تفكّك، انشقاق، وانقلاب. هذه هي الأوضاع التي عاشها المعسكر الهولندي خلال كأس اوروبا. الأخبار الواردة من الموجودين في بولونيا وأوكرانيا، ومتابعة الصحف الهولندية تعطيان فكرة مبدئية عمّا حصل، وهي أمور إذا صحّت فإنها كارثة حقيقية فعلاً على الكرة الهولندية، لأنها ستترك تأثيرها على المنتخب البرتقالي لفترة طويلة، وقد تعرقل مرحلة ترميمه من جديد، وهو الذي يبدو بحاجة ماسّة الى اعادة بناء بأسرع وقت ممكن، بعدما هدّم بسرعة الصورة الطيّبة التي أظهرها للعالم، وخصوصاً في مونديال 2010 عندما بلغ المباراة النهائية وخسرها بصعوبة امام اسبانيا. المهم ان التقسيم كان حاضراً في معسكر هولندا، فهناك لاعبون شكّلوا تحالفات، وآخرون رفضوا الاختلاط بالمجموعة او الإنصات الى أحاديث رفاقهم، لا بل وجدت فئة كارهة للمدرب ومفضّلة تفادي الحديث معه قدر الإمكان!
اللاعب الاكثر نقداً في الفترة الحالية هو الظهير الايمن غريغوري فان در فيل، الذي لن يكون اي نادٍ بعد الآن مقتنعاً بسهولة بضمه الى صفوفه، بل على مدير اعماله العمل بجهد لتغيير هذا الوضع، إذ إن صورة اللاعب اصبحت قاتمة، بعدما كان هدفاً لاندية كبيرة في اوروبا، وعلى رأسها بايرن ميونيخ الألماني. ويحكى الآن ان فان در فيل اهتم بقصّة شعره اكثر من اصابة النتائج مع منتخب بلاده. اضف، انه كان مهتماً اكثر بمقاسات ملابسه ومظهره الخارجي والموسيقى التي يسمعها، إذ لم ينزع السماعات من اذنيه الا في اوقات المباريات والتمارين، ما جعل التواصل معه صعباً، وخصوصاً ان الأوروبيين معروفون باحترامهم الخصوصية الشخصية بعيداً من اوقات العمل.
روح الفريق لم تكن موجودة ايضاً عند لاعبين عديدين، ومنهم أريين روبن، الذي أتته حالة جديدة أثّرت على نفسيته. فهذا اللاعب الذي قيل انّ لديه «مرض الغيرة» عزل نفسه عن المجموعة، وهو الذي يفترض ان يكون في قلبها لكونه من اللاعبين المؤثرين والاكثر خبرة في تشكيلة المدرب بيرت فان مارفيك.
الامر الواضح ان اللاعبين لا يشعرون بأي شيء تجاه بعضهم البعض، فوحدها السلبية كانت حاضرة، وما عزّز هذا الوضع مثلاً الطريقة التي تصرّف بها كلٌّ من روبن فان بيرسي وابراهيم أفيلاي، المتهمين حالياً بالتكبّر على زملائهما، وعدم وضع نفسهما في مرتبة الآخرين. واللافت ما قيل عن أن فان بيرسي كان يتصرّف بصفته النجم الاول في المنتخب، غير آبهٍ بوجود نخبة من نجوم الكرة الأوروبية والعالمية الى جانبه.

أما أفيلاي الذي يفترض ان يكون شاكراً لفان مارفيك لضمّه الى المنتخب، بعد غيابه عن غالبية الموسم بسبب اصابة بالغة، فإنه طالب بدور اكبر، علماً انه ليس اكثر من احتياطي في برشلونة الاسباني ولم يكن يوماً ممتعضاً من هذا الوضع.
بدورهما وعندما شعرا بمحدودية دورهما قرر كلاس يان هونتيلار ورافايل فان در فارت التشويش على الاجواء، عبر عدم التعاون مع زملائهما ومحاولة جذب آخرين الى صفهما، وعدم الإذعان للمدرب، وخصوصاً الاول الذي تردّد انه لن يرتدي القميص البرتقالي مجدداً إذا بقي فان مارفيك على رأس الجهاز الفني للمنتخب.
ما حصل في هولندا يمكن أن نطلق عليه تسمية «حرب النجوم»، التي اشترك فيها القسم الأكبر من الأعمدة الأساسية للمنتخب، ووحده ويسلي سنايدر حاول لسبب او لآخر إحداث توازن، وابرام اتفاقات سلام والانشغال بالتبرير امام وسائل الاعلام، بأن كل الامور على ما يرام، وما يُردّد في الشارع هو مجرد شائعات لا تمتّ الى الحقيقة بصلة.
لكن للأسف وقبل ان ينجح سنايدر بمسعاه كان الآوان قد فات، وخرجت هولندا بالعلامة الصفر.