مرحلة جديدة يقف امامها برشلونة، اذ يكفي وصول تيتو فيلانوفا لتسلّم رأس الجهاز الفني للحديث عن حقبة اخرى. لكن اللافت انه حتى الآن لا يواكب «البرسا» الضجة التي تثار حالياً في سوق الانتقالات، ولم يكن لديه اي تحرك يوحي بأنه بدأ الاعداد لاسترداد كل ما فقده في الموسم الماضي، اذ اقتصرت تعاقداته حتى الآن على الظهير الايسر الدولي جوردي ألبا القادم من فالنسيا. ورغم اعتبار انه ليس هناك الكثير من العمل في انتظار فيلانوفا بسبب تسلّحه بالادوات نفسها التي رآها تعمل جيداً عندما كان مساعداً لسلفه جوسيب غوارديولا طوال تلك السنوات، فان الرجل مدعو للتعلم من أخطاء الموسم الفائت من اجل إعادة السطوة الى «البلاوغرانا».
ولعل أبرز الثغر التي ظهرت هي في خط الهجوم حيث كان النجم الارجنتيني ليونيل ميسي وحيداً في أحيانٍ عدة في محاولات يائسة لهزّ الشباك، ذلك ان إصابة دافيد فيا وعدم تعويضه بمهاجمٍ آخر كان عاملاً سلبياً في المراحل الاخيرة من عمر «الليغا». وهنا، لا يمكن اعتبار ان التشيلياني أليكسيس سانشيز هو الرجل المناسب لشغل رأس الحربة، رغم المستوى الطيّب الذي قدّمه في موسمه الاول، إذ إنه يلعب جناحاً بطبيعة الحال. لذا فإن استقدام مهاجمٍ آخر الى الفريق لن يضرّ أحداً لا بل انه سيعطي دعماً لميسي وفيا أو حلاًّ اضافياً لفيلانوفا في حال كان الثنائي غير موفّق.
وهذه المسألة تنطبق على خط الدفاع ايضاً، إذ عندما عانى «البرسا» من غياب الكابتن كارليس بويول، ظهر عليه الضعف بعض الشيء. وبالتأكيد لهذا السبب تحرّك فيلانوفا نسبياً في محاولة لاستقدام خافي مارتينيز من أتلتيك بلباو، وهي محاولة يبدو أن مصيرها الفشل بسبب السعر المرتفع الذي طلبه النادي الباسكي مقابل لاعبه الدولي. وفي هذه النقطة يمكن برشلونة أن يضمّ مدافعاً صرفاً لأن لديه أصلاً الارجنتيني خافيير ماسكيرانو الذي يمكنه شغل مركز الوسط المدافع وقلب الدفاع. لذا ليس بالضرورة ان يحترق على مارتينيز، بل ان بعض الاسماء التي وضعها فيلانوفا على لائحته قد تكون مفيدة له بشكلٍ اكبر، أمثال الالماني ماتس هاملس والبلجيكي توماس فيرمايلن.
وانطلاقاً من هذين المحورين، على إدارة برشلونة التصرف بذكاء من اجل تأمين «الوقود» لتحركها في سوق الانتقالات، أي الاموال اللازمة، وهو أمر يمكن تحصيله من خلال بيع بعض اللاعبين الذين لم يعوّل عليهم كثيراً غوارديولا لأسبابٍ مختلفة. ومن هؤلاء الذين بإمكانهم ضخ مبلغ محترم الى الخزينة، الهولندي ابراهيم أفيلاي الذي لن يستطيع يوماً ان يأخذ مكاناً اساسياً في التشكيلة لشغله المركز عينه الذي يحتكره ميسي، وبالتالي فإن 15 مليون يورو تقريباً قد تكون بداية جيدة لحمل شيكٍ مغرٍ الى السوق وسدّ ثغرة فاضحة.
إذاً، تشكيلة فيلانوفا ناقصة حتى الآن باستثناء خط الوسط حيث يوجد العباقرة المعروفون. وهؤلاء سيكونون العامل المساعد للمدرب الجديد من أجل الحفاظ على الفلسفة التي أدخلها غوارديولا الى لعب «البرسا» في الاعوام الاخيرة، وهو امر مرشح للحصول بسبب عدم مفارقة فيلانوفا لـ«بيب» منذ أن انطلق الاخير في مسيرته التدريبية مع الفريق الرديف لبرشلونة. لكن فشل فيلانوفا قد يكون على صورة المشهد الاخير الذي ظهر عليه غوارديولا، وذلك ان النقص في الاوراق عند حصول أمورٍ طارئة كالإيقافات والإصابات سيقضي على كل مخططاته.
ربما لمرة نادرة على برشلونة التعلّم من «عدوه» ريال مدريد الذي أصاب النجاح أخيراً بسبب غنى تشكيلته، حيث وجد بديلاً لكل لاعبٍ اساسي.