الطلّة الاولى لأندريا ستراماتشوني مدرباً لإنتر ميلانو الايطالي دلّت على كل شيء الا على مدرب يمكنه انتشال الـ «نيراتزوري» من تذبذب المستوى الذي عاشه مع كلاوديو رانييري، وادى الى ابتعاده عن السباق الذي يخوضه غريمه ميلان مع يوفنتوس على لقب الدوري الايطالي. ففي ظهوره الاول خلال المؤتمر الصحافي الذي قُدّم من خلاله مدرباً جديداً لإنتر ميلانو بعد اقالة رانييري، أطل ستراماتشوني شاباً خجولاً يجيب بهدوء عن اسئلة الصحافيين، حتى إنه كان محرجاً لدى اقتحام المهاجم السابق للفريق ماريو بالوتيللي قاعة المؤتمر ملقياً التحية على الجميع، ومقاطعاً حديث المدرب الجديد، الذي بدا كأنه مفاجأ بما يحصل حوله، اذ لم يقم بأي رد فعل او يمازح الموجودين على تلك اللفتة التي قام بها لاعب مانشستر سيتي الانكليزي. الصور اللاحقة لستراماتشوني اظهرته كأنه عارض ازياء بفعل اناقته وهندامه المرتّب دائماً، لا بل كان بالامكان تشبيهه بالذاهب الى محكمة للمرافعة في قضية ما، لا الى ملعب كرة قدم للاشراف على فريق. وهذا امر ليس بالغريب على المدرب الشاب (36 عاماً)، فهو حاز شهادة في القانون قبل عامين...
وبقدر النتائج المفاجئة التي حققها الفريق باشرافه، حيث فاز في اربع مباريات بطريقة مميزة، وتعادل في اثنتين اخريين، فإن تعيينه كان مفاجأة اكبر، إذ إن سجله التدريبي لا يحتوي على اي بطولة كبيرة او حتى قيادته فريقاً كبيراً، بل إنه لا يملك شهادة المستوى الاول (يمنحها الاتحاد الاوروبي لكرة القدم) التي تخوّله أن يصبح مدرباً دائماً لأحد الفرق المحترفة في الدرجتين الاولى والثانية، لذا فقد تسلّم مهمّات الاشراف على إنتر مستفيداً من احدى مواد القانون، التي تخوّله شغل هذا المنصب لكن في ظل وجود مساعد له يحمل هذه الشهادة، وهو امر مؤمّن بوجود جوسيبي باريزي.
وعند ذكر اسم باريزي تبدو المفاجأة اكبر لعدم منح الاخير منصب المدرب، بعدما كان مساعداً لفترة طويلة، والسبب هو ان رئيس النادي ماسيمو موراتي تأثر كثيراً بطريقة عمل ستراماتشوني مع فريق إنترناسيونالي بريمافيرا، الذي يعدّ الفريق الرديف لإنتر، حيث يلعب في صفوفه اللاعبون دون الـ 20 عاماً، وقد قاده سريعاً الى الفوز بلقب بطولة
«NextGen Series» العام الماضي، وهي توازي دوري ابطال اوروبا عند فرق الرجال.
وستراماتشوني اللاعب المدافع الذي لم يصنع اسماً كبيراً عندما كان لاعباً، حيث انتهت مسيرته بسرعة مع بولونيا (موسم
1994-1995) بعد اصابة بالغة في الركبة، لم ينتظر بالتأكيد ان يتصل به موراتي بهذه السرعة لمنحه اهم منصب في النادي العريق، لكن يبدو انه أقنع الرئيس «المتفلسف» دائماً في الخيارات الفنية بأنه لا يقلّ شأناً عن اي مدرب آخر، وخصوصاً انه عرف عنه دراسته المعمّقة لكل خصم سيواجهه، حيث لا يترك اي شيء للصدفة او للحظ الذي قد يعتمد عليه البعض نسبياً للخروج بنتائج طيّبة من المباريات.
وهذه النقطة هي أحد أبرز اسباب نجاح ستراماتشوني حتى الآن، وذلك من دون اسقاط مسألة عمله من دون ضغوط كبيرة، إذ إن الهدف الاقصى هو حجز إنتر ميلانو مركزاً مؤهلاً الى دوري الابطال في الموسم المقبل، وهو امر قابل للتحقيق بعد تساويه مع نابولي ثالث الترتيب العام واودينيزي الرابع بنفس عدد النقاط، اثر سلسلة ناجحة من النتائج مع المدرب الجديد، الذي يظهر من نظراته التي تتناقلها المشاهد التلفزيونية مدى تركيزه على رجاله الموجودين على ارضية الميدان، وهذه مسألة قد تكون ناتجة من الشغف الموجود لديه لاستغلال الفرصة التي اتيحت له واثبات نفسه انه «الرجل المختار» لإنتر.
وبطبيعة الحال بدأت بوادر النجاح تلوح بعيداً حتى من النتائج، إذ إن كاريزما ستراماتشوني أكسبته احترام لاعبيه جميعهم، وهو الذي يصغر الكابتن الارجنتيني خافيير زانيتي (38 عاماً) سنّاً.
وكان سرّ نجاحه على هذا الصعيد عبر اعادته الُلحمة الى تشكيلة مشرذمة، وتجديده الثقة بلاعبين يمكنهم حمل الفريق الى الانتصارات، وقد ظهر هذا الامر من خلال تطوّر اداء الارجنتيني ماورو زاراتي، والهولندي ويسلي سنايدر والكولومبي فريدي غوارين، الذي لقي أخيراً مكاناً له في التشكيلة بعد قدومه لتعويض رحيل تياغو موتا.
الا انه لا يمكن استبعاد ان موراتي اراد مدرباً للمستقبل، وذلك عبر تأسيس ستراماتشوني لفريق انطلاقاً من خبرته مع الفئات العمرية، حيث ينتظر منه تقديم اكثر ممّا فعله حتى الآن، اي نقل بعض المواهب التي عايشها في الفريق المسّمى «بريمافيرا» (معناها الربيع بالإيطالية) حتى يعرف إنتر معنى الربيع من جديد.



شبيه مورينيو

لم يخفِ المدير العام لإنتر ميلانو إرنستو باوليلو سعادته بالانطباع الجيد الذي تركه أندريا ستراماتشوني سريعاً عند الجميع، قائلاً انه يذكره بالبرتغالي جوزيه مورينيو الذي لم يبرع لاعباً سابقاً لكنه برز مدرباً قديراً. كذلك شبّه باوليلو انطلاقة مواطنه التدريبية بتلك التي طبعت مسيرة البرتغالي الآخر أندريه فياش - بواش.