يتركز الحديث في هذه الايام في فرنسا حول شخص واحد. بين ليلة وضحاها اضحى ديدييه ديشان شاغل بال الفرنسيين. لم يكد الرجل يترك تدريب احد أشهر الفرق الفرنسية ونعني هنا مرسيليا حتى تسلم منصب مدرب المنتخب الوطني خلفاً للوران بلان. حدثان ضجت بهما فرنسا ولا تزال. نحن هنا امام نجم سابق كان قائداً لمنتخب فرنسا والاول الذي يرفع كأس العالم في تاريخ البلاد. نحن هنا امام نجم خاض 104 مباريات في صفوف «الديوك». تجربة غنية لا شك تجعل من تسلم ديشان مقاليد الأمور مع «الزرق» أمراً مثيراً للاهتمام. لكن ما هو معلوم ان هذه التجربة وحدها لا تكفي لقيادة السفينة الفرنسية، اذ ان بلان لم يقل شأناً في هذا الميدان عن زميله السابق في المنتخب، لكن ما يميز ديشان عن بلان، انه عرف النجاح في ميدان التدريب أكثر من الـ«بريزيدان». اذ ان ديشان قاد عام 2004 فريق موناكو الى نهائي دوري ابطال اوروبا مطيحاً في الطريق فرقاً من العيار الثقيل على غرار ريال مدريد الاسباني وتشلسي الانكليزي قبل ان يسقط في المباراة النهائية امام بورتو بقيادة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو. أضف الى ذلك فإنه نجح في اعادة يوفنتوس العريق في ايطاليا الى مصاف اندية الدرجة الاولى بعد هبوطه الى الثانية جراء فضيحة التلاعب بالنتائج عام 2006 قبل ان يترك منصبه متوجهاً الى بلاده وتحديداً الى مدينة مرسيليا ليعيد بسمة غابت عن هذه المدينة فترة طويلة حيث قاد فريقها اولمبيك مرسيليا الى 6 ألقاب في 3 سنوات بينها لقب الدوري المحلي «ليغ 1».من هنا، يمكن القول ان ديشان بات ملماً بخفايا الامور في مهنة التدريب أكثر من بلان وقادراً على قيادة منتخب بحجم فرنسا.
لكن الامر الثاني الذي يجدر التوقف عنده هو مؤهلات ديشان القيادية بعيداً من الخطط التكتيكية والفنية، اذ بات من المعلوم ان المنتخب الفرنسي لا يعاني مشكلة جيل من اللاعبين او مواهب بقدر ما يعاني من مشكلة في ذهنية أفراده، وهذا الامر بدا واضحاً في كأس العالم 2010 ومن ثم في كأس أوروبا 2012. وانطلاقاً من هذه النقطة، فإن مهمة ديشان ستتركز قبل كل شيء في العمل على تحسين ذهنية لاعبيه وتقريبهم من بعض وهو كان واضحاً حول هذه النقطة في المؤتمر الصحافي الذي قُدّم فيه الى وسائل الاعلام. ما يمكن قوله ان اختيار ديشان كان في محله بالنسبة الى هذه النقطة تحديداً، اذ ان هذا الأخير يتميّز بشخصية قوية وحادة أحياناً حيث لا يتوانى عن الضرب بيد من حديد وهذا الامر يتمثل على سبيل المثال في وقوفه بوجه الرجل القوي في مرسيليا اي المدير الرياضي جوزيه انيغو بسبب تباعد وجهات النظر بين الشخصين.
من هنا، فإن ديشان يمتاز عن بلان في هذه النقطة المهمة باعتبار ان هذا الاخير يتحلى بشخصية هادئة ولا يجيد فن التعاطي مع اللاعبين او المحيطين به وخير مثال على هذا الامر ما حدث في معسكر «الديوك» في البطولة القارية وعدم وجود «كيميائية» بينه وبين رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم نويل لوغراييه.
لا يمكن القول هنا اذاً الا ان لو غراييه كان صائباً بإصراره على ديشان، فالأخير هو ببساطة: الرجل المناسب في المكان المناسب.



شاغل بال الفرنسيين

لا يزال ديشان شاغل بال الفرنسيين رغم مرور أيام على توليه تدريب المنتخب الوطني، إذ فتحت صحيفة «فرانس فوتبول»، على سبيل المثال، أول من أمس، المجال أمام قرائها لإبداء آرائهم في تعيين ديشان، وهل يعتبر أفضل من بلان؟ وهل سيغيّر صورة فرنسا ويتمكن من قيادتها إلى مونديال 2014 في البرازيل؟