صحيح أن معظم من يتابع كرة القدم يقرّ بموهبة السويدي زلاتان ابراهيموفيتش وقوته. وكما يقرون هم بذلك، يقرّ هو، من دون تردد، بأنه لا يحتاج إلى جائزة الكرة الذهبية لكي يُعرف انه الافضل. ولقد ظهر ابراهيموفيتش بصورة رائعة هذه السنة، إن كان في المباريات التي لعبها مع منتخبه، أو المباريات التي لا يزال يقدّمها مع فريقه باريس سان جيرمان. الجائزة الأهم لدى لاعبين كثيرين، التي يرون فيها هدفهم الأسمى، لا تثير اهتمام «ايبرا»، على عكس باقي المرشحين، من الفرنسي فرانك ريبيري، أو الأرجنتيني ليونيل ميسي، اللذين يتحدثان عن أحقيتهما بها. يبقى البرتغالي كريستيانو رونالدو وحيداً يشاطر ابراهيموفيتش هذا الرأي. الرأي المبني على شعورهما بالظلم في السنوات التي خلت. يبدو هذا منطقياً بعض الشيء. قليلون هم من يؤمنون بأن نيل جائزة الكرة الذهبية بات عادلاً. من «كريس» و«إيبرا»، الى مدرب أرسنال الفرنسي أرسين فيغر، الذي وصفها بالجائزة الظالمة التي تتجاهل مجهود العديد من اللاعبين الذين يقدّمون الكثير من العطاءات خلال السنة. حاول البعض تحفيز ابراهيموفيتش، عبر القول إن لاعباً سويدياً لم يفز بها يوماً، إلا أن هذا لم يعنِ شيئاً له. شخصيته المثقلة بالغرور والتعجرف، ولا شك، الثقة العالية بالنفس أيضاً، تبرران ذلك. كان هذا واضحاً في كتابه «أنا زلاتان»، وفي تصريحاته الشهيرة، التي انعكست حالياً سلباً عليه.
يسخر من كثيرين، من لاعبين جدد وقدامى. أولي هونيس مثالاً على ذلك. الألماني الذي حاز ألقاباً وجوائز، قبل أن يبصر ابراهيموفيتش النور. وبعد خروج منتخب الأخير من الملحق الأوروبي الفاصل على يد البرتغال، رأى «إيبرا» أن كأس العالم المقررة في البرازيل الصيف المقبل تفتقد كل جاذبيتها في غيابه عنها. وابراهيموفيتش خسر محاولته الأخيرة، كما في مونديال 2010، للتأهل الى كأس العالم، إذ إنه في مونديال روسيا 2018 سيكون بعمر الـ 37 عاماً، إلا إذا فاجأ الجميع وفعل عكس ذلك.
«المونديال من دوني شيء لا يستحق عناء المشاهدة». لقد نسي ابراهيموفيتش أن كرة القدم لا تقف على لاعب واحد عابر بين لاعبين. ونسي أن البطولة الابرز في العالم ستكون هي الحدث بحضور النجوم أو في غيابهم. يعد نفسه فوق لعبة كرة القدم، يرى نفسه إلهاً. ومذ بدأ بذلك، برؤية نفسه «إله اللعبة» بدأت تنهال عليه الانتقادات. انتقادات محت مرحلة النضج الكروي التي بلغها في كأس أوروبا الأخيرة، بحسب ما كتبت صحافة بلاده وقتذاك. وفي بلاده الآن، كشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة «إكسبريسن سبورت» السويدية، أن مواطني السويد باتوا يفضلون رونالدو عليه، ويرون فيه أفضل لاعب في العالم.
هو إبراهيموفيتش، القائد الميداني الذي لا غبار عليه داخل الملعب، حيث لا يختلف اثنان على رفعة المهارات التي يتمتع بها. لاعب رائع، ويتمتع بكثير من القوة والمرونة ومن افضل المهاجمين الذين ينهون الهجمة بنجاح، ولاعب صاحب رؤية في تمريراته، كل هذا يحتاج فقط الى القليل من التواضع. مثلما فعل في كأس اوروبا الأخيرة، حيث تحوّل من ذاك اللاعب الذي اعتاد الآخرون اعتباره انانياً ومغروراً الى قوة ملهمة وموحّدة لمن هم حوله، مكّنت لاعبين آخرين من التألق. قليلٌ من التواضع فقط، هذا هو المطلوب.
في تصفيق ابراهيموفتش تكريماً لرونالدو عندما أحرز هدف التأهل على حسابه، كان يستعد نفسياً لتوديع حلم التأهل الى المونديال، والآن عليه أن يستعد نفسياً للتصفيق مرة أخرى لمن سيعتلي المنصة لحمل الكرة الذهبية.

يمكنم متابعة هادي أحمد عبر تويتر | @Hadiahmad