«السيدة العجوز» لا تشيخ أبداً. هذا هو العنوان الذي يمكن إطلاقه على الحملة الناجحة ليوفنتوس، الذي أنهى الموسم بطلاً لإيطاليا، إذ رغم كل الأمراض التي أصيبت بها هذه السيدة في الماضي القريب، من فضيحة الـ«كاتشوبولي»، الى الصفقات الفنية الخاسرة، ظهر أنها قد تعاني لكنها لا تستسلم للهَرَم أو للموت. وكثيرة هي المحطات التي أكدت أحقية يوفنتوس باللقب هذا الموسم، إذ لا تتوقف الأمور عند عدم تلقي الفريق أي هزيمة حتى المرحلة قبل الأخيرة (22 انتصاراً مقابل 15 تعادلاً)، فهو بدا الأكثر توازناً على الصعيد الفني بعد عملية الترميم التي خضع لها منذ الصيف الماضي، ليتبيّن أن إدارة الفريق عملت بشكلٍ صحيح بعدما كان هناك امتعاض وعدم اقتناع حيال بعض الصفقات التي أبرمها المدرب الوافد أنطونيو كونتي.
والكابتن السابق نفسه لم يكن مؤمناً أصلاً بغنم فريقه الـ«سكوديتو»، إذ سبق أن قال إن احتلال المركز الثالث للوقوف في مسابقة دوري أبطال أوروبا مجدداً سيكون إنجازاً فعلياً في مرحلة البناء الفنية التي أطلقها النادي في موازاة التجديد في كل شيء، حيث ترافق الانتقال الى ملعب جديد مع وصول مدرب جديد وإحداث غربلة في التشكيلة، إضافة الى تأكيد التوجهات المستقبلية، وكان أبرز عناوينها الرئيسية الاستغناء الصادم عن الرمز أليساندرو دل بييرو.
القرار الأخير وتصريح كونتي كانا كافيين لإثارة انزعاج الجمهور العريض، لكن على المستطيل الأخضر ظهر كل شيء مختلف مع الوقت، فبدأت كل صفقة أبرمها كونتي تعطي ثمارها، من المدافع السويسري ستيفان ليشتستاينر الى الجناح التشيلياني أرتورو فيدال. أضف، أن كونتي أخرج الأفضل من بعض المواهب المحلية التي تفتقر الى الخبرة، أمثال سيموني بيبي وكلاوديو ماركيزيو. وبطبيعة الحال، أدى كلٌّ من لاعبي الوسط دوراً أساسياً في خلق ماكينة هجومية في تورينو، فكانوا الوقود الذي حرّك المهاجمين فابيو كوالياريلا والمونتينغري ميركو فوتشينيتش وأليساندرو ماتري، حيث كان من الصعب على الخصوم توقّع مصدر الضربات التي ستأتيهم خلال مواجهتهم الـ«يوفي».
إلا أن صفقة الموسم كانت من دون شك استقدام أندريا بيرلو، الذي رجّح كفة يوفنتوس على فريقه السابق ميلان، إذ لا يبدو مبالغاً فيه القول إن الفريق اللومباردي خسر الدوري لأنه لم يملك لاعباً مثل قائد الوسط الأنيق الذي استطاع حماية الدفاع وتشغيل الأجنحة وتموين المهاجمين، وهي أمور يفعلها عادة أكثر من لاعب، إلا أن بيرلو جمعها كلها في شخصه، مظهراً أنه على صورة «السيدة العجوز»، أي أنه لا يشعر بثقل السنين بعدما كان قد انتهى بنظر مدرب ميلان ماسيميليانو أليغري.
وهنا لا يمكن إسقاط دور كونتي في معرفة انتقاء أفضل اللاعبين لخطته القائمة على استراتيجية 4-3-3، إذ إنه لم يجد مشكلة في التضحية بكوالياريلا لفترة طويلة، وغالباً بالصربي ميلوش كراسيتش والقائد دل بييرو، رغم تسجيل الأخير أهدافاً حاسمة، فهو غالباً ما ظهر أنه يعير اهتماماً لتأسيس أسلوب لعبٍ للمستقبل بقدر اهتمامه بتحقيق النتائج الطيّبة من أجل استعادة الريادة أو الوقوف بين الكبار.
أما الآن، فقد أصبح توجّه يوفنتوس نحو اتجاه آخر كليّاً، إذ إن لسان حال الجماهير في تورينو يسأل عن موعد انطلاق دوري الأبطال في الموسم المقبل، إذ عاشت أوقاتاً صعبة لفترة طويلة، حيث رأت الأندية الأوروبية الأخرى تسرح وتمرح من دون أن يعير متابعو الكرة أي اهتمامٍ لفريقها، الذي سيعود ليقف في وجه كبار القارة ويزاحمهم على لقب المسابقة الأمّ.