بالرغم من ان الانظار تبدو متّجهة في الوقت الحالي في المانيا نحو موهبتي ماريو غوتزه، لاعب وسط بوروسيا دورتموند، وماركو رويس، لاعب وسط بوروسيا مونشنغلادباخ، (الذي سيتجه في الصيف الى بوروسيا دورتموند) فإن موهبة ماركو مارين، لاعب وسط فيردر بريمن المنتقل قبل أيام قليلة الى تشلسي الانكليزي، لا تقل كفاءة عن الموهبتين السالفتين، بيد ان الاصابة التي طاردت هذا اللاعب وابعدته تدريجياً عن فرض نفسه ورقة اساسية في تشكيلة يواكيم لوف في المنتخب الالماني، كان لها الاثر الكبير في ابتعاد الاضواء عنه نوعاً ما لتعود وتُسلط عليه حالياً بعد نجاح صفقة انتقاله الى النادي اللندني الازرق. اذاً، ماركو مارين لاعب لتشلسي. الشاب البالغ من العمر 23 عاماً أصبح فجأة حديث الصحف الالمانية والانكليزية بعد اعلان هذا الخبر. بين ليلة وضحاها اصبح مارين الحدث.
حدث أحزن مدينة بريمن التي كانت تنظر الى لاعبها كالنجم الوحيد القادر على اعادة فريقها فيردر الى الصفوف الامامية في «البوندسليغا» كما كانت العادة في السنوات الأخيرة. اما في لندن، فقد امتزجت الفرحة وعلامات الرضى على اول الصفقات للموسم المقبل بعلامات الاستفهام حول اللاعب. هو رضى عن شاب لُقِّب في بلاده قبل غوتزه بـ«ميسي ألمانيا» وكان قريباً من اطاحة القادم الجديد الى لندن أيضاً (تعاقد مع ارسنال)، لوكاس بودولسكي، من التشكيلة الاساسية لـ«المانشافت» عشية كأس العالم 2010 الا ان مؤهلات الاخير التي عادة ما تلمع في المناسبات الكبرى احبطت هذه العملية، وعلامات استفهام لبعض اللندنيين الآخرين الذين تساءلوا: من هو بالضبط مارين، وهل هي الصفقة التي يبحث عنها الفريق لتكون قادرة على المساهمة بقوة في اعادة لقب الـ«بريميير ليغ» الى خزائن «البلوز»؟
تساؤل في محله لبعض أنصار تشلسي، هؤلاء الذين لم يجدوا أنفسهم مضطرين لطرحه عشية قدوم «القيصر الصغير»، ميكايل بالاك، من بايرن ميونيخ صيف 2006 الى صفوف فريقهم نظراً للشهرة العالمية التي كان يتمتع بها «المايسترو» والتي سبقته الى لندن بعكس مارين.
في الواقع، يمكن ان يطمئن المتسائلون في العاصمة الانكليزية الى ان الصفقة التي ابرمتها ادارة تشلسي هي في محلها ومن المتوقع ان تؤتي اكلها أسرع مما هو منتظر وحتى اكثر مما تركه بالاك من أثر في «ستامفورد بريدج» وذلك في حال ظلّ هذا اللاعب بعيداً عن الاصابات، اذ من تابع مارين منذ بدء بروز موهبته في 2008 لا بد ان يتوقف عند لاعب مهاري، سريع، ذكي، يمتلك قدماً يسرى ذهبية بإمكانها خلخلة اي دفاع. هذه المهارة هي التي يبحث عنها تشلسي بالضبط الى جانب مهارة الاسباني خوان ماتا، فمن جهة بإمكان البلوز ان يعتمد عند قدوم مارين على جبهتين يمكن وصفهما بالناريتين يشغل احداهما ماتا والاخرى مارين وذلك بعد ان تابعنا في اكثر مباريات تشلسي هذا الموسم ان الاعتماد يكون غالباً على الجهة التي يتواجد فيها ماتا وهو ما أوقع في مرات كثيرة الفريق في مشكلات بفعل الارهاق الذي كان يصيب الشاب الاسباني او بفعل تركيز الدفاعات على شل حركته وقطع امداداته بالتالي عن المهاجمَين ان كان العاجي ديدييه دروغبا او الاسباني فرناندو توريس، من هنا، فإن تواجد مارين سيُريح ماتا كثيراً. هذا من جهة ومن جهة اخرى، فإن مارين قادر على تقديم اضافة كبيرة أخرى الى خط وسط الزرق وذلك في حال تواجد الشاب الواعد الآخر دانيال ستاريدج على الرواق الايمن فإن الالماني بإمكانه عندها التواجد خلف توريس او دروغبا مباشرة كلاعب «تسعة ونصف» حيث يستطيع شغل هذا المركز بإتقان. بتعبير أدق، فإن مارين وماتا وستاريدج سيشكلون ثلاثياً متحركاً بين الجناحين وخلف المهاجم، وهي الخطة التي من شأنها ان تربك دفاع اي فريق كبير نظراً للسرعة والمهارة التي يتمتع بها هذا الثلاثي الشاب.
بالعودة قليلاً الى مارين بعيداً عن الاضافات التي يمكنه تقديمها لتشكيلة تشلسي، فإن هذا الشاب، كما لا يعلم كثيرون، هو من اصل بوسني (يوغسلافي سابقاً) وقد قدِم والداه الى المانيا عندما كان في الثانية من عمره الى مدينة فرانكفورت هناك، حيث نشأ ولعب كرة القدم وبرزت مواهبه فيها في فريق الفئات العمرية لأينتراخت فرانكفورت لينتقل بعدها الى بوروسيا مونشنغلادباخ حيث نضجت موهبته اكثر وسمّي «ميسي ألمانيا»، وانتقل عام 2006 الى صفوف الفريق الاول، قبل ان يحط رحاله في فيردر بريمن عام 2009.
باختصار، انتقال مارين الى تشلسي يعد فائدة للطرفين، اذ بالنسبة للفريق اللندني سيشكل الشاب الالماني اضافة قوية إلى التشكيلة التي تنحو نحو الاعتماد على عنصر الشباب بعد تقدم العديد من النجوم بالسن، اما بالنسبة لمارين شخصياً فإن قدومه الى لندن سيكون بوابته لا محالة ــ اذا ما برع ــ لفرض نفسه ورقة اساسية ورابحة في تشكيلة منتخب ألمانيا.



مارين لبقاء دي ماتيو

لم يخفِ ماركو مارين من جديد فرحته بانتقاله الى تشلسي في تصريح لمجلة «كيكر» الرياضية في المانيا، آملاً في الوقت عينه بقاء الايطالي روبرتو دي ماتيو على رأس الجهاز الفني لـ«البلوز». وقال مارين: «انه حلم تحوّل الى حقيقة. اسلوب لعب تشلسي يناسبني، لقاءاتي مع دي ماتيو كانت ايجابية، اتمنى بقاءه».