ليلة الأربعاء الماضي كانت جميع الانظار متّجهة الى الارجنتيني ليونيل ميسي ليخطف الاضواء كالعادة، وذلك خلال مباراة برشلونة الاسباني وميلان الايطالي في ذهاب ربع نهائي دوري ابطال اوروبا. لكن بعد انتهاء المباراة كان «العجوز» اليساندرو نيستا هو رجل المباراة بكافة المقاييس. نيستا كان بطل الـ «سان سيرو» ليلتها. لا يمكن تخيُّل ما فعله هذا النجم في الدفاع وامام امهر لاعبي العالم وهو في سن الـ36. تدخلات اكثر من رائعة وقوة شكيمة لا مثيل لها وهدوء منقطع النظير. هو نيستا «المدافع الانيق» كما وُصف و«الجلاد» كما لُقب. مدهش ما فعله نيستا الأربعاء خصوصاً بعد الاقاويل الكثيرة التي اعتبرت انه انتهى. في الواقع، من تابع المباراة الاولى لميلان في الدوري الايطالي امام لاتسيو، الفريق السابق لنيستا، كان ليصدق تلك الاقاويل بالفعل، حيث بدا حينها نيستا شبحاً لذاك المدافع الذي أوقف أهم المهاجمين في الملاعب، هو المدافع الذي وصفه نجم الدفاع السابق فرانكو باريزي في احد الايام بـ«الاروع في العالم» وبأنه «اساس بناء اي دفاع إذ بدونه يكون الاساس ضعيفاً»، في حين قال عنه «ملك» الكرة البرازيلي بيليه: «لو كان لدى البرازيل مدافع كنيستا لاستطعنا الفوز بكؤوس العالم جميعها»، اما مدرب انكلترا السابق، السويدي زفن غوران إريكسون، فقال عنه: «اذا كان لدي مدافع مثل نيستا فإني استطيع ان العب به وحيداً في قلب الدفاع»، لكن في مباراة لاتسيو تلك لم يستطع «الجلاد» الوقوف إطلاقاً في وجه الالماني ميروسلاف كلوزه الذي استطاع تخطيه في طريقه لتسجيل الهدف الاول بطريقة بدت معيبة بحق لاعب بحجم نيستا. وقتها شُحذت السكاكين بوجه «الجلاد» وطالب كثيرون برأسه معتبرين انه لم يعد يليق بفريق بحجم ميلان.
من قال ذلك عن نيستا وقتها لا شك في أنه يعض الآن اصابع الندامة بعد مباراة برشلونة الاخيرة. ما قدمه نيستا امام النادي الكاتالوني دفع حتى يوفنتوس الى السعي لضمه رغم تقدمه في السن، هذا ما طالعتنا به صحيفة «كورييري ديللو سبورت» امس معنونة: «أمر لا يصدق: نيستا الى يوفي»، مشيرة الى ان نادي «السيدة العجوز» يرغب في الظفر بخدمات نيستا الذي اشرف عقده على الانتهاء مع ميلان وقد اوكل المهمة الى زميل الاخير السابق في الـ«روسونيري»، اندريا بيرلو، لاعب الـ«يوفي» الحالي، لاقناع نيستا بالمجيء الى مدينة تورينو.
هذا الخبر الذي اعتُبر مفاجئاً بالامس في ايطاليا نظراً لتقدم نيستا في السن، هو الذي صرح قبل فترة بأنه لم يعد قادراً على المواصلة وبأن كل شيء في جسده تحطم، يكفي للدلالة على قيمة هذا المدافع العالمي قبل كل شيء. طلب يوفنتوس لنيستا يُفسر من زاوية واحدة بالنسبة لابناء مدينة تورينو: نريد ان يمر هذا النجم في تورينو. ان يسجل التاريخ ان نيستا لبس قميص يوفنتوس أيضاً. شرف كبير لنا ان يرتدي نيستا زي الـ«يوفي».

قصة نيستا مع كرة القدم

بدأ نيستا مسيرته في شوارع حي سينيسيتا في العاصمة الايطالية روما، هناك حيث كان يلعب الكرة بشغف مع اصدقائه. تشجيع الاهل وخصوصاً الاب هو من قاد «الجلاد» الى ان يتعلق اكثر فأكثر بهذه اللعبة الشعبية، وكان بوابة عبوره الى احتراف هذه المهنة بعيداً عن صفوف الدراسة. في عام 1985 التحق بفريق الناشئين في لاتسيو حيث تدرج الى فريق الشباب ومن ثم الى الفريق الاول عام 1993. المفارقة ان تعرُّف جماهير لاتسيو الى نيستا كان عن طريق خطأ قاس ارتكبه الاخير بحق نجم الفريق السابق، الانكليزي بول غاسكوين. لكن ابداعات نيستا في ما بعد في دفاع لاتسيو، حيث استطاع اظهار مواهبه بشكل اذهل المتابعين والنقاد لتمتعه بمزايا القائد في قلب الدفاع، جعل لنيستا مكانة خاصة في قلوب أبناء العاصمة. في لاتسيو حقق «الجلاد» لقب الدوري الايطالي مرة اضافة الى لقبين في الكأس المحلية ولقب واحد في كأس الكؤوس الاوروبية حينها. موهبة نيستا، الذي اصبح قائداً في لاتسيو، جعلته مطارداً من العديد من الفرق الاوروبية الكبرى، لكن مبلغ 35 مليون يورو كان كفيلاً بأن ينقله الى مدينة ميلانو وتحديداً الى فريق ميلان، هناك حيث كانت مهمة نيستا غير عادية على الاطلاق: خلافة الكبير فرانكو باريزي. نيستا نجح في المهمة الى ابعد الحدود. في ميلان بدا «الجلاد» أكثر نضوجاً وارتقى الى مصاف اهم المدافعين في العالم. بقميص الـ«روسونيري» حقق نيستا لقب الدوري الايطالي مرتين والكأس المحلية مرة اضافة الى لقبين غاليين في دوري ابطال أوروبا.
اذاً حقق نيستا كل ما يطمح اليه لاعب كرة القدم، اذ فضلاً عن ألقابه المحلية والاوروبية، فإنه فاز مع بلاده بلقب كأس العالم عام 2006، لكن من يعلم؟ فإن ابداعات «الجلاد» حالياً قد تقود فريقه الى لقبين جديدين: الدوري المحلي والأهم دوري ابطال اوروبا.



ظُلم ذوي القُربى

أعاد اليساندرو نيستا التذكير، قبل أيام، بأن الضائقة المالية التي مر بها فريقه السابق، لاتسيو، كانت السبب الاساسي في اقدام فريق العاصمة الايطالية على بيعه الى ميلان، وهي الخطوة التي جعلت «الجلاد» منبوذاً من قبل جماهير لاتسيو بعدما كان القائد وصاحب الشعبية الاكبر في روما، بحسب ما صرّح لموقع «سكاي سبورت ايطاليا».