لا يخفى أن برشلونة بطل الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا لكرة القدم أخذ حيّزاً كبيراً من الأحاديث الكروية في الأيام الأخيرة، وخصوصاً بعدما ظهر أن فقدانه لقب «الليغا» لمصلحة غريمه ريال مدريد أصبح مسألة وقت لا أكثر بفعل ابتعاد الأخير بفارق 10 نقاط على رأس لائحة الترتيب. وعند دراسة الأسباب التي أدت إلى تقهقر «البرسا» خلف الفريق الملكي، تطفو إشكالية تتحدث عن إمكان الحفاظ على لقب المسابقة القارية، وهو الذي بدا مدربه جوسيب غوارديولا كأنه ضحّى بالدوري ليغازل الكأس صاحبة الأذنين الطويلتين، وذلك عندما أدرج تشكيلة جلّها من اللاعبين الاحتياطيين في المباراة أمام أوساسونا السبت الماضي، ما أدى إلى خسارته واتساع الهوة بين فريقه والريال.
لكن الحقيقة أن الأسباب عينها التي قلّصت من حظوظ برشلونة في الدوري المحلي هي نفسها قد تكون وراء إقصائه من دوري الأبطال، رغم أن هذا الأمر مستبعد في هذه الفترة المبكرة من المسابقة. فمن دون الأخذ في الاعتبار سوء أرضية الملعب ودرجات الحرارة المتدنية وبعض الإخطاء التحكيمية، لم تكن هذه الأساس في خسارة «البرسا» في تلك الليلة، بل كانت التشكيلة التي لعب بها غوارديولا.
وهنا يطرح سؤال عمّا إذا كانت الخيارات الفنية للمدرب الفذ في تلك الليلة هي وراء الهزيمة، والجواب طبعاً هو لا؛ إذ إن الخطة التي بُني عليها الفريق هذا الموسم لم تسعفه في اللحظات العصيبة والحرجة؛ أي عند حاجته لإبقاء نوعية اللعب المميّزة التي اعتاد تقديمها، وذلك في موازاة تحقيق النتائج الكفيلة بحصد النقاط.
وهذه المسألة لا يبدو أنها موجودة في فريق غوارديولا، والسبب أن سياسة التعاقدات في النادي الكاتالوني بدت كأنها لم تكن موجودة على الإطلاق؛ إذ رغم استقدام سيسك فابريغاس والتشيلياني أليكسيس سانشيز، فإن الفريق كان بحاجة ماسّة إلى المزيد من التعزيزات لتكون لديه ذخيرة كافية عند حصول غيابات بداعي الإيقاف أو الإصابة. والأكيد أن «البرسا» سيدرك سريعاً أنه أخطأ على هذا الصعيد؛ إذ إن المزيد من اللاعبين الجدد كانوا سيعودون عليه بمردودٍ أكبر، والدليل أن فابريغاس وسانشيز كان لهما تأثير إيجابي كبير في مباريات مهمة عدة.
وهنا قد يأتي البعض ليقول إن غوارديولا لم يكن بحاجةٍ إلى لاعبين آخرين في ظل وجود كمٍّ هائلٍ من الشبان القادرين على حجز مكانهم في التشكيلة الأساسية، لكن تبيّن أن هذا الأمر ليس صحيحاً؛ إذ رغم ظهور سيرجي روبرتو وإيساك كوينكا وكريستيان تيلو بمستوى طيّب، فهم يحتاجون إلى المزيد من الخبرة لتعويض اللاعبين الأساسيين.
وفي هذا السياق، تبرز مشكلة «البلاوغرانا» في شقين أساسيين؛ إذ في الشق الأول يمكن القول إنه جمع أفضل لاعبي خط الوسط في العالم معه بعد وصول فابريغاس، لكنه لم يقم بأي خطوة لتعزيز خط دفاعه الناقص عدداً أصلاً، فلا بديل للثنائي كارليس بويول وجيرارد بيكيه، لذا كان من الطبيعي مثلاً أن يفقد الأخير تركيزه أمام أوساسونا، وهو الذي لعب عدداً هائلاً من المباريات، ما أرهقه ذهنياً. أما السياق الثاني، وهو الأهم إذا تحدثنا أوروبياً حيث كل هدفٍ الآن يُعَدّ ثميناً جداً في رحلة الأدوار الإقصائية، فإن الفريق لا يضم حالياً أي لاعب رأس حربة صرف بعد إصابة دافيد فيا وعدم استقدام بديلٍ له في فترة الانتقالات الشتوية؛ إذ يفضّل غوارديولا أحياناً إسناد المهمة إلى النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي لا بديل له أيضاً. لذا، إن أفضل الحلول الآن هو الدعاء للأخير بأن يبقى في أمان.