غزا الشيب رأس راين غيغز. كبر الويلزي. كم تغيّرت ملامح هذا النجم «الأسطوري» في ذاكرة عشاقه بين اليوم وبداية مسيرته مطلع التسعينيات، لكن قلبه ظل ينبض لمعشوق واحد: مانشستر يونايتد. أمس، احتفل غيغز بعيد ميلاده الأربعين. يا لهذه المناسبة. كيف لعاشق كرة القدم أن لا يقف إجلالاً للاعب كهذا يجسد كل معاني الوفاء والمثابرة والطموح والنجاح. كيف لا يصفق المتابع لهذا الويلزي الذي لا يزال يلعب الكرة بهذه السن مع فريق في القمة، واكثر فإنه ظل وفياً لقميص يونايتد طيلة مسيرته في الملاعب. غيغز أعجوبة من عجائب هذه اللعبة. عجائب تعد على أصابع اليدين في عالم الساحرة المستديرة للاعبين بقوا يلعبون الكرة رغم وصولهم للأربعين او تخطيهم لها على غرار النجوم السابقين: الانكليزي ستانلي ماتيوز والبرازيلي ريفالدو والكاميروني روجيه ميلا والياباني كازويوتشي ميورا (لا يزال يلعب في دوري الدرجة الثانية اليابانية) والزامبي كالوشا بواليا والمصري حسام حسن والايطالي باولو مالديني. كيف لا يكون نجم كغيغز أعجوبة، وقد شارك قبل أيام طيلة دقائق مواجهة فريقه أمام باير ليفركوزن في دوري أبطال أوروبا، ما دفع أحد لاعبي الفريق الألماني الى المبادرة خلال اللقاء لسؤال زميل غيغز، واين روني، كيف باستطاعة الويلزي اللعب بهذا العمر، وهو ما لم يجد له «الولد الذهبي» جواباً.
أمس، احتفلت بريطانيا برمتها بالعيد الأربعين لغيغز. الصحف تفننت، كل على طريقتها، في الاحتفاء بهذه المناسبة. كلمات الاطراء وصور الأرشيف انتشرت على الصفحات، اما التهاني بالمناسبة فتهاطلت كالمطر على الويلزي.
يا لذاكرة غيغز، كم تحتوي من مشاهد. هو الذي عاصر أكثر من جيل في يونايتد. زامل الفرنسي ايريك كانتونا والانكليزي ديفيد بيكام والبرتغالي كريستيانو رونالدو والآن واين روني. هو الذي شهد الأفراح الكبرى والخيبات المريرة في 953 مباراة خاضها مع «الشياطين الحمر» كان اكثر من ارتدى فيها القميص الأحمر بتصاميم مختلفة. هو الذي حقق بمفرده ألقاباً في الدوري الانكليزي تعادل ألقاب فريق (أرسنال 13 لقب). هو أكثر من أرهق الأظهرة اليمنى في العالم بسرعته ومراوغاته النادرة على الجناح الأيسر.
صحيح أن غيغز فقد سرعته والكثير من مراوغاته المميزة الآن، لكنه لم يفقد تصميمه وعزيمته اللتين جدد التأكيد عليهما أمس بإعرابه عن استعداده للعب مزيداً من الوقت. اما كلمة «وفاء» فتلك قصة أخرى ونادرة عند هذا النجم تختصرها كلماته: «سأعتزل الآن لو خُيِّرت في الانتقال الى فريق آخر لمواصلة اللعب».