«أوليه، أوليه، أوليه». على وقع هذه الصرخة الشهيرة للجماهير الاسبانية، استعرض بطل اوروبا قدراته في الشوط الاول لمباراته مع جمهورية ايرلندا، فأمطر غالبية لاعبيه مرمى شاي غيفن بالتسديدات، وبدا لوهلة كأن الحارس إيكر كاسياس هو الوحيد الذي لم يتقدّم لتجربة حظه في هذا المجال.
فلسفة التمريرات القصيرة السريعة كانت حاضرة في الدقائق الـ45 الاولى، فاستعمل رجال فيسنتي دل بوسكي الاداة الفعالة التي كانت وراء نجاحاتهم منذ حوالى خمسة اعوام حتى يومنا هذا، وقد ساعدهم في هذا الامر اعتماد المدرب على فرناندو توريس في مركز رأس الحربة، فكانت تحركاته من دون كرة في ظهر المدافعين مهمة جداً لسحب هؤلاء الى الخلف، وبالتالي السماح لأندريس إينييستا ودافيد سيلفا وشافي هرنانديز الاقتراب من المنطقة الايرلندية. وفي هذه المساحة ظهر بطء الدفاع الايرلندي، وقد كانت العيّنة حول هذه النقطة في الدقيقة الرابعة عندما خطف توريس الكرة وانطلق بها كالسهم ثم عاجَل غيفن بتسديدة رهيبة في سقف الشباك.
ويمكن اعتبار انه من بين كل المباريات التي اقيمت حتى مساء أمس في البطولة، شهدت هذه المباراة اكبر سيطرة لطرفٍ على آخر وأكبر نسبة استحواذ على الكرة لهذا الطرف، وهو الامر الذي استمر في الدقائق الاولى من الشوط الثاني الذي شهد مضاعفة سيلفا للنتيجة بمهارة عالية غير آبهٍ بالمراقبة اللصيقة التي أحيطت به داخل المنطقة، فكان عند حسن ظن دل بوسكي الذي وصفه قبل اللقاء بـ«ميسي اسبانيا».
وعلى شاكلة النظرة اليائسة للمدرب الايطالي جيوفاني تراباتوني، هكذا كانت حال منتخبه الذي لا شك في ان لاعبيه تمنوا نهاية المباراة قبل وقتها الاصلي، إذ اثاروا امتعاض جماهيرهم التي بدت منزعجة في مشاهد عدة على خلفية عدم قدرة روبي كين وزملائه على عبور خط منتصف الملعب في احيانٍ عدة، قبل ان يطلقوا العنان لهتافات احتفالية في الدقائق الاخيرة!
المهم ان دل بوسكي تأكد من أن توريس لا يزال يتمتع بنفس النوعية التي حملت البلاد الى اللقب القاري قبل اربعة اعوام، وهو طبعاً غيره ذاك المهاجم الذي عاش موسماً مريراً مع تشلسي الانكليزي. «إل نينيو» واصل اعتلاء المراتب في كتاب تاريخ الكرة الاسبانية، اذ بهدفه الثاني في المباراة، إثر تمريرة من «الساحر» سيلفا، تخطى رقم فرناندو هييرو مسجلاً هدفه الـ30 مع «لا فوريا روخا» ليصبح ثالث افضل هداف في تاريخ المنتخب الاسباني بعد دافيد فيا (51 هدفاً) وراوول غونزاليس (44 هدفاً) على التوالي.
لكن مهلاً، المهرجان لم ينتهِ عند خروج توريس، إذ إن بديله سيسك فابريغاس وقّع على هدفه الثاني في البطولة (82) مؤكداً نهاية «منتخب شجاع» اسمه جمهورية إيرلندا.
(الأخبار)