شيء ما ليس صحيحاً في كرة القدم في اسبانيا. الجميع غير راضٍ عن الأداء التحكيمي. الأندية الكبيرة والصغيرة، رؤساء الاندية، لاعبون، والمشجعون أيضاً، الكل ضاق ذرعاً بحكام المباريات. سمعة التحكيم الاسباني اصبحت على كل لسان. الكل ينتقدهم، والاتحاد المسؤول عن هذا الامر، دار أذنه الصماء للجميع. من هنا، ليس غريباً ألا نرى الحكام الاسبان يديرون المباريات النهائية أو حتى نصف النهائية في كأس العالم وفي دوري ابطال اوروبا، إذ ان أقوى مباراة حكمها اسباني منذ فترة قريبة كانت نهائي «يوروبا ليغ» في موسم2010-2011 بين بورتو وبراغا البرتغاليين، وقادها وقتها كارلوس فيلاسكو، وهذا كله بسبب الصفات السلبية التي يتّسم بها هؤلاء: من شخصية ضعيفة، إلى تسرع في اتخاذ القرارات وتردد في الوقت نفسه. مرة بطاقة غير مستحقة ومرة هدف صحيح غير محتسب، مرة تسلل مشكوك في صحته...
وإذا أردنا أن نعرض البعض من هذه الاخطاء في هذا الموسم لوجدنا أن آخرها كان في مباراة خيتافي - ريال مدريد في الدوري، السبت الماضي. كان ذلك عندما سدد الجناح الايسر لخيتافي، دييغو كاسترو، كرة من خارج منطقة الجزاء، لكن مدافع ريال مدريد البرتغالي بيبي الموجود في منطقة الجزاء تصدى للكرة بيده وغيّر مسارها، وحينها كان الحكم متموضعاً في مركز جيد لرؤية الحادثة بوضوح، لكنه لم يعلن أي شيء، وأمر باستمرار اللعب، وهذا ما لقي اعتراضاً كبيراً من لاعبي خيتافي. وفي اللقاء نفسه أيضاً، طالب ريال مدريد بركلة جزاء للبرتغالي كرستيانو رونالدو بدا أنها صحيحة.
قبلها بأيام، وفي نصف نهائي كأس الملك بين فالنسيا وبرشلونة (1-1)، حدثت حالة فاضحة عندما كان مهاجم فالنسيا روبرتو سولدادو منفرداً بالحارس البرتغالي جوزيه بينتو وهو في وضع سهل لتسجيل الهدف الاول، إلا أن بينتو أبعد الكرة بيده من خارج منطقة الجزاء، ففاجأ الحكم الجميع بعدم طرده للحارس ولا حتى احتساب ركلة حرة غير مباشرة، مع العلم بأن مدرب برشلونة، جوسيب غوارديولا، اعترف بعد اللقاء بأن حارسه كان يستحق الطرد بسبب هذه اللقطة. وقد انتقد هذا الخطأ أيضاً المتحدث باسم مدرب ريال مدريد البرتغالي جوزيه مورينيو، إيلاديو باراميش، حيث كتب ساخراً على «تويتر»:«قاعدة جديدة في عالم كرة القدم، حارس المرمى يمكنه اللعب بالكرة بيده خارج المنطقة».
وبالعودة إلى ريال مدريد، في مباراته ضد ريال مايوركا، كانت الأخطاء تصبّ في مصلحة الفريق الملكي تارة، وتارة اخرى في مصلحة مايوركا. في المحصلة: ركلتا جزاء صحيحتان لم تحتسبا لكلا الفريقين.
أما في الـ«كلاسيكو» الأخير بين ريال وبرشلونة في إياب ربع نهائي الكأس، فكلام آخر يأتي هنا عند الحديث عن حكم المباراة تيكسيرا فينيتيس الذي أسهمت قراراته الخاطئة في تغيير بعض الأحداث الحاسمة في مسار المباراة، والتي كانت لتساعد برشلونة على التأهل بسهولة، وذلك عندما قام بيبي بدفع التشيلياني اليكسيس سانشيز داخل منطقة الجزاء، ما سبّب إصابة الاخير واستبداله، في الوقت الذي كان فيه هناك أخطاء تحكيمية أخرى من شأنها ان تقلب الطاولة على رؤوس الكاتالونيين، ومنها لمس سيرجيو بوسكيتس الكرة بيده داخل منطقة الجزاء، وهذا ما فعله الفرنسي إيريك أبيدال أيضاً في كرة سيرجيو راموس الخلفية. يذكر أن قرارات فينيتيس التي سبّبت جدلاً كبيراً، خصوصاً بالنسبة إلى لاعبي الملكي وجماهيره، جعلت الاتحاد الاسباني يتخذ قراراً بحرمانه من إدارة أي مباراة يكون ريال مدريد طرفاً فيها.
أخطاء هذا الحكم لا تتوقف عند تلك المباراة، إذ إنه تورط في فضيحة كبرى في موسم 2009-2010 في مباراة فياريال مع برشلونة في إياب الدوري. ففي الدقيقة 63 تلقى بوسكيتس بطاقة صفراء، ثم في الدقيقة 81 تلقى بطاقة أخرى، لكن الحكم صدم الجميع بأنه لم يطرده بل سمح له بالخروج بديلاً!
إذاً، يقف الحكم الاسباني هذه الايام في حالة لا يحسد عليها بتاتاً، ودائماً ما يسبّب مشاكل وأخطاء تحكيمية فادحة وهفوات لا تغتفر تؤثر في مسار المباريات، والمشكلة أنها تزداد مع مرور السنين سوءاً، علماً بأن الأخطاء موجودة في كل البطولات، لكن في إسبانيا باتت تتخطى الحدود «المعقولة».
ما يدعو إلى التعجب أكثر هنا هو أن أنخيل ماريا فيار، رئيس الاتحاد الاسباني لكرة القدم، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس لجنة الحكام في الاتحاد الدولي لكرة القدم، كان قد قدم التهنئة للحكام على عروضهم الجيدة في بطولة كأس العالم 2010، إذ إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا لا يعمل فيار بدلاً من ذلك على تحسين أداء الحكام في بلاده حتى يصبح، على الأقل، موازياً للتحكيم في إيطاليا وإنكلترا؟