يختلف كثيرون بشأن هوية الفريق الأكثر إثارة في الدوري الألماني حالياً، وقد زاد هذا الخلاف أخيراً بعدما بدأت الماكينة الهجومية لبايرن ميونيخ تفتك بالخصوم في ملعب «أليانز أرينا» الخاص بالنادي البافاري، وبعيداً منه. وهناك من يقول إن البايرن هو لا محالة الفريق الأكثر جاذبية في ألمانيا في الوقت الحالي، وهناك من يعارضه، مشيراً إلى أن بوروسيا مونشنغلادباخ صاحب المركز الثالث الذي وقف نداً عنيداً لبايرن وبوروسيا دورتموند، هو من يستحق التحية، بفعل العروض المثيرة التي قدّمها بقيادة نجمه الصاعد ماركو رويس، وخصوصاً أن نقلة رهيبة عرفها الفريق العريق هذا الموسم بعدما أفلت من الهبوط إلى مصاف أندية الدرجة الثانية في نهاية الموسم الماضي بفارق نقطتين فقط.
إلا أن هناك من يعارض الرأيين المذكورين، مشدداً على أن بوروسيا دورتموند حامل لقب «البوندسليغا» هو الفريق الأكثر جدارة بالاهتمام والمتابعة، وهذا ما تثبته الأرقام التي توضح أن الفريق البطل لم يتذوق طعم الهزيمة في 20 مباراة على التوالي في البطولة المحلية (رقم قياسي للنادي)، وتحديداً منذ خسارته أمام هانوفر (1-2) في 18 أيلول الماضي ضمن المرحلة السادسة. ويذهب مؤيدو دورتموند إلى اعتبار أن هذا الرقم هو دليل قاطع على أن فريقهم هو الأكثر ثباتاً في المستوى بين الفرق كلّها في أوروبا، وهو أمر يقلق طبعاً بايرن ميونيخ الذي قد يصاب بالإحباط إذا قرأ إحصائيات دورتموند، ما يعني أنه سيكون من الصعب عليه جداً تقليص فارق النقاط الخمس الذي يفصل بينهما حالياً.
الحقيقة هي أنه ليس بالغريب أن يشعر بايرن بالقلق، ولو أن دورتموند سقط في فخ التعادل السلبي أمام أوغسبورغ في المرحلة الماضية، وفاز بصعوبة على فيردر بريمن (1-0) في نهاية الأسبوع؛ إذ إن فريق المدرب يورغن كلوب عاد ليظهر بالمستوى عينه الذي جعله يستعيد درع «البوندسليغا» بعد غيابٍ طويل عنه. لكن ما قد يمكن أن يراهن بايرن عليه، هو شبه المشكلة الهجومية التي يعانيها الفريق الأصفر والأسود لناحية إهدار العديد من الفرص، رغم معرفة تشكيل الخطورة على مناطق الخصم، والدليل على هذه المقولة أن دورتموند لم يتمكن من الفوز بأكثر من فارق هدفٍ أو هدفين في انتصاراته السبعة الأخيرة.
هذه النقطة لا يبدو أنها تشغل بال كلوب كثيراً، لكون النقاط الثلاث هي المطلوبة بغض النظر عن النتيجة، وخصوصاً أن فريقه يبدو قادراً على فعل هذا الأمر في كل مباراة بسبب تحرك المجموعة على أرض الملعب وكأنها وحدة عسكرية هجومية، وذلك بقيادة الياباني شينجي كاغاوا الذي عاد في الوقت المناسب، وكيفن غروسكرويتس والبولوني روبرت ليفاندوفسكي ومواطنه جاكوب بلاتشيكوفسكي الذي ملأ الفراغ في مركز النجم ماريو غوتزه المبتعد بسبب الإصابة. لذا، لا يمكن أبداً إسقاط مسألة استمرار دورتموند في الحفاظ على رصيده خالياً من الهزائم مع عودة غوتزه، وهو أمر مرجح؛ إذ إن الفريق نسي الفترة المضطربة التي مرّ بها في بداية الموسم الحالي، لا بل عرف الاستفادة من المحطات المخيّبة، وأهمها الخروج مبكراً من دوري أبطال أوروبا. وهذه المسألة كانت شبه حاسمة في ما أصابه دورتموند أخيراً؛ إذ ارتاح اللاعبون من الإرهاق الذهني والبدني الناتج من المحاربة على أكثر من جبهة، تاركين للمنافس الأساسي بايرن ميونيخ هذا الحمل الثقيل؛ لكونه لا يزال في المسير ضمن المسابقة الأوروبية الأم، إضافة إلى مطاردته لدورتموند في الدوري المحلي، ورصده بلوغ المباراة النهائية لمسابقة كأس ألمانيا التي تأهل إلى دورها نصف النهائي.
رهان بايرن يبدو الآن منصباً على أن نقطة قوته في ترجمة الفرص إلى أهدافٍ كثيرة، هي نقطة ضعف عند دورتموند المرتبك في أحيانٍ عدة أمام المرمى، لكنها مسألة لا يمكنه الاعتماد عليها بنحو قاطع عندما يحل ضيفاً على غريمه في مباراة قد تكون حاسمة في 11 نيسان المقبل؛ إذ لا يختلف اثنان على أن خط دفاع دورتموند الذي يقوده الدوليان ماتس هاملس ومارسيل شميلتزر قادر على تكسير الموجة الهجومية العاتية للبافاريين التي يحدثها الفرنسي فرانك ريبيري والهولندي أريين روبن والعملاق ماريو غوميز.
بوروسيا دورتموند سيحرز لقبه الثامن. هذا ما يجزم به مشجعوه في الفترة الحالية؛ إذ إن كل فريق في العصر الحديث تمكن من التربع على الصدارة بفارق خمس نقاط أو أكثر في هذه المرحلة من الموسم خرج متوّجاً في نهاية المطاف.



إنذار بافاري إلى أوروبا

يبدو التفاؤل كبيراً في المعسكر البافاري هذه الأيام؛ إذ قال كابتن بايرن ميونيخ، فيليب لام، إن القوة التسجيلية التي أظهرها فريقه هذا الموسم تشير إلى أنه قادر على إسقاط أي كان في أوروبا. وأضاف: «عليك أن تأخذ فرصك وتستفيد منها، وهذا ما حصل معنا في المباريات الثلاث الأخيرة، ما يعني أننا متناغمين ونشعر بثقة كبيرة».