مرّ دوري أبطال أوروبا لكرة القدم هذا الموسم بلحظات لم يكن بالإمكان توقّعها، وربما كان أبرزها وصول بايرن ميونيخ وتشلسي إلى مسرح النهائي، وذلك لأنه ــ بكل بساطة ــ أقصى الفريقين المذكورين، ريال مدريد بطل إسبانيا ومواطنه برشلونة الفائز باللقب القاري في الموسم الماضي. وما فعله الفريقان في الأدوار السابقة يجعل كلمة توقعات في غير محلّها خلال مباراة الليلة؛ إذ يبدو أنّ من الصعب التنبؤ باسم البطل العتيد، وخصوصاً أن الحسابات التي أفرزها المستوى الفني الأخير للطرفين والظروف التي سيواجهانها خلال اللقاء كافتقارهما إلى عناصر عدة بسبب الإيقاف تبدو متشابهة جداً.
لكن ما يمكن التركيز عليه هو الدافع الموجود لدى كلٍّ منهما لتعويض إخفاقه المحلي، إضافة إلى اقترابهما من هدفٍ سعيا إليه طويلاً، يتمثل بحمل الكأس صاحبة الأذنين الطويلتين، وهذا ينطبق على حالة بايرن الذي تخلّف عن ركب الكبار طوال الأعوام الماضية، وعلى تشلسي أيضاً الذي كان هدفه الرئيسي السيطرة على أوروبا منذ وصول الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش لامتلاكه.
لكن الأمر الملموس أن بايرن ميونيخ يملك دافعاً أكبر قد يخرجه منتصراً في نهاية المطاف؛ إذ قبل أكثر من عام، وعند إقرار استضافة ملعبه «أليانز أرينا» للمباراة النهائية، كان رئيس النادي البافاري أولي هونيس، واضحاً عبر قوله: «في 2012 سيقام النهائي على أرضنا، ونريد أن نكون هناك». اسم مسرح النهائي كان كافياً لإعطاء بايرن سبباً إضافياً للقتال من أجل بلوغ النهائي في كل مباراة أوروبية خاضها هذا الموسم، وذلك بغض النظر عن المستوى المتذبذب الذي قدّمه في الدوري المحلي؛ إذ بدا الفريق في أحيانٍ كثيرة كأنه مصاب بانفصام في الشخصية، حيث لمع أوروبياً وخبا نجمه محلياً.
ومنذ تلك الموقعة التي لا تنسى على ملعب «سان سيرو» في ميلانو (عام 2001)، حيث طار الحارس التاريخي أوليفر كان للتصدي لكرات لاعبي فالنسيا الإسباني، مانحاً فريقه لقبه القاري الرابع، كان جمهور «دي روتن» (الحمر) ينتظر، لكن خيبات المباراة النهائية عادلت عدد الألقاب عندما خسر الفريق في نهائي 2010 أمام إنتر ميلانو الإيطالي، لذا سيرفع الجمهور البافاري ليلة السبت شعار «الآن أو أبداً». هذا الجمهور الذي وقف خلف الإدارة في برنامجها الهادف إلى التتويج الأوروبي بفريقٍ يضم أكبر عددٍ من اللاعبين القادمين من «مصنع» الناشئين، وهو أمر قد يجعل أعين هونيس وكارل هاينتس رومينيغيه تدمع إن رفع الكابتن فيليب لام كأس البطولة في نهاية اللقاء، ليدخل مع رفاقه نادي العظماء الذين لا يزال الجيل الجديد للبايرن ينادي بأسمائهم (أمثال كان وستيفان إيفنبرغ وينس يريميز والبرازيلي جيوفاني إيلبير...) بعدما شاهدهم يعيدون اللقب إلى بافاريا للمرة الأولى منذ سبعينيات القرن الماضي.
إلا أن قلق بايرن يتمحور حول نظرية أن الحظ يميل إلى تشلسي هذه السنة، ولو أن الفريق واجه المآسي في الدوري الإنكليزي الممتاز. لكن الأمر الواضح أن تشلسي أفلت مراراً من براثن الخروج من دوري الأبطال؛ إذ كان في وضعٍ حرج جداً أمام نابولي الإيطالي قبل أن يقلب النتيجة وينتزع بطاقة التأهل، وكررها أمام برشلونة، حيث لعب بعشرة لاعبين في «كامب نو» وخرج سليماً ليعبر إلى المباراة النهائية.
هذه الحالة وصفها البعض بأنها «حظ المبتدئين» نسبة إلى المدرب الإيطالي روبرتو دي ماتيو الذي حلّ مكان البرتغالي أندريه فياش ــ بواش ليحقق ما كان مستحيلاً ويعيد الأمل إلى تشلسي بإمكانية تعويض ما سمي «مأساة موسكو»، فإذا كانت ركلات الجزاء قد أعطت اللقب الأخير لبايرن، فإنها قضت على تشلسي عام 2008 في نهائي العاصمة الروسية ضد مواطنه مانشستر يونايتد.
وما يعطي تشلسي قوة إضافية هو المعنويات العالية للاعبيه الذين يرون أنه لا يمكن أحداً وقف زحفهم باتجاه منصة التتويج لأنهم بكل بساطة تمكنوا من إطاحة واحدٍ من أعظم الفرق، أي برشلونة، وهذا ما عبّر عنه الإسباني خوان ماتا، عبر ترحيبه بالذهاب إلى ميونيخ لمواجهة ناديها، فلا شيء يخافه فريقه بعد إقصائه برشلونة.
ومهما يكن من أمر، وأياً يكن الفائز، فإن الدوافع السالفة الذكر والموجودة عند الطرفين يفترض أن تفرز مباراة نهائية رائعة مليئة بالأحداث الدراماتيكية؛ إذ يكفي أن يكون طرفاها فريقاً ألمانياً وآخر إنكليزياً لمعرفة مدى معدل الحماسة الذي سيحرّك الأدرينالين في أجساد متابعي اللقاء بالوتيرة نفسها التي سيتحرك فيها داخل أولئك الـ 22 محارباً الذين سيتواجهون على أرض الميدان.



بلاتيني لا يمنح الأفضلية لأحد

صارح الفرنسي ميشال بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، بأنه في نظره لا يوجد مرشح أقوى من الآخر للفوز في المباراة النهائية في دوري أبطال أوروبا، وإن كان بايرن ميونيخ يخوضها على ملعبه. وقال بلاتيني: «على هذا المستوى من المباريات كل الاحتمالات تكون ممكنة»، مشيراً إلى أن الفريقين لم يصلا إلى النهائي بالصدفة.