فعلها مانشستر سيتي. بعد انتظار دام 44 عاماً اعتلى الـ«سيتيزينس» منصة التتويج في الدوري الإنكليزي الممتاز. لا يمكن وصف حالة الجنون التي عاشها ملعب «الاتحاد» في مانشستر أمس. هي «هستيريا» بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ما حصل أمس. دقيقتان غيّرتا وجه مدينة وشكل بطولة. دقيقتان أنزلتا فريقاً عن منصة التتويج وصعدتا بآخر. دقيقتان ذرفت فيهما دموع الآلاف في مدينة مانشستر: دموع الفرح هي التي ذرفها أنصار سيتي، ودموع الخيبة هي التي ذرفها أنصار يونايتد.
مدهش ما مرّ به متابعو كرة القدم عموماً خلال متابعتهم لمباراة مانشستر سيتي وضيفه كوينز بارك رينجرز. كانت لقطة الشاب المناصر لسيتي في الدقيقة 81 معبّرة جداً. لم يتمالك هذا الشاب أعصابه غضباً، فيما كان رفاقه يحاولون تهدئته. كيف يفعل ذلك وفريقه متأخر 1 ــ 2، وأين؟ في ملعب فريقه وأمام منافس منقوص من أحد لاعبيه. كان الحلم يتلاشى شيئاً فشيئاً وسط ذهول أنصار سيتي. الإيطالي روبرتو مانشيني لم يقلّ غضباً عن ذلك الشاب على المدرجات. كان مدرب الـ«سيتيزينس» يقفز مع كل كرة ضائعة، يروح يميناً ويساراً، يصرخ، يتمتم بكلمات ملؤها الغضب.
جاء الوقت بدل الضائع من المباراة، خارت قوى جمهور سيتي، بعضهم لم يتوان عن مغادرة الملعب لكي لا يشاهد الخاتمة التي لم يكن يتوقعها بعد كل هذا المجهود طيلة الموسم، لكي لا يشاهد الكابوس كما يصح الوصف. الدقيقة الثانية من الوقت بدل الضائع في المباراة: البوسني ادين دزيكو يمنح التعادل برأسه. هدف أعاد الحياة لأنصار سيتي. ازداد خفقان قلوبهم. نحن في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع: الكرة تصل الى الأرجنتيني سيرجيو أغويرو الذي يتخطى أحد المدافعين بـ«دم بارد» ويطلق قذيفة في الشباك. إنه الجنون الحقيقي لأنصار سيتي، والصدمة المرعبة لأنصار يونايتد الفائز على سندرلاند 1 ــ 0. في لحظة واحدة، عاش أنصار الـ«شياطين الحمر» المأساة التي أذاقوها عام 1999 لبايرن ميونيخ الألماني في نهائي دوري أبطال أوروبا عندما قلبوا النتيجة من 0 ــ 1 إلى 2 ــ 1 في الوقت بدل الضائع.
في الواقع، وبغض النظر عن هذه النهاية المثيرة والخيالية للدوري الإنكليزي الممتاز، يمكن القول إن سيتي استحق التتويج باللقب بعدما تمكن من قهر جاره وغريمه ذهاباً وإياباً، وأكثر من ذلك، فقد نجح في تقليص فارق النقاط الثماني في الجولات الأخيرة مع يونايتد، من هنا، فقد تمكن الـ«سيتيزينس» من إرساء قاعدة جديدة في عالم اللعبة، مفادها أن الأموال بإمكانها أن تصنع البطولات أيضاً، وأن الخبرة والتمرس لا يستطيعان وحدهما فعل ذلك.
إذاً، سيتي بطل للدوري الإنكليزي الممتاز. مدينة مانشستر ستلبس من الآن وحتى نهاية الموسم المقبل اللون الأزرق بعدما صُبغت طويلاً باللون الأحمر. هل بدأنا نعيش زمن سيتي بعد يونايتد؟ ربما، إذ إن كل شيء يبدو متاحاً أمام هذا الفريق لفعل ذلك، من الأموال الى الزاد البشري، الذي يُنتظر أن يعزز في الصيف المقبل بأسماء كبيرة أخرى، الى الدفعة المعنوية الهائلة التي من شأن هذا الفوز بلقب الـ«برمييرليغ» ان يعطيها للفريق، لكن الأهم من ذلك كله أن الدوري الانكليزي وفى مرة جديدة بوعده، مثبتاً أنه الأفضل والأروع والأكثر إثارة في العالم بأسره.



مباراة مجنونة

وصف الإيطالي روبرتو مانشيني، مدرب مانشستر سيتي، مباراة فريقه أمام كوينز بارك رينجرز بالـ«مجنونة»، وبأنه لم ير مثيلاً للدقيقة الأخيرة فيها في حياته، سواء عندما كان لاعباً أو مدرباً. وقال مانشيني: «إنه فوز جميل جداً، كانت مباراة مجنونة جداً، لكننا كنا الأجدر بالفوز حيث أتيحت لنا فرص كثيرة لم نحسن استغلالها».