ربما عادت الذاكرة بجماهير أرسنال لموسم 1997 -1998 لا أكثر. وقتها فاز فريق المدرب الفرنسي أرسين فينغر باللقب دون أن يدخل شباكه سوى 17 هدفاً في 38 مباراة، ما زاد من حماسة الجماهير، ومن حماسة الفريق، وصدقوا لأسابيع أنهم أبطال هذا الموسم. قد لا يتعدى الأمر كذلك. لكن لبرهة، في مباراة صعبة، فقد جميع هؤلاء هذا الشعور. الشعور بقوة البطل الذي لا يقهر. تصديق أن دفاعهم أقوى دفاع بات من الماضي الآن. جاء الأسبوع السادس عشر للدوري الإنكليزي، وحل «المدفعجية» ضيوفاً على مانشستر سيتي. سحق سيتي المتصدر 6-3 . وأشعل المنافسة من جديد، وتغيرت توقعات الفائز باللقب لهذا الموسم. خسر أرسنال وأشعلت، كالعادة، المنافسة من جديد على الصدارة مع تشلسي وسيتي وباقي الفرق.
ربما كان التنظيم الممتاز لدفاع أرسنال في المباريات السابقة من أبرز العوامل التي وضعته المؤهل الأول للمنافسة على اللقب الإنكليزي بعد غياب دام أكثر من تسعة أعوام. لكن، على نحو مستغرب، انهار أرسنال في ملعب الاتحاد، وخصوصاً في الشوط الثاني. نال منهم الإرهاق، وانهار اللاعبون بدنياً ليفقدوا تركيزهم وانضباطهم. باتت خطوطهم مفتوحة. طبعاً، المباراة قبل الأخيرة لم تكن سهلة أيضاً أمام نابولي. قد يكون هذا أحد الأسباب التي أثّرت على اللاعبين. أخطاء كثيرة ارتكبها لاعبو فينغر في المباراة. أخطاء فنية أكثر من المسموح. «لا يوجد في كرة القدم ما هو أسوأ من أن تكون متعباً وتلهث وراء تسجيل الهدف». هذا ما قاله فينغر، لكن ذلك لم يكن سبب الخسارة. ما يعرفه الجميع أن فينغر يفضل اللعب الهجومي الجميل بغض النظر عن ماهية خصمه. إن كان قوياً أو ضعيفاً. وينجح هو بذلك. فخطه الهجومي من الأمتع والأكثر حيوية وفعالية. وقد يكون ذلك من أهم أسباب فشله في مبارياته المفصلية. لا ضير من اللعب مدافعاً أمام فريق يعد الأقوى هجومياً في إنكلترا. سيتي الذي يصل معدل تهديفه على أرضه إلى 3 أهداف في المباراة منع أرسنال من فرض أسلوب لعبه.
طوال اللقاء لم يتمكن الويلزي أرون رامسي والألماني مسعود أوزيل من تسديد أي كرة على المرمى أو خارجه. وكان مفاجئاً في إحصاءات المباراة أن عدد تسديدات أرسنال بين الخشبات الثلاث يساوي عدد أهداف مانشستر سيتي في المباراة كلها. عذر اللاعبين هو الإرهاق الذي، للمناسبة، لا يعد عذراً مقبولاً. فسيتي واجه بايرن ميونيخ وفاز عليه 3-2. أما تكتيكياً فاللوم يقع كاملاً على فينغر. فريق فينغر عام 1996 اشتهر بصلابته الدفاعية التي كانت بقيادة قائد المنتخب الإنكليزي طوني ادامز والى جانبه ستيف بولد وعلى الجانبين لي ديكسون ونايغل وينتربيرن، ومن خلفهم وقف الحارس ديفيد سيمان، واستمرت هذه المجموعة معاً حتى مطلع الألفية الجديدة، إلى أن جاء بعدهم سول كامبل وأشلي كول وويليام غالاس وكولو توري. اليوم هاتان المجموعتان لم تعوضا بما يتناسب وحجم الفراغ الذي خلفوه عند رحيلهم. اليوم يوجد في الدفاع الفرنسي لوران كوسييلني ومواطنه باكاري سانيا والألماني بير ميرتساكر والإسباني ناتشو مونريال. وإن تمكن فينغر هذا الموسم من إيجاد التناغم والانسيابية بين المدافعين، إلا أنهم أمام كبار المنافسين لا يكونون على قدر الحمل. العامل الأكثر قوة هو لاعبو الوسط الإسباني ميكيل أرتيتا وماتيو فلاميني إضافة إلى رامزي. اهتزت صدارة الأرسنال، وفتح الأبواب لجميع المنافسين للاقتراب أكثر من الصدارة، لذا، إن أراد فينغر البقاء بالصدارة، فعليه اللعب بشكل أكثر واقعياً أمام منافسيه الأساسيين، مدافعاً بلاعبي الوسط، لا مهاجماً.

يمكنم متابعة هادي أحمد عبر تويتر | @Hadiahmad