القصة بدأت في جلسة 12 شباط الماضي، حين قررت اللجنة العليا للاتحاد اللبناني لكرة القدم إعادة مرحلة الإياب، نظراً إلى وجود تلاعبات في المباريات استناداً إلى تحقيقات قامت بها لجنة منبثقة من الاتحاد بحسب رأي أعضاء اللجنة العليا. حينها رأت بعض أندية الثانية أن القرار غير قانوني، فإما أن تُعلَن التحقيقات ويُطبَّق القانون بالشطب، أو تستكمل البطولة من المكان الذي توقفت فيه.
وتنص قوانين الاتحاد على اللجوء إلى لجنة الاستئناف وفض النزاعات التي تحكم بين الأندية والاتحاد لدى كل خلاف، وتكون «قراراتها النهائية نافذة لمجرد صدورها»، كما تقول المادة 12 ـــ1 من نظام الاتحاد الأساسي والداخلي. وهذا ما قامت به الأندية المعترضة وتقدمت بطعن لدى لجنة الاستئناف التي قررت بعدم قانونية قرار إعادة مرحلة الإياب وبتوصية للعودة إلى ما قبل القرار واستكمال البطولة من المكان الذي توقفت فيه.
الاتحاد بكل بساطة أصبح ملزَماً بتطبيق القرار، كما ينص قانونه، لكن معطيات جديدة فرضت إيجاد مخرج آخر تمثّل بتقديم طلب من 12 نادياًً إلى اللجنة العليا لتحويله إلى الجمعية العمومية لتعديل نظام بطولة الدرجة الثانية بإلغاء الهبوط وإبقاء أندية الخيول والإرشاد وعربصاليم في الثانية بعد أن أسقطتهم اللجنة العليا إلى الرابعة لعدم امتثالهم لإعادة مرحلة الإياب. بناءً عليه، أدرج الاتحاد الاقتراح بنداً أول في الجمعية العمومية التي ستُعقد في 25 الجاري.
مع هذا القرار، بدا وكأن اتحاد كرة القدم يخالف قوانينه «الغامضة والمطاطة»، وتحديداً المادة 7 ـــ 15 التي تتناول مسألة «تحويل اقتراحات موجهة إليها من ثلاث جمعيات على الأقل إلى الجمعية العمومية بشرط عدم تعارض تلك الاقتراحات مع المبادئ القانونية وأن تتوافر فيها الجدية المطلوبة التي تليق بالقيمة المعنوية والمادية للاتحاد ولا يتعارض مع السياسة العامة لاتحاد كرة القدم». ويستند المعترضون على القرار إلى مبدأ عدم قانونية تعديل نظام بطولة بعد أن تكون قد انطلقت، لكن الاتحاد يستند إلى المادة 7 - 13 التي تنص على أنه «... لا يحق للجمعية العمومية أن تنظر في موضوع سبق أن اتخذت الجمعية العمومية قراراً بشأنه قبل انقضاء ستة أشهر على الأقل من تاريخ بحثه في اجتماع سابق للجمعية العمومية».
وهنا يعود المعترضون إلى عبارة «التي تليق بالقيمة المعنوية والمادية للاتحاد ولا يتعارض مع السياسة العامة لاتحاد كرة القدم»، فيسأل أحد مسؤولي الأندية المعترضة: «هل يليق باتحاد كرة القدم أن يعدّل نظام بطولة قبل نهايتها؟».
لكن النقطة الأهم في المشكلة القائمة هي في عدم الأخذ بقرار لجنة الاستئناف كما تنص المادة 12 - 1، فهذا الأمر أثار حفيظة أندية الدرجة الأولى، فأعلن بعضهم رفض ذلك علانية كنادي الأنصار، وأبلغت أندية أخرى رفضها من دون أن تعلن ذلك. فتلك الأندية وغيرها ترى أن بسقوط لجنة الاستئناف تصبح جميع الأمور مباحة، ولا يعود أمام تلك الأندية أي جهة تلجأ إليها إذا وقعت في خلاف مع الاتحاد.
وهنا يتساءل أحد المسؤولين في الدرجة الثانية: «لماذا يضع الاتحاد نفسه في هذا المأزق، ولأجل من؟ فهو حصل على مخرج للمشكلة التي وضع نفسه بها عبر قرار لجنة الاستئناف».
والمشكلة أن المسألة بدأت تأخذ بعداً طائفياً، حيث إن أحد الفرق المتضررة من القرار هو نادي الحكمة، فالمعلومات تشير إلى أن إدارة نادي الحكمة في صدد الذهاب إلى القضاء المدني والتقدم بشكوى إلى قاضي الأمور المستعجلة، وهو ما سيضعه في مواجهة مع الاتحاد، لكون المادة 20 - 10 من فقرة الأحكام العامة تمنع توجه جمعيات كرة القدم إلى القضاء، وإذا قامت جمعية بذلك «تعاقب بالإيقاف عن اللعب ومزاولة أي نشاط حتى آجال محددة من شهر إلى ستة أشهر في مرحلة أولى وبالشطب من عضوية الاتحاد في مرحلة تالية إذا ما امتنعت عن سحب مراجعتها القضائية بعد توجيه الاتحاد إنذاراً لها بهذا الخصوص».
لكن إدارة الحكمة ستعلل سبب اللجوء إلى القضاء المدني بعد أن خالف الاتحاد قانونه ولم يطبق قرار اللجنة القضائية الخاصة به. وهنا ستكبر كرة الثلج الطائفية مع بدء الحديث عن شطب نادٍ مسيحي وتبدأ التدخلات.
ما هو موقف الاتحاد من كل ما يحصل؟
تشعر من خلال حديث إحدى الشخصيات البارزة في الاتحاد أنهم مرتاحون جداً، فهم يعتبرون أن الاتحاد ليس لديه غاية أو هدف، بل يعتبر نفسه خارج الموضوع، فهو وضع الأمر بيد أم السلطات، أي الجمعية العمومية، لسببين؛ الأول هو أن هناك بعض الملاحظات على أداء لجنة الاستئناف وفض النزاعات، وقد قامت اللجنة العليا بإرسال كتاب الى اللجنة القانونية تسألها عن بعض الأمور التي أثارت التساؤلات لدى أعضاء اللجنة العليا، لكن اللافت أن لجنة الاستئناف لم تجب على رسالة الاتحاد. ومن تلك التساؤلات على سبيل المثال طريقة التعاطي مع القضية والنظر اليها من وجهة نظر واحدة دون معالجة الموضع برمته، إذ لا يمكن اللجنة العليا أن تقبل إصدار توصيات بما يتعلق بقرار إعادة الإياب دون التطرّق الى عدم امتثال الأندية لقرارات الاتحاد. فالأصح كان أن تسير الأندية بقرار إعادة الإياب وتطعن فيه في الوقت عينه، وحين تحكم لها اللجنة بقانونية طعنها حينها يمكن طلب تعويض من اللجنة العليا نتيجة القرار غير القانوني التي اتخذته. لكن لجنة الاستئناف لم تأخذ هذا الأمر في الاعتبار، ما أثار علامات استفهام حول عملها. أضف الى ذلك أن اللجنة تأخرت جداً في اتخاذ قرارها، ما دفع البعض للاعتقاد بأنها هناك ضغوطاً تمارس عليها واللجنة تخضع لها، خصوصاً أن التوصيات جاءت مغايرة لما كان أعضاؤها يقولونه، وهذا أمر طرح علامات استفهام حول قانونية عملها. أضف الى ذلك السبب الثاني حيث أن 12 نادياً من الدرجة الثانية رفضت القرار، وأبلغت الاتحاد أنها لن تسير في عملية العودة الى ما قبل إعادة مرحلة الإياب. وهذا ما وضع الاتحاد أمام مأزق، لناحية ضرورة تغليب المنطق في التعاطي مع المسألة، فجاء هذا الأمر ليضاف الى شكوك بعض أعضاء اللجنة العليا في قانونية عمل اللجنة انطلاقاً من معطيات يملكها الاتحاد. وبالتالي قررت اللجنة العليا الاحتكام الى «أم السلطات» كي تبت الموضوع، ما دام هناك أكثر من وجهة نظر. وما هو مؤكّد أن اتحاد اللعبة غير معني بأي تحرّك للأندية نحو القضاء المدني، لا من قريب ولا من بعيد.
وتؤكّد الشخصية البارزة في الاتحاد أن اللجنة العليا منفتحة على أي صيغة تقررها الجمعية العمومية، حتى لو كانت مغايرة لما هو مطروح على جدول الأعمال. أما في ما يخص تعديل نظام البطولة بعد انطلاقها، فالنصوص لا تمنع ذلك. وهنا قد تختلف وجهات النظر بشأن تفسير القانون الذي يحتاج الى إعادة نظر بشكل كامل.



