لا يمكن وصف حالة التأهب التي كانت تعيشها كل من فرنسا وألمانيا عشية مباراة منتخبي البلدين الودية في بريمن الألمانية. التاريخ حضر بقوة في البلدين: في فرنسا، رغم أن التقارير الصحافية ركّزت على تطور المنتخب الألماني وبعضها حلّل أسباب هذا التطور، ورغم تصريحي «ابن البلد» ميشال بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ولوران بلان أو الـ«بريزيدان» مدرب الـ«ديوك» اللذين اشادا فيهما بالـ«مانشافت»، فإن الفرنسيين لا يزالون يرفعون شعارات الثأر من الألمان. ثأر لم يعرف طريقه إلى النهاية، وهو يعود إلى عامي 1982 و86. في نصف نهائي مونديال 82، وتحديداً في إشبيلية الإسبانية، سطّر الألمان فوزاً مثيراً على رفاق بلاتيني بركلات الترجيح بعد تعادل 3-3 قلب فيه الألمان تأخرهم في الوقت الإضافي 1-3 إلى تعادل 3-3 في الدقائق الأخيرة.
أما في 1986 في غوادالاخارا المكسيكية، فقد لدغ الألمان الفرنسيون ثانية في نصف النهائي بهدفي رودي فولر وأندرياس بريمه. هو ثأر ضد مواطني «جزار إشبيلية» أو الحارس الألماني هارالد شوماخر الذي وجّه ركلة شهيرة ومخيفة خلال مباراة الـ 82 إلى باتريك باتيستون كانت كفيلة بأن تفقده أسنانه بمجملها.
في الطرف المقابل، كان الألمان يتحيّنون الفرصة بدورهم أيضاً لاسترداد اعتبارهم أمام الفرنسيين الذين أسقطوهم في جميع المباريات الودية منذ عام 1990 باستثناء واحدة في 2005 في «استاد دو فرانس» انتهت بالتعادل 0-0، أضف إلى أن فرنسا تتفوق على ألمانيا في مجمل المباريات الودية والرسمية بواقع 10 انتصارات (قبل انتصار أمس) مقابل 7 هزائم و6 تعادلات. شعار واحد رفعه الألمان قبل المواجهة: نريد رأس الفرنسيين، وذلك بعد أن أسقطوا جميع المنتخبات الكبرى في العامين الماضيين باستثناء تعادل مع إيطاليا.
النتيجة: ذهب خوف الفرنسيين أدراج الرياح. واصلت فرنسا عقدتها للألمان في المباريات الودية وثأرها من الأخيرين. لكن الثأر كان هذه المرة بنكهة مختلفة. ليلة أمس، خلنا للحظات أن المباراة تقام على «استاد دو فرانس» أو «بارك دي برانس» أو «فيلودروم» في فرنسا، لا في ملعب «فيزر شتاديوم» في ألمانيا.
في الواقع، قدمت فرنسا أحد أجمل عروضها منذ اعتزال زين الدين زيدان: انضباط تكتيكي عالٍ وتنظيم على أعلى مستوى.
ليلة أمس، عرف لوران بلان كيف يقرأ فكر يواكيم لوف: ضغط عالٍ من منطقة دفاع ألمانيا أربكت الأخيرة وهجمات مرتدة سريعة إضافة إلى إيجادة لعب المثلثات والثنائيات ـــــ التي تميز بها الألمان أخيراً ـــــ على أعلى مستوى. باختصار، لعبت فرنسا لعبة ألمانيا.
أمس، غاب ريبيري عن الإبداع، لكن سمير نصري كان حاضراً، وكذلك ماثيو فالبوينا وأوليفيه جيرو وماثيو ديبوشي أيضاً. هذا الأخير، كان مصدراً لهدفي فرنسا في اللقاء عبر توغلين عن الرواق الأيمن حيث لعب في الأول تمريرة إلى جيرو الذي تابعها بين قدمي تيم فيزه، وفي الثاني لعب الكرة إلى البديل فلوران مالودا الذي تابعها بسهولة في الشباك الألمانية.
أما الدفاع الفرنسي، فبدا قوياً جداً ومتماسكاً إلى أبعد الحدود بقيادة فيليب ميكسيس وعادل رامي اللذين قطعا الماء والهواء عن الهجوم الألماني، سواء كان ميروسلاف كلوزه أو حتى بديله ماريو غوميز.
في الواقع، يصعب إيجاد البطل في الجانب الفرنسي في مباراة أمس، الجميع أبدعوا، لكن الأهم أن فرنسا وجدت لاعباً يحمل مواصفات القائد والملهم في الميدان، ونعني هنا سمير نصري الذي صال وجال كيفما شاء في الوسط وخلخل الدفاعات الألمانية بمراوغاته وتمريراته الساحرة.
في الجانب المقابل، بدت ألمانيا شبحاً لذلك المنتخب الذي أرعب أوروبا والعالم في السنتين الأخيرتين والذي سطّر الانتصارات الضخمة على الأرجنتين وإنكلترا والبرازيل وهولندا. غريب ما كان عليه حال الألمان، لا بل مخز: ضياع تام وتفكك فاضح وغياب للانسجام والانضباط التكتيكي الذي اشتهر به لاعبو الـ«مانشافت» دائماً وأبداً.
في حقيقة الأمر، لا يشفع لألمانيا تسجيل كاكاو هدفها الوحيد لكي لا تكون النتيجة أفدح، ولا غياب العديد من نجومها كالقائد فيليب لام ومانويل نوير ولوكاس بودولسكي وباستيان شفاينشتايغر (وإن كان غياب هذا الأخير تحديداً قد ترك أثره الكبير في وسط الميدان)، ذلك أن أي منتخب معرّض لأن يفقد لاعبين أو ثلاثة أو أكثر في المناسبات الكبرى ككأس العالم وكأس أوروبا. من هنا، جاءت هذه المباراة اختباراً حقيقياً لألمانيا في هذا الإطار، فبدا بعض اللاعبين بحاجة إلى مزيد من الخبرة الدولية كماركو رويس، فيما بدا غيره لا يليق بارتداء قميص ألمانيا كدينيس أوغو الذي مرّ عبره الهدفان الفرنسيان، فيما لا تزال ألمانيا تعاني من ضعف في قلب دفاعها الذي بدا تائهاً بالأمس.
أمس، استحق لاعبو فرنسا الفوز بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، أما لاعبو ألمانيا فاستحقوا صافرات الاستهجان التي أطلقها جمهورهم باتجاههم!



فأل سيئ!

يبدو أن رحيل الإيطالي فابيو كابيللو وتسلّم جو هارت شارة القيادة كانا فألاً سيئاً على إنكلترا؛ إذ سقطت أمام هولندا 2-3 على ملعب ويمبلي، حيث من شأن هذه الخسارة أن تسرّع في بحث الإنكليز عن خليفة لكابيللو.