إنها النهاية، نهاية حقبة وحياة ومرحلة تاريخية. أليساندرو دل بييرو، فيليبو إينزاغي وأليساندرو نيستا يرحلون عن النادي حيث كتب كلٌّ منهما قصة مجدٍ خاص. يوم الوداع لم يكن يتخيّله احد من عشاق يوفنتوس او ميلان، اذ كان هناك قناعة غير منطقية عند كثيرين بأن هؤلاء اللاعبين هم من الخالدين، وقد لا يتركون الفريق الذي يدافعون عن الوانه حتى اعلانهم اعتزالهم النهائي للعبة، اذ لا يمكن احداً من جمهور الـ«يوفي» ان يتخيّل دل بييرو مرتدياً قميص فريق ايطالي آخر، والامر عينه ينسحب على جماهير الـ«روسونيري» التي رغم ان إينزاغي ونيستا لم يقضيا العمر الكروي كلّه مع الفريق كما هي حال كابتن يوفنتوس، فإن علاقة مثالية نسجها المشجعون معهما انطلاقاً من التضحيات الكبيرة التي قدّماها خلال مسيرتهما بالالوان السوداء والحمراء.
الـ«كابيتانو» الى المجهول

صحيح ان موسم دل بييرو مع يوفنتوس لم ينتهِ لكونه سيحظى بفرصة لتسطير «نهاية حلم» مع فريق «السيدة العجوز» عبر قيادته الى لقب الكأس ايضاً امام نابولي في 20 الجاري، إذ ان يوم غدٍ سيكون عاطفياً جداً بالنسبة الى الكابتن الفذّ الذي سيخوض المباراة الاخيرة امام الجمهور الذي احتضنه منذ عام 1993 عندما قَدِم من بادوفا ليرث بعدها القميص الرقم 10 من روبرتو باجيو ويتحوّل الى رمزٍ للنادي ثم الى مثالٍ اعلى بعدما رفض تركه اثر اسقاطه الى الدرجة الثانية على خلفية ضلوعه في فضيحة «كالتشوبولي» الشهيرة.
ورحيل دل بييرو عن يوفنتوس يبدو صاعقاً ليس لأن النادي سيدخل حقبة جديدة بغياب القائد الملهم، بل لان «أليس» كان احد المساهمين البارزين في احراز الـ «يوفي» للقب الـ«سكوديتو»، مؤكداً في مناسباتٍ عدة أنه لم يفقد اي شيء من موهبته. الا ان توجّه ادارة يوفنتوس التي احضرت انطونيو كونتي للاشراف على الفريق في الصيف الماضي تتعارض مع السنّ المتقدّمة لدل بييرو (37 عاماً)، اذ ان المطلوب من المدرب هو بناء فريق يخدم طويلاً ضمن سياسة النادي للنهوض من جديد والوقوف بوجه اكبر الاندية في ايطاليا واوروبا.
لكن اللافت ان مستقبل دل بييرو يبدو مجهولاً حتى الآن رغم ان تقارير عدة افادت بأنه سيسير على خطى باجيو اي الانتقال الى احد العملاقين الايطاليين الآخرين ميلان او إنتر ميلانو، وهي خطوة قد لا يراها اللاعب نفسه مناسبة احتراماً لتلك الجماهير التي رفعت دائماً صورة عملاقة له في تورينو. لذا، فان انتقالاً محتملاً الى الولايات المتحدة يبدو اكثر منطقية رغم ان وجهته مجهولة حتى الآن مع ترشيح لوس أنجلس غالاكسي حيث يلعب النجم الانكليزي ديفيد بيكام، ونيويورك ريد بولز الذي يقوده النجم الآخر الفرنسي تييري هنري، للحصول على توقيع الايطالي الذي من دون شك يمكنه صناعة الفارق بلمسة مع اي فريقٍ يلعب له.

ميلان من دون الثعلب والصخرة

«متسلّل، غير متسلّل». عبارة رافقت اهدافاً عدة سجلها إينزاغي الذي خاض 200 مباراة مع ميلان منذ وصوله اليه عام 2001 قادماً من الغريم يوفنتوس. ومن دون شك لا يوجد مهاجم يتمتع بأسلوب إينزاغي ولو ان المعمورة تعجّ بالمهاجمين الرائعين، اذ ان طريقة «بيبو» في الوصول الى الشباك كانت استثنائية دائماً، فهو مثال المهاجم الثعلب بكل ما للكلمة من معنى، اذ لطالما خدع المدافعين واصاب شباك حراسهم. وقوة إينزاغي تمحورت دائماً في عدم يأسه من المحاولات الفاشلة، اذ يمكن ان يضبطه الحكم في عشر حالات تسلسل، لكنه بـ«الحلال او بالحرام» لا بدّ ان ينجح في اصابة المدافعين والحكام بالارتباك للوصول الى مبتغاه.
ميزة إينزاغي استفاد منها غالباً ميلان في اوقاتٍ حاسمة، لذا كان واضحاً ان الفريق حصد بوجود المهاجم (38 عاماً) المتمتع بروح الشباب الدائم، كل الالقاب. لكن هذه الالقاب لم تكن لتصل الى خزائن الفريق اللومباردي لولا وجود ضمانة في المقلب الآخر للملعب اي الدفاع حيث وُجد هناك من هو قادر على تحطيم المهاجمين الذين يتجرأون على مهاجمة منطقة الـ«روسونيري». انه «الصخرة» نيستا الذي يترك ميلان وهو في قمة مستواه، اذ لا شك في انه كان احد اهم المدافعين في البطولة الايطالية هذا الموسم. وهذا امر خالف كل التوقعات بعدما تعرّض المدافع الفارع الطول الذي اشتهر بشدّ قمصان اللاعبين الذين يراقبهم خلال تنفيذ الركنيات، لاصابات عدة قيل انها ستقضي على مسيرته، التي سيطلقها من جديد مع فريقٍ آخر، لن يكون بالتأكيد يوفنتوس بحسب ما اشارت التقارير اخيراً كون نيستا اكد يوم اعلانه ترك ميلان أن الكرة الايطالية اصبحت صعبة عليه.
دل بييرو، إينزاغي، ونيستا، الى اللقاء لا وداعاً، اذ ان كلمة الوداع لن تكون مناسِبة في يوم تركهم لفرقهم، لانه بالتأكيد في حال رحيلهم عن الكرة الايطالية فانهم سيعودون اليها بصورة اخرى لان عقولاً كروية مثلهم لن تتكرر في وقتٍ قريب.



سيدورف يرحل ايضاً

يمكن اعتبار مباراة ميلان ونوفارا مناسبة لوداع جمهور الاول للاعب ثالث هو الهولندي كلارنس سيدورف الذي لم يعرض عليه الفريق اللومباردي تمديد عقده، ليقف بالتالي على ابواب الرحيل عنه بعد 10 سنوات قضاها معه حيث اصبح اول لاعب يحرز لقب دوري ابطال اوروبا 4 مرات ومع 3 فرق مختلفة هي أياكس أمستردام (1995) وريال مدريد (1998) وميلان (2003 و2007).