مخرج ثانٍ

تؤكّد مصادر في الحكمة أن النادي سيتحرك من عند وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي لإطلاعه على كتاب موقّع من أندية عدة تطالب اللجنة العليا بشطب الاقتراح الأول الذي تقدمت به أندية أخرى، كنوع من تقديم مخرج ثان للاتحاد.



الاتحاد متمسك بلجنة الاستئناف مع صيغة جديدة


تشير مصادر اتحادية الى أن اللجنة العليا للاتحاد متمسكة جداً بلجنة الاستئناف وفض النزاعات بصورتها العامة وتعتبرها ضرورية لكرة القدم اللبنانية. لكن المشكلة القائمة حالياً هي بسبب التشكيك في عمل اللجنة الحالية، مع وجود ملاحظات عدة عليها. وتؤكّد المعلومات أن رئيس الاتحاد هاشم حيدر (الصورة) بصدد تقديم تصوّر شامل لموضوع لجنة الاستئناف يتضمن تعيين أعضائها من قبل الجمعية العمومية وليس من اللجنة العليا للاتحاد. ويتم التعيين بناءً على معايير عالية توضع لاحقاً، تنطلق من مواصفات رفيعة تسمح بتأليف لجنة من أعضاء كفوئين، وتقطع الطريق على أي عثرات تشوب عملها، كما حصل في موضوع أندية الدرجة الثانية.