عواطف وكلام قاسٍ في آنٍ معاً تطفو عند الحديث مع موسى حجيج او اي مرجع في نادي النجمة حول فكّ الارتباط بين الطرفين بعد فترة مضطربة وصلت فيها الامور الى صدامات بعضها علنية واخرى خفية، لكن النتيجة واحدة، نادي النجمة مُقبل على مرحلة جديدة يمكن ان تتبلور صورتها ابتداءً من الليلة، مع الاجتماع الذي ستعقده اللجنة الادارية التي ستسمّي اللاعب السابق ارمين صناميان على رأس الجهاز الفني خلفاً لحجيج. واذ كانت تسمية أرمين لتسلّم دفة السفينة النجماوية امراً متوقعاً، فان الاحداث تسارعت ليل اول من أمس وتدهورت الاوضاع لدرجة خرج فيها حجيج معلناً استقالته عبر برنامج «Goal» الذي تبثه قناة المنار.

استقالة تختلف بالشكل والظروف عن الاستقالات السابقة التي قدّمها حجيج الى ادارة النادي وجرى رفضها، وهي جاءت بعدما لمس «ملهم» النجمة بعد نهاية الاجتماع الذي جمعه مع الامين العام سعد الدين عيتاني أن شروطه لن تُنفّذ او بالاحرى الشرط الابرز بتوقيف الكابتن عباس عطوي، على خلفية ما ادلى به عبر شاشة «الجديد» بعد اللقاء امام الاخاء الاهلي عاليه الاحد الماضي.
حجيج قال لـ «الأخبار» بهذا الشأن: «لدي بُعد نظر وكنت اعلم رفضهم لشروطي، فاستقلت».
شكل الاستقالة لم يعجب القيّمين على النادي، الذين ذهب بعضهم الى اعتبار أن حجيج عرف في قرارة نفسه أن وصول أرمين يعني ابعاده عن مركز القرار عند نهاية مرحلة الذهاب، وبالتالي اتخذ هذه الشروط كمخرجٍ تلته الاستقالة، وذلك قبل اعلان تعيين المدرب الجديد. وهنا يوضح عيتاني أن حجيج سبق ان تقدّم باستقالته فرُفضت «لكننا تبلغنا الاستقالة الاخيرة عبر الاعلام، وهو امر غير مستحب، وخصوصاً ان تعاملنا مع موسى كان بأفضل صورة، ولم نكن نريد التخلي عنه حتى في هذه الظروف». ويتابع: «حتى قبل مجيء أرمين كان موسى على علم بأننا ننوي استقدام مدربٍ اجنبي بحسب ما ابلغناه عند وصوله الى النادي، وهذا الحديث فُتح مجدداً بعد اللقاء مع الصفاء، لكن حتى عند فوزنا الكبير على العهد كان هناك من يعمل على الدفع نحو استقدام مدرب جديد بهدف التخريب». ولا ينفي حجيج هذا الموضوع، لكنه يصوّب على مسألة بأن هناك من ارتكب الاخطاء واوصل النادي الى هذه المرحلة السيئة، ويريد ان يحمله الآن مسؤولية الاخطاء ويضعه في الواجهة، مضيفاً: «وافقت عند وصولي على قدوم مدرب اجنبي على ان اكون الى جانبه بهدف بناء فريقٍ يحرز البطولات، لكن بعد متابعتهم لطريقة عملي ارتأوا مواصلتي المشوار وحدي، حيث تحمّلت كل الاعباء».
ولدى سؤاله عن معنى الاعباء بالنسبة اليه، يقول: «لم يكن بمقدور اي مدرب اجنبي مواجهة ما عانيته، وهنا لا اتحدث عن الاصابات، اذ تعمّد البعض افشالي، فهناك مافيات غيّبت لاعبين عن مباريات. أضف ان البعض عمل على تحريض اللاعبين على المدرب، والجمهور على المدرب. لقد وصل الامر الى احداث شرخ بين اللاعبين، وقد طلبت هنا من الادارة التدخل، لكن هناك من اراد حصول هذه المشكلات».
ويعطي حجيج انطباعاً لمحدّثه بأن ما يُعمل عليه في الخفاء في قلب نادي النجمة يفوق بكثير ما يخرج الى العلن، وهذا يأتي من خلال كلامه عن وجود اشخاص تعمدوا اغراقه «وذلك عبر اضطلاع كل واحد منهم بدور معيّن، فهناك المخطط، وهناك المنفذ، وهناك من ينصب الكمائن».
الا ان مصادر نجماوية تشير الى ان التفرقة بين اللاعبين لم يسعَ اليها احد، بل ان وجود لاعبين مدللين لدى حجيج اثار امتعاض البعض، وقد تفاقم هذا الموضوع بفعل النتائج السلبية التي سُجّلت في الفترة الاخيرة. ويغمز هؤلاء من ابعاد حجيج لعطوي عن التشكيلة الاساسية للمباراة مع الاخاء، الا ان ردّ حجيج يأتي بحزم وثقة: «كان قراراً تكتيكياً صائباً، والدليل انني حصلت على ما اردته من عطوي خلال اللقاء، بدخوله لتسجيل هدف التعادل. ألا يحسب هذا الامر لي؟».
لكن اكثر ما اثار انزعاج الادارة النجماوية هو تطرّق حجيج الى الشق المالي، الذي عدّ اساءة إلى النادي. وهنا يؤكد عيتاني أن حجيج حصل على كل مستحقاته «اذ لا احد يعمل مجاناً في نادي النجمة، ومن لديه اي مستحقات فليتفضل ويطالب بها».
كلام حجيج في هذا الاطار يتخطى المسألة الشخصية، اذ يذهب الى اعتبار أن طموحات النجمة اكبر من امكاناته، والامكانات الموضوعة في تصرّفه هي ربما للوقوف في المراكز المتقدّمة لا احراز الالقاب التي فجأة اصبحت مطلباً، بعدما تمكن من وضع الفريق في موقف المنافس على اللقب بسرعةً قياسية، برغم اقتناع كثيرين قبله بأنه يستحيل حدوث هذا الامر. ويكشف المدرب المستقيل للمرة الاولى عن ان اللاعبين وخلال 3 سنوات لم يتقاضوا الا مرة واحدة علاوة (Bonus) بقيمة 100 الف ليرة، ويتساءل: «ما الامكانات التي منحوني اياها؟ لقد طلبت معسكراً داخلياً قبل انطلاق الموسم لتدريب الفريق على ملعب ذي عشب طبيعي، ومن خلال علاقاتي الشخصية جلبت عرضاً بمبلغ زهيد قيمته 2500 دولار، لكنهم قالوا انهم لا يستطيعون تأمينها».
لكن لماذا لم تقبل ادارة النجمة سابقاً استقالة حجيج؟
قد يقول البعض انه ما من مدرب غير حجيج يقبل الامكانات التي وضعت له مقابل العنوان الكبير لطموحات النجمة، لكن يقول آخرون ان الخوف من غضب الجمهور كان وراء رفض الاستقالة اكثر من مرة، لكن عندما جرى تأمين انقلاب الجمهور، وتحديداً «تيار موسى» الذي لطالما رفع اللافتات التي تعظّمه لاعباً ومدرباً، كان هناك جرأة على اتخاذ القرار، الا ان عيتاني يسقط هذه المقولة على اعتبار ان «مشروعنا كان مع موسى لفترة طويلة الأمد، وكنا نريده الى جانب اي مدرب اجنبي نستقدمه، ولم نحمّله يوماً وحده مسؤولية النتائج السلبية».
لكن الصورة الواضحة ان اصابع الاتهام الآتية من كل حدبٍ وصوب اشارت الى رجل واحد اخيراً في الملاعب اللبنانية، فذاك «المايسترو» الذي هتف الجمهور النجماوي باسمه بطريقة هستيرية «لم يعد من ذهب» (نسبة الى الأنشودة الشهيرة التي اعتاد مشجعو النجمة اطلاقها لتشجيع حجيج)، وذلك بنظر الذين كانوا على مسافة قريبة منه اخيراً، واولئك البعيدين عنه ايضاً.
قرار حجيج وتقبّل النجمة له يعكسان قناعة بضرورة وقوع الطلاق بين النجماوي الاصيل وفريقه الام، ايذاناً بفتح صفحة جديدة وشقّ طريق نحو مرحلة جديدة لا يريدها القيّمون على النجمة ان تخرج عن خط ثقافة النادي بكوادره البشرية، لذا لم يكن مستغرباً ان يحضر أرمين الى ملعب صيدا البلدي مرتدياً نفس الجاكيت التي ارتداها حجيج امام الاخاء، ففي نهاية المطاف النجمة للنجماويين.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem




رسالة من حجيج إلى جماهير النجمة


وجّه موسى حجيج عبر «الأخبار» رسالة إلى جمهور النجمة، مشيراً فيها إلى ان اكثر ما يحزنه أنه عمل باخلاص وتفانٍ، وكان يسير بالفريق على الطريق الصحيح، قبل ان يأتي اشخاص لضرب النادي، «ففي مكان ما كنت المدرب والاداري واللاعب والاخ بالنسبة الى اللاعبين، وقمت بسد الفراغات الكثيرة، وحاولت تصحيح الامور في كل الزوايا وقدر الامكان، لكن للاسف يد واحدة لا تكفي للتصفيق». واضاف قائلاً: «اغادر النادي وضميري مرتاح. لقد كنت مع النجمة في اصعب الظروف، ولم اتركه ابداً. من كل قلبي اتمنى التوفيق للفريق، وأنا لا احقد على احد فيه». وختم: «اطلب من الجماهير الوفية ألا تترك النادي وحيداً، والاهم ألا تتركه للعصابات التي تريد النيل منه».