فرنسا خائفة. الفرنسيون يضعون أياديهم على قلوبهم. كيف لا يكون الواقع كذلك ومنتخب البلاد خرج بخسارة امام السويد 0-2 رغم تأهله الى الدور ربع النهائي من كأس أوروبا؟ خسارة ألقت بظلالها الوخيمة على الفرنسيين، هؤلاء الذين كانوا يضعون الآمال على المنتخب الوطني لتعويض خيبة 2010. الا أن ما اخاف الفرنسيين اكثر هو ما تسرّب عن خلافات حصلت في غرفة تبديل الملابس بعد المباراة مع السويد.
الانباء الواردة من فرنسا حول ما حصل في تلك الليلة بدت حتى امس شحيحة، وهذا ما زاد من توتر الفرنسيين. مدرب «الديوك»، لوران بلان، لم يخفِ حدوث خلافات بين اللاعبين معتبراً ان «الأجواء كانت ساخنة». اما لاعب وسط المنتخب، فلوران مالودا، فكان واضحاً بقوله: «لم نكن أنفسنا في الليلة الماضية (الثلاثاء)، كنا أشبه بالفريق الذي ودع كأس العالم 2010».
الا أن مجلة «ليكيب» الرياضية الشهيرة كانت السباقة الى كشف ما حدث، امس، حيث ذكرت ان خلافاً حصل بين سمير نصري وزملائه الذين انتقدوه بسبب تراجع ادائه في المباراة امام السويد وعدم تعاونه معهم، وقد توجه نصري الى الو ديارا غاضباً طالباً منه «ان يكون مهذباً عندما يتحدث اليه»، لكن المشكلة الاكبر وقعت بين بلان ولاعب الوسط حاتم بن عرفة حيث قام الاول بتوبيخ الثاني لاستخدامه الهاتف أثناء توجهه الى حجرة الملابس فما كان من بن عرفة الا ان ردّ غاضباً على مدربه ولم يتوانَ عن الطلب منه مغادرة معسكر المنتخب.

الامور حامية جداً اذاً في المعسكر الفرنسي. التحليلات في الصحف الفرنسية كثرت في اليومين الماضيين. الكل هناك ابدى تخوفه من تكرار ما حدث في مونديال 2010 عندما وقع خلاف بين نيكولا انيلكا والمدرب ريمون دومينيك فقرر على اثره الاخير استبعاد الاول. اما الفضيحة الاكبر فكانت حدوث انشقاقات داخل التوليفة الفرنسية ذات طابع عرقي وعنصري وهو الامر الذي أثار بلبلة في البلاد حيث لم يتوان حينها المفكر الفرنسي ألان فينكيلكروت عن القول: «نملك الآن الدليل على ان المنتخب الفرنسي ليس فريقاً بل عصابة من المشاغبين لا تعرف سوى أخلاقيات المافيا».
هل المشهد يبدو مشابهاً فعلاً لما حصل في 2010؟
في الواقع لا يمكن الجزم بأن ما حصل او قد يحصل يحمل أبعاداً شبيهة لما حدث في 2010، لكن لا بد من القول ان ثمة امرين بدوا واضحيي ويدعوان إلى القلق.
الامر الاول يتعلق ببلان او «الرئيس» كما يلقّب. فما هو معروف ان بلان استلم منصبه وكان ضمن اولوياته اعادة اللحمة الى التشكيلة بعد فضيحة 2010، لكن الخلافات بين بلان ورئيس الاتحاد نويل لوغراي حول تجديد عقد الاول أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن «البريزيدان» يبحث عن مصلحته اولاً قبل مصلحة المنتخب. من هنا، كيف يمكن لمدرب ان يضبط تشكيلته والأنباء تتوارد الى اللاعبين عن رغبة هذا النادي او ذاك بالتعاقد مع مدربهم وكان آخرها توتنهام هوتسبر الانكليزي؟ بتعبير آخر فإن ما بدر في غرفة الملابس بعد مباراة السويد يظهر بأن بلان لم ينجح حتى اللحظة في تكوين مجموعة متلاحمة، علماً ان اتهامات وجّهت اليه قبل اشهر بأنه يؤيد فكرة تحديد عدد اللاعبين الافارقة والعرب في مراكز تدريب الناشئين في الكرة الفرنسية.
الامر الثاني الذي يمكن تلمسه بعد المباريات الثلاث الاولى لـ«الديوك» في كأس اوروبا هو ان المنتخب الفرنسي يفتقد شخصية القائد في الميدان وخارجه على غرار زين الدين زيدان او مارسيل دوسايي او ديدييه ديشان، وهذا لا شك امر بالغ الاهمية في أي تشكيلة وعدم وجوده كفيل بأن يشرذم المجموعة.
اذاً، الموقف في المعسكر الفرنسي يبدو ضبابياً. المنتخب امام تحدٍّ مصيري في مواجهة اسبانيا. الطاقم الفني حريص على عدم تضخيم ما حصل بعد مباراة السويد. السقوط امام «الماتادور» سيقود حتماً الى الانفجار الكبير، وتلك ستكون أم المصائب!