لا يخفي أحد أن باريس سان جيرمان حاز الاهتمام الأكبر في الإعلام الفرنسي والعالمي وعند المتابعين منذ الصيف الماضي، إذ إن وصول أسماء كبيرة الى الإدارة والجهاز الفني وتشكيلة اللاعبين، جعل نادي العاصمة كأنه لا ينتمي الى الدوري الفرنسي، وطبعاً كل ذلك بسبب تسلحه بالبترول القطري الذي مدّه بـ«شيك على بياض» بغية إحراز اللقب.
لكن هناك بعيداً من باريس، لم ينفق مونبلييه الملايين، ورغم ذلك وضع نفسه في موقفٍ قوي للمنافسة على البطولة، وذلك بفضل تشكيلة متماسكة وقوية كان غالبية عناصرها مع بعضهم منذ عودة الفريق الى الدرجة الأولى في 2009. ومن دون شك ذاك التناغم والروح الجماعية بينهم جعلاهم يتميّزون بأمورٍ عدة لا تملكها فرق عدة، ومنها باريس سان جيرمان الذي يعتمد على مجموعة من النجوم المختلفي الجنسية الذين يقطفون النتائج للفريق بمجهودٍ فردي في مباريات عدة بعيداً من اللعب الجماعي.
لذا، لا ضير من القول إن مونبلييه الذي يبتعد بنقطةٍ واحدة فقط عن باريس سان جيرمان المتصدر يمكنه هزيمة الأخير في أمسية الأحد في عقر داره «بارك دي برانس» ليردّ على خسارته المريرة بثلاثية نظيفة ذهاباً على ملعبه.
وهناك في مونبلييه، بدأت الجماهير تفكّر بأبعد من مباراة الأحد، إذ إن خضة تهزّ النادي حالياً وهي قد تشوّش من دون شك على أداء المفاتيح الأساسية في الفريق، والسبب في هذا الأمر يعود الى هجمة أندية كثيرة لخطف نجومه، وتحديداً أوليفييه جيرو والمغربي يونس بلهندة ومابو يانغا ـــ مبيوا. ففي خلال هذا الموسم الرائع لمونبلييه، كان الثلاثي المذكور العمود الفقري للفريق ووراء لمعانه بشكلٍ غير متوقع. واللافت أيضاً أن هذه الأسماء لم يكن يتوقع لها أيضاً أن تبرز على الصعيد الفردي، بيد أنها قلبت التوقعات، إذ إن جيرو مثلاً يتبوأ صدارة ترتيب الهدافين بـ 16 هدفاً، كل واحدٍ منها أجمل من الآخر، وكان وراءها في حالات كثيرة بلهندة ويانغا ـــ مبيوا، فاستحقوا بالتالي لقب «مثلث الرعب».
من هنا، تقاطر الكشافون الى «ستاد دو لا موسون» لمتابعة النجوم الثلاثة، فأخذت تطفو في الإعلام أنباء عن صراع بين بايرن ميونيخ الألماني وأرسنال الانكليزي على خدمات جيرو، وقد انضم إليهما أخيراً توتنهام هوتسبر ونيوكاسل يونايتد الانكليزيان.
وحده ذاك الرجل السمين الذي يكسو الشعر الأبيض رأسه، والذي عُرف عنه منذ زمنٍ بعيد كيفية دفعه بالمواهب الناشئة القادمة من أكاديمية النادي الى الفريق الأول، لا يبدو قلقاً وكأنه يعرف أن خزان مدرسة النادي مليء بمن يمكنهم التعويض. إنه لويس نيكولان الذي يرأس مونبلييه منذ عام 1974 وعاش معه كل المراحل في السراء والضراء، فهذا الرجل المحنّك عرف دائماً الطريق الى الخلاص والنهوض من جديد عبر المواهب الصغيرة التي استقطبها الى ناديه وعمل مع مدربيه على صقلها.
الغريب أن «لولو» نيكولان لا يجد أي مشكلة في ترك لاعب رائع مثل جيرو مثلاً، علماً بأن الأخير الذي ردّد دائماً أنه يطمح الى اللعب في مسابقة دوري أبطال أوروبا قد يبقى في نهاية الأمر مع مونبلييه في حال تمسّك الفريق على الأقل بالمركز الثاني المؤهل الى المسابقة الأوروبية الأم.
لكن نيكولان قد يرضخ مجدداً أمام إغراءات الـ«بيزنس» فهو يعرف تماماً أن جيرو سيجلب مبلغاً كبيراً لخزينة النادي، على غرار ما هو عليه الأمر في حالة يانغا ـــ مبيا، وهو الوحيد الذي أفصح علناً عن رغبته في الرحيل، وبلهندة الذي قال الرئيس إنه الأغلى في النادي بفعل المركز الحسّاس الذي يشغله، إذ في كل يوم يمكن أن تجد مدافعاً صلباً أو مهاجماً هدافاً، لكن موهبة فطرية كتلك التي يتمتع بها المغربي لا يمكن تعويضها بسهولة.
صحيح أنه ليس هناك أي شيء أكيد حتى الآن، لكن سوق الانتقالات الصيفية قد تدمّر ما بناه المدرب رينيه جيرار منذ 2009، والأكيد أن هذا الأمر سيحصل في حال فوز مونبلييه على باريس سان جيرمان مساء غدٍ، إذ ستصبح هذه الأسماء أكثر جاذبية لكشافي الفرق الأوروبية الذين سبق لهم أن حجزوا مقاعدهم في «بارك دي برانس».



جيرو إلى «الديوك»

بعد تألقه الكبير، بدأت وسائل الإعلام المحلية تطالب مدرب منتخب فرنسا، لوران بلان، بمنح الهداف أولفييه جيرو فرصة لحجز مكانٍ ضمن تشكيلة «الديوك» التي ستخوض كأس أوروبا، وخصوصاً أنه تفوّق على مهاجمين دوليين، على رأسهم كيفن غاميرو.