برودة العاصمة البريطانية ستذوب تحت وطأة الحماسة الرياضية، وضباب لندن سيختفي امام لمعان الميداليات التي ستتوّج اعناق الأبطال وتدخلهم التاريخ، إذ لا شيء اغلى من لقب بطل أولمبي، وهو الطموح الذي يعدّ له الرياضيون لمدة اربع سنوات متواصلة. الالعاب الاولمبية ستبدأ الليلة من حفل الافتتاح (الساعة 23,00 بتوقيت بيروت)، وتستمر حتى يوم حفل الختام في 12 آب المقبل، لتعود بعد اكثر من 70 عاماً الى لندن التي ستحتضن اكثر من 10 آلاف رياضي ورياضية، ينتمون الى 205 دول ستتنافس على الميداليات المختلفة المعادن في 26 رياضة.
طقس لندن المكروه لن يمنع ملايين محبي الرياضة من زيارة الحديقة الاولمبية (أولمبيك بارك)، التي صُمّمت حديثاً في شرق العاصمة لتشهد على تقليد لعرس رياضي يعود تاريخه الى 775 سنة قبل المسيح، وهؤلاء بالطبع يريدون ان يواكبوا لحظات المجد لأبطالهم، اذ إن صرخة النصر تبقى عالقة في الذاكرة، ومثلها الدموع التي يذرفها الخاسرون.
والالعاب الاولمبية في لندن ستكون الرقم 30 منذ اعادة احيائها عام 1896، حيث أُقيمت في اولمبيا القديمة في اليونان، وتضمنت مسابقة واحدة صوّرت السباق الذي كان يقوم به الإغريق في الماضي الغابر، لكن هذه الالعاب تطوّرت تدريجياً فوصلت مسابقاتها مع النسخة الحالية الى 302، مع دخول فعاليات جديدة، وهي تنتقل الآن الى بلد عاشق للرياضة بمختلف انواعها، وهو عامل اساس في اختيار البلد المنظم للاولمبياد بهدف انجاحه. وطبعاً لندن كانت على الموعد، فشَرعت بالتحضير للحدث منذ منحها شرف الاستضافة في 2005، وهي تقف امام تحدٍّ استثنائي وصعب في آن واحد، يتمثل في محو الصورة التي طبعها العالم في فكره حول الالعاب الاولمبية التي اقيمت في العاصمة الصينية بكين عام 2008، ولامست صفة «الاسطورة» الى حدٍّ ما، من حفل الافتتاح الرهيب، الى حفل الختام الخرافي، ومروراً بانجازات تاريخية لأبطال سيخلّدون من دون شك في كتب التاريخ الرياضي، منهم العداء الجامايكي أوساين بولت، الذي اصاب عامذاك رقمين قياسيين في سباقي 100 و200 متر.
ورغم اعتبار انكلترا بلداً متقدّماً في مختلف المجالات، فإنه لا يمكن اغفال نقطة مهمة وهي ان الالعاب الاولمبية ستحييه رياضياً في شقين: الأول فني ضمن سعي قديم لمجاراة الولايات المتحدة والصين على زعامة العالم الاولمبي، والثاني اعماري يرتبط بالبنية التحتية التي جرى تحديث بعضها وبناء اخرى جديدة. والمثال الابرز على هذا الامر هو الملاعب الاولمبية الـ 34، ومحطات القطار السريعة وعددها 30، وهي بامكانها نقل 240 الف شخص في كل ساعة الى الـ «أولمبيك بارك».
ما تحمله الالعاب من معانٍ لا يمكن إحصاءه، إذ يكفي التعرّف على كيفية عمل البلدان في ما يسمى «بناء الميدالية» لمعرفة مدى الجهد والمال الذي يكلف صعود بطل ما الى احدى الدرجات الثلاث لمنصة التتويج، إذ إن العمل البدني يظهر على مدار الايام طوال اربع سنوات، والميزانيات التي ترصد تعطي ارقاماً مخيفة وسط تأمين حاجات ومتطلبات الابطال المنتظرين، من إعداد ومعسكرات وغيرها. ففي «البلدان الرياضية» هناك نظرة أن مجد الرياضي من مجد البلاد، لذا فإن الحصول على ميدالية اولمبية لا يقدّر بثمن.
لأكثر من أسبوعين ستجتمع بلدان العالم المختلفة لتضع خلافاتها والفروق بينها جانباً، وتنازل بعضها بعضاً في ارفع واكبر تجمّع رياضي. هناك في لندن ستنمو عداوات رياضية جديدة، وصداقات جديدة وانجازات قد يشهدها العالم للمرة الاولى. هذا العالم الذي يصوّره الشعار الاولمبي بدوائر مختلفة الألوان (كل لون يدلّ على احدى القارات) هدفه المشترك الآن لون واحد: الذهبي، ولا شيء سواه.



11 مليون بطاقة

11 مليون بطاقة لحضور الألعاب، بيع 75% منها في بريطانيا، بينها 6 ملايين و600 ألف بطاقة للبريطانيين. أما الباقي، فقد توزع بين اللجنة الأولمبية الدولية والرعاة واللجان الأولمبية الوطنية



الكلفة 14.5 مليار

أنفقت بريطانيا 9.3 مليارات جنيه إسترليني، أي ما يساوي 14.5 مليار دولار على تنظيم الألعاب، ما يساوي 4 أضعاف الكلفة التقديرية التي وضعها القيّمون عند اختيار لندن للاستضافة عام 2005



302 ميدالية تنتظر

سيتنافس 10490 رياضياً على 302 ميدالية في 26 رياضة أولمبية، وسيخضعون لخمسة آلاف فحص للكشف عن المنشطات، التي سبق أن أبعدت عدداً لا بأس به منهم حتى قبل انطلاق الألعاب التي ستحمل تحدياً على هذا الصعيد.