دخل منتخب لبنان لكرة القدم في فترة راحة قصيرة ستنتهي يوم الاثنين مع معاودة التمارين قبل السفر الى السعودية للمشاركة في بطولة كأس العرب من 22 حتى 6 تموز المقبل. فترة تشهد حملة قوية على مدرب منتخب لبنان ثيو بوكير، المدعوم من الجمهور اللبناني الذي يقدّر لبوكير ما قام به خلال الأشهر العشرة منذ تسلّمه مهمة تدريب المنتخب قبل انطلاق تصفيات الدور الثالث، إضافة الى نجاحه مع اللاعبين في إبعاد «البهدلة» عن لبنان في المباريات الثلاث الأولى. وكما هي العادة في معظم الأحيان، فإن خاصرة المدرب غالباً ما تكون الأكثر رخاوة في مشوار إطلاق السهام، علماً بأن مسؤولين كرويين يرون أن جزءاً من تلك الحملات ليس بريئاً بما يوحي بوجود كلمة سر انطلقت في مكان ما للتصويب على بوكير، إما بهدف تغييره أو لتصفية حسابات شخصية معه نتيجة اعتبار شخصيات بارزة أن بوكير تغيّر «وما بقا شايف حدا» الى درجة أنه لا يرد على اتصالات مسؤولين كبار في الاتحاد. لم يناقش هذا الأمر على صعيد اللجنة العليا بشكل رسمي لكن أكثر من عضو يؤكّد أن زملاء لهم يتمنى تغيير بوكير، الا أن مهمته لن تكون سهلة.
البعض الآخر برأي أحد المسؤولين يدخل في لعبة الأسماء دون معرفة خلفيات الأمور. فهناك مطالبات بمساءلة بوكير لماذا لم يشرك علي السعدي أمام كوريا الجنوبية، ويسأل عن أسباب عدم إشراك هداف الدوري محمد حيدر أو محمد غدار، وصولاً الى دعوة الاتحاد الى مناقشة بوكير ومساءلته فنياً حول خياراته ونظرته.
البداية من النهاية، دعوة الاتحاد لمساءلة بوكير فنياً! وهنا يبرز السؤال من هو مؤهّل من أعضاء الاتحاد للقيام بهذه المهمة بدءاً من الرئيس هاشم حيدر مروراً بالأمين العام جهاد الشحف وانتهاءً بزملائهما؟ وحده رئيس لجنة المنتخبات أحمد قمر الدين ممكن أن يقوم بهذا الدور، لكن يُسأل بدوره عن لجنته المحلولة التي لم تؤلف بعد.
فقليلون يعلمون أن لجنة المنتخبات غير موجودة. والمفاجأة كانت في حفل نادي الأنصار وفي دردشة مع عضو لجنة المنتخبات عدنان الشرقي، مع استغراب في تحليل الحاج عدنان لأداء المنتخب من خلال إحدى المؤسسات الإعلامية، في حين أنه عضو في لجنة المنتخبات ومن الأفضل مناقشة بوكير شخصياً. يجيب الشرقي «حبيبي أنا ما بلجنة المنتخبات. بلغوني إنها محلولة». رد مفاجئ في ظل مشاركة المنتخب في أهم دور وصل اليه في تاريخه.
صحيح أن الحاج أحمد يتابع أمور المنتخب، لكن لا بد من وجود فريق عمل متخصص هو من يناقش بوكير ويسأله، وليس أعضاء الاتحاد الذين لا يملكون الخبرة الفنية للمساءلة. قد يكون حق أعضاء الاتحاد مساءلته إدارياً أو محاسبته على طريقة تصرفه أو التصريحات التي يطلقها، لكنهم ليسوا قادرين على مناقشته فنياً.
أما على صعيد الأسماء، فهنا يبرز الأسلوب السطحي. فالمطالبة بعلي السعدي في لقاء كوريا الجنوبية يجابه برد فني من داخل المنتخب يؤكّد أن السعدي لا يستطيع مجاراة الكوريين بدنياً، كما أن إشراكه في وسط الملعب بدلاً من دقيق لا يمكن فنياً، خصوصاً أن بوكير سبق أن أشرك السعدي في وسط الملعب في لقاء الإمارات ولم ينجح الأخير بدوره. فهل أحد ينسى حين سأل عضو الاتحاد موسى مكي بوكير عن هذه الخطوة في الاجتماع الذي عقد في 15 آذار، وحينها جنّ جنون بوكير؟
أما بالنسبة لمحمد حيدر فمقولة أن هداف الدوري (12 هدفاً) لا يمكن أن يجلس على مقاعد الاحتياط، فالجميع يعلم أن حيدر وصل الى لقب الهداف بمساعدة من فريق آخر في مباراة سجل فيها حيدر ثلاثة أهداف «بطريقة غريبة» ليتخطّى لاعب الساحل ديالو صاحب الأهداف العشرة. كذلك فإن بوكير نفسه أوضح بعد لقاء أوزبكستان أن حيدر مجتهد لكنّ أداءه فردي ويراوغ كثيراً بالكرة.
ويصل الحديث مع أحد الفنيين الكبار الى غدار فيفاجئك بتحدٍ. «شاهد مباراة لبنان وقطر واحتسب عدد الكيلومترات التي قطعها غدار، وأنا أتحداك بأنها لا تتجاوز الأربعة». وماذا يقول المطالبون بغدار حين يعلمون أن بوكير كان يطلب من اللاعبين التوجه الى النوم عند الساعة العاشرة، وفوجئ مرة بغدار في بهو الفندق عند الواحدة صباحاً؟ فهل من يسأل اللاعبين عن طريقة تعاطيهم مع استحقاق المنتخب؟ وهل من يسأل حسن معتوق وعباس عطوي وأحمد زريق عن سبب تراجع مستواهم؟ فهل هذا هو مستوى عطوي ومعتوق في الدور الثالث. انتقالاً الى الحراس زياد الصمد الذي قدم أداءً ممتازاً في المباريات الثلاث التي لعبها، لكن هل بوكير يتحمّل مسؤولية الهدف الأول مع كوريا في وقت كان فيه منتخب لبنان يلعب فيه بطريقة تكتيكية ممتازة تتناسب مع متطلبات اللقاء؟
معظم لاعبي المنتخب تغييروا فنياً واذا استثنينا يوسف محمد وبلال نجارين ووليد اسماعيل، فإن معظم اللاعبين يستحقون المساءلة عن أسباب تراجع مستواهم. فهل أن المدرب الألماني هو المسؤول؟
قد يكون صحيحاً أن بوكير يخطئ في طريقة تعاطيه مع الاتحاد أو مع اللاعبين أو في بعض الكلام الذي يطلقه ثم يتراجع عنه، لكن هناك أمور كثيرة لا يعلمها الرأي العام وبعض الإعلام والحل لا يكون بإقالته، لأنه عند التفكير في مثل هذه الخطوة يجب التفكير أولاً في من البديل (طبعاً يجب أن يكون أجنبياً)؟ وهل هو أفضل من بوكير؟ وهل بوكير سيّئ فنياً؟
التعاطي مع مشكلة ما لا يكون بالهرب الى الأمام أو بحل الأمور من منطلق شخصي، فمصلحة منتخب لبنان أهم من أي أمور شخصية، إن كان على صعيد الاتحاد أو الأندية ولاعبيها أو المدربين وطموحاتهم.