لم تكن قفزة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مكانه تعبيراً عن فرحته بفوز مواطنه تاغير خايبولاييف بالميدالية الذهبية في مسابقة الجودو في أولمبياد لندن، عادية. فرحة أذهلت جميع الموجودين في القاعة، حيث لم يكتف بوتين بالتصفيق، بل ترك مقعده إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وتقدم الى خايبولاييف واحتضنه بحرارة.
في الواقع، لا يمكