ذات يوم في عام 2005 خرج «الأسطورة» الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا على معجبيه في مؤتمر صحافي. أراد دييغو ان يشكر جميع من ساندوه ووقفوا الى جانبه في صراعه للتخلص من الادمان على المخدرات. شكر الزعيم الكوبي فيديل كاسترو والرئيس الفنزولي الراحل هوغو تشافيز، لكن الشكر الأكبر الذي وجّهه دييغو كان لمواطنه الثائر إرنيستو تشي غيفارا الذي استمد منه مارادونا القوة للخروج من محنته. هكذا، كشف دييغو عن ذراعه لتتهافت الكاميرات عليها ناقلة الصورة - الحدث الى العالم، صورة وشم تشي غيفارا.
في الواقع إن لرمزية تشي غيفارا مكاناً كبيراً في عالم كرة القدم. الأمر لا يتوقف على دييغو مارادونا وان كان هذا الأخير يعد العاشق الأول والأكبر لمواطنه الثائر، فعشق تشي غيفارا يبدو كبيراً في قلوب لاعبي الكرة الأرجنتينيين دون استثناء. لا بل يصعب أن لا تلتصق صورة غيفارا باللاعبين الأرجنتيين لكأنهم يبدون كمن نالوا شهاداتهم في كرة القدم من مواطنهم الثائر ونهلوا من مدرسته روحية عالية يتسم بها أداؤهم في الملعب عادة، وهذا ما يعبر عنه نجمهم الأول حالياً ليونيل ميسي الذي يقول: «عندما اذهب الى مناطق مختلفة في العالم وأرى قميص الأرجنتين يحمل اسمي ينتابني شعور هائل، كذلك فإن قميص مارادونا وصورة تشي غيفارا يثيران مشاعري».
في الأرجنتين يبدو عادياً مثلاً أن تعثر على ناد يحمل اسم «تشي غيفارا فوتبول كلوب» في العاصمة بوينوس ايريس، فغيفارا هو الرمز وحبيب القلب والأسطورة الخالدة.
عشق تشي غيفارا في كرة القدم يمتد طبعاً إلى كافة أرجاء أميركا الجنوبية حيث إن صوره وقبعته الشهيرة يحضران في ملاعب هذه القارة الصاخبة. حتى في البرازيل غريمة الأرجنتين كروياً ثمة عشق لـ«تشي». فها هو أحد الفرق المغمورة هناك والذي يلعب في الدرجة الثالثة، يأخذ شهرة عالمية واسعة بسبب... غيفارا. فبمجرد أن كشف فريق «مادوريرا إسبورتي كلوب» عن قميصه الجديد لهذا الموسم الذي يحمل ألوان علم كوبا وصورة وجه الثائر الأرجنتيني حتى تهافتت وسائل الاعلام عليه.
قصة هذا الفريق مع غيفارا تتخطى الإعجاب الى حادثة تاريخية حصلت بين الطرفين وتعود لعام 1963 عندما كان «تشي» وزيراً للصناعة في كوبا التي لعب دوراً بارزاً الى جانب كاسترو في الثورة فيها على الحكم الديكتاتوري المدعوم من الولايات المتحدة واستلام السلطة، وكان الفريق البرازيلي وقتها في زيارة للعاصمة هافانا حيث لقي استقبالاً خاصاً من غيفارا المعروف عنه عشقه للكرة وقد زار اللاعبين في الفندق، وأكثر، فقد تابع مباراتهم الأخيرة من بين 5 مباريات خاضوها في البلاد.
اذاً، قميص فريق لكرة القدم يحمل صورة غيفارا. ليس الأمر عابراً على الاطلاق، وهو لم يكن كذلك منذ مطلع الأسبوع عند الكشف عن القميص، هذا ما يؤكده رئيس النادي الواقع في ريو دي جانيرو، الياس دوبا، كاشفاً أن «المعمل الذي ينتج القميص لم يعد قادراً على تلبية الطلبات لكثرتها»، ويذهب الرجل أبعد من ذلك بقوله إن «جماهير الأندية الأخرى تتهافت أيضاً لشرائه».
أما عند الحديث عن العشق لتشي غيفارا خارج أميركا الجنوبية، فإن جمهور نادي ليفورنو الايطالي يعتبر مثالاً في هذا الجانب، حيث لا تغيب الصور الضخمة للثائر الأرجنتيني عن مدرجاته، وقد حظي بلفتة خاصة من نجلة غيفارا، أليدا، التي خصت النادي بزيارة عام 2005 لشكر جمهوره على دوره في حفظ إرث هذا الرمز والأسطورة.



يوم ارتمى الوزير لينقذ الكرة

يُروى ان تشي غيفارا لعب الكرة مراراً في مركز حارس المرمى خلال تنقله في دول أميركا الجنوبية، اما أبرزها فكانت في كوبا عام 1963، حيث لم يتوان وزير الصناعة حينها عن الارتماء على قدمي أحد اللاعبين لقطع الكرة منه، وهذا ما أدهش الجميع.