم تشهد حملة مشابهة منذ فترة طويلة جداً، اذ عرفت الشوارع اللبنانية اعلانات رياضية تحيي فريق الحكمة لكرة السلة منذ اعوام ماضية. لكن طبعاً لا تعتبر الرياضة مُنتجاً مثمراً، وبالتالي غابت اي حملة اعلانية رياضية عن تلك اللوحات التي تدرّ الملايين على اصحابها على مدار السنة.
لذا يمكن اعتبار ان الحملة الوطنية لتشجيع منتخب لبنان لكرة القدم تأخذ بعداً آخر، فهي بكل ببساطة توضح الواجب الوطني على كل متابعٍ للرياضة من اجل مؤازرة فريق بلاده الذي يعدّ اولوية عند محبي الاندية المختلفة في كل البلدان الراقية كروياً. وهذا الدعم متعدد الاوجه، ويبدأ على صعيدٍ شخصي من خلال الحضور الى المباراة ومروراً بتشجيع الآخرين على القيام بالامر عينه، ووصولاً الى المساهمة بالمشاركة في عملية دعم المنتخب ومرافقته في نجاحاته من خلال شراء بطاقة المباراة بحيث تذهب كل عائدات المباريات لتمويل المنتخب.
وهذه النقطة تبدو في غاية الاهمية لتأكيد عملية ارتباط المشجعين بالمنتخب، اذ ان دعمهم اساس لاستمراره، وهذا ما كان قد اشار اليه رئيس الاتحاد المهندس هاشم حيدر في حديثٍ تلفزيوني مع الزميل رشيد نصار عبر شاشة «NBN»، ردّاً على ما تردد عن فتح الابواب مجاناً امام الجمهور. هذا الجمهور الذي وقف 25.700 متفرج منه عند شباك التذاكر قبل لقاء لبنان وقطر في بيروت خلال التصفيات المونديالية، وكلّهم اشتروا بطاقة الدخول وسعرها آنذاك مثل سعرها الحالي اي 10 آلاف ليرة، بينما تمّ توزيع حوالي 5 آلاف بطاقة مجانية على طلاب مدارس واطفال من دور الايتام، ليرتفع عدد المتفرجين الى اكثر من 30 الف متفرج، في اكثر المباريات حضوراً جماهيرياً خلال المشوار المونديالي للمنتخب.
وتتوقع الرابطة الوطنية التي تهتم بتنسيق الحضور الجماهيري، ان يتخطى الحضور في مباراة الكويت العدد المذكور مع الاقبال على شراء بطاقات الدخول التي بدأ بيعها بين المدينة الرياضية ومقر الاتحاد في فردان. ففي موازاة الحملة الاعلانية، تعمل الرابطة على تعبئة جماهيرية عبر وسائل مختلفة، تبدأ من مواقع التواصل الاجتماعي، ووصولاً الى روابط المناطق الخاصة بالاندية المختلفة. ولهذه الغاية كان منسّق المنتخب رشيد نصار قد دعا الى اجتماعٍ مع ممثلين عن روابط الاندية تمّ على اثره وضع خطة عمل لحشد الجمهور وضبطه، وخصوصاً ان عين «الفيفا» على لبنان الآن ومبارياته اضحت تحت المراقبة، علماً ان افراد الرابطة سينسّقون مع الاجهزة الامنية بشكلٍ مباشر قبل ان تتحرك هذه الاخيرة في حال حدوث اي اشكال خلال المباراة.
اما الجانب الامني فلم يعد مقلقاً، وخصوصاً ان بعض المشجعين اصيبوا بالخيبة عندما تمّ منعهم، قبل ان يسمح لهم بالدخول، في المباراة الاخيرة مع العراق، وهي مسألة لن تتكرر بحسب القيّمين وسط الاتصالات الجارية مع الاجهزة الأمنية لتأمين كل الضمانات من اجل اخراج اللقاء بأفضل صورة ممكنة.
في اول ايام عيد الاضحى مطلوب من الجميع التضحية في سبيل الوطن ومنتخبه وكرته التي كانت غالباً ضحية للصراعات السياسية في البلاد، فخسرت الكثير قبل ان تكسب أخيراً منتخباً رائعاً وجمهوراً وطنياً. هو يوم عيد وسيكون عيداً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى اذا ما اعطى المنتخب جمهوره القادم من كل المناطق اللبنانية سبباً لاطلاق الاحتفالات في الطريق الى أوستراليا 2015.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem