مدريد ليست على ما يرام. رغم تصدر فريقها ريال ترتيب الدوري الاسباني بفارق خمس نقاط عن الغريم الأزلي برشلونة، فإن العاصمة الاسبانية تبدو غاضبة وقلقة. كيف لا تكون كذلك وناديها الملكي يسقط السقوط تلو الآخر امام النادي الكاتالوني في معقل الـ«ميرينغيز» التاريخي «سانتياغو برنابيو»؟ السقوط الأخير في الاسبوع الماضي امام ليونيل ميسي ورفاقه في ذهاب ربع نهائي الكأس المحلية فعل فعلته في العاصمة. الكل هناك يتحدث عن جوزيه مورينيو. بات المدرب البرتغالي المثير للجدل، اينما حلّ، هدفاً لسهام المدريديين حتى قبل ساعات قليلة من مباراة الاياب الليلة.
ضاق المدريديون ذرعاً بالخسائر امام الغريم. لم يعودوا يكترثون للدوري الذي يتصدره فريقهم بقدر اهتمامهم بما بات يصح وصفه «عقدة برشلونة المستعصية».
بعض الجماهير البيضاء أطلقت صافرات الاستهجان بوجه الـ«مو» في مباراة اتلتيك بلباو الأخيرة. الصحف شحذت «سيوفها» على المدرب الذي كان اسمه قبل فترة عنوانها الأجمل. بات رأس مورينيو مطلبها بصريح العبارة. هذا على الأقل ما يظهره التسريب الذي حصلت عليه «ماركا» للمشادة الكلامية بين الـ«سبيشيل وان» وسيرجيو راموس وايكر كاسياس ووضعت نصه على غلافها. الصحيفة المدريدية الأخرى «آ س» قامت باجراء تصويت للقراء على سؤال: «هل تتوقع ان يرحل مورينيو في حزيران؟»، وكانت نتيجته حتى ليلة امس 63% أجابوا بنعم و37% كلا. الصحافي سيرو لوبيز أشاع اول من امس وفقاً لمصادر اعتبرها مقربة من المدرب البرتغالي أن الاخير سيرحل عن القلعة البيضاء في الصيف المقبل. اما صحيفة «ال باييس» فكانت سباقة قبل ايام من الـ«كلاسيكو» الاول في الكأس الى الحديث عن وجود خلافات في أروقة «سانتياغو برنابيو» وانقسامات بين اللاعبين مشيرة على سبيل المثال الى ان الألمانيين مسعود اوزيل وسامي خضيرة يتعمدان الحديث بلغة بلدهما أثناء تواجد مورينيو.
هذا غيض من فيض ما يحدث في مدريد قبل ساعات من الموعد المرتقب. الأجواء لا شك مشحونة رغم خروج اللاعبين بتصريحات تعتبر ان لا وجود لخلافات داخل الفريق كما أوضح كل من راموس وكاسياس والبرازيلي مارسيلو.
غير أن هذه الأقاويل لا تحجب حقيقة ان الغيوم تبدو ملبدة كثيراً فوق مدريد. من تابع المباراة الأخيرة امام بلباو أمكنه ملاحظة واقعة حصلت في المباراة لا تبتعد عن الأجواء المحيطة بالملكي حالياً. كان ذلك عندما ارتكب البرتغالي كريستيانو رونالدو خطأ على احد لاعبي الخصوم فنال بطاقة صفراء أفقدته صوابه فما كان من تشابي الونسو الا ان دفعه الى الامام كي لا يكمل مشادته مع الحكم ويُطرد من الملعب، غير أن الـ«دون» لم يستسغ تصرف الونسو وهذا ما بدا واضحاً من نظراته اليه وكان على وشك الاشتباك معه. واقعة تعكس حالة التوتر التي يعيشها اللاعبون ان لم نقل وجود انقسامات بينهم كما زعمت الصحف.
هل مورينيو هو المسؤول فعلاً عن كل ما يحدث؟ الجواب هو نعم. هذا الجواب لا يندرج طبعاً عند مجرد تحميل المدرب مسؤولية حدوث اي مشكل او التعرض للخسارة كما هي العادة، انما يكفي فقط التوقف عند نقطة واحدة تُظهر حقيقة هذا الأمر بعيداً عن كل ما تورده الصحف وتنقله الكاميرات. نقطة تُظهر بالدليل القاطع ان الـ«مو» مسؤول عن تهشم حالة الثقة الحاصلة الآن. نقطة بدت واضحة منذ انطلاق الموسم وتتمثل بعدم الثبات في التشكيلة الاساسية للملكي. الحديث لا يتعلق هنا بالتشكيلة الغريبة التي زج بها «الداهية» في اللقاء الاخير امام برشلونة، بل من يتابع ريال مدريد لا بد ان يحار بالاسماء التي ستنزل الى ارض الملعب قبل أي مباراة للفريق. اذ بغض النظر عن كاسياس والونسو ورونالدو «المقدسون» في التشكيلة، فإن جميع اللاعبين معرضون للابعاد عنها او لتغيير مراكزهم. هذا الامر حدث مع كل هؤلاء اللاعبين دون استثناء: مرة راموس على اليمين ومرة في قلب الدفاع، مرة البرتغالي بيبي في الدفاع واخرى في الوسط، مرة البرتغالي ريكاردو كارفاليو في قلب الدفاع ومرة الفرنسي رافاييل فاران، مرة البرتغالي فابيو كوينتراو على الشمال ومرة مارسيلو، مرة الفارو اربيلوا على اليمين ومرة الفرنسي لاسانا ديارا، مرة اوزيل على اليمين ومرة صانع ألعاب، مرة اوزيل موجود ومرة البرازيلي كاكا او الارجنتيني انخيل دي ماريا او خوسيه كاليخون، مرة الارجنتيني غونزالو هيغواين في الهجوم ومرة الفرنسي كريم بنزيما، اما الطامة الكبرى فتتمثل في مركز الارتكاز اذ مرة نشاهد ديارا ومرة خضيرة ومرة كوينتراو ومرة ستيبان غرانيرو الى جانب الونسو. لا ثبات في تشكيلة الملكي على الاطلاق. لا شك في أن اراحة اللاعبين تبدو ضرورية في موسم شاق وطويل، لكن ما يحدث في ريال مدريد غير مرتبط إطلاقاً بهذه النقطة. ولا يخفى أن الثبات في التشكيلة هو احد المسلّمات لتحقيق النجاح في كرة القدم حيث يؤدي لا محالة الى الانسجام بين اللاعبين، وهذا ما يفتقده تحديداً الونسو في مركز الارتكاز.
الحديث، لا شك، يطول حول هذه النقطة وتشعباتها، لكن الأهم الآن هو موقعة الليلة، والسؤال المطروح: هل يبدو ريال مدريد قادراً على تغيير المعادلة في ملعب «كامب نو»؟
الجواب المنطقي هو أن تحقيق هذا الامر يبدو صعب المنال لأسباب لا تتوقف فقط عند خسارة ريال مدريد على ملعبه ذهاباً حيث يبدو مطالباً بتسجيل هدفين على الأقل للعبور الى نصف النهائي، لكن في قاموس كرة القدم لا شيء يبدو مستحيلاً، ومن يعتقد للحظة أن أي فريق في العالم غير قابل للخسارة ولو على ملعبه يبدو مخطئاً. هنا، يبدو متوقّعاً، او من المفترض اذا صحّ القول، ان مورينيو لن يلجأ الى الحذر المبالغ به امام الغريم كما جرت العادة. هذا الحذر كلّف الفريق كثيراً في مواجهات الكلاسيكو وآخرها في المباراة الاخيرة عندما ارتدّ الفريق الى الدفاع للحفاظ على هدفه بدلاً من وضع الـ«بلاوغرانا» تحت ضغط مضاعف لاقتناص هدف ثان يقتل المباراة، هذا دون التقليل طبعاً من شأن برشلونة. لا شك في أن مورينيو يدرك جيداً ان المجازفة تبدو مطلوبة في مباراة العودة. مجازفة قد يراها كثيرون انتحارية امام فريق بحجم برشلونة وفي ملعب كـ«كامب نو»، وهذا امر لا غبار عليه، لكن من قال ان ريال مدريد لا يملك الأسلحة اللازمة لقلب الطاولة اذا ما تحلى لاعبوه بالشجاعة التي يُظهرونها في الكثير من المباريات امام الفرق الاخرى عند تأخرهم بالنتيجة؟ لكن الاهم من ذلك: يجدر أن تترافق هذه الشجاعة مع انضباطية عالية وتوظيف جيّد للاعبين في مراكزهم.
لا يخفى ان موقعة الليلة تبدو مهمة جداً بالنسبة إلى ريال مدريد واكثر لمورينيو. العودة بنتيجة ايجابية من برشلونة من شأنها كثيراً ان تبرّد القلوب الملتهبة في العاصمة وتعيد المياه الى مجاريها، اما الخسارة، خصوصاً اذا ما كانت كبيرة، فتعني مزيداً من المشاكل او حتى «الدنو من الانهيار العصبي» كما ذهبت الى ذلك مجلة «ليكيب» الفرنسية الشهيرة اول من امس. انهيار سيطاول اولاً رجلاً اسمه: جوزيه مورينيو.



ملاعب اوروبا


في المباراة الثانية الليلة في كأس ملك إسبانيا يلتقي ريال مايوركا وضيفه اتلتيك بلباو (21.00 بتوقيت بيروت) (0-2 ذهاباً)
وفي ربع نهائي كأس إيطاليا، يلتقي الليلة كييفو وضيفه سيينا (18.30) ونابولي مع ضيفه انتر ميلانو (21.45)، وغداً ميلان مع ضيفه لاتسيو (21.45).
وفي إياب نصف نهائي كأس الرابطة الانكليزية، يلتقي الليلة ليفربول وضيفه مانشستر سيتي (21.45) (1-0 ذهاباً)
■ تلقّى بوروسيا دورتموند الألماني ضربة موجعة حيث سيغيب نجمه ماريو غوتزه (الصورة) لمدة تتراوح بين ستة وثمانية أسابيع بسبب معاناته من التهاب في وركه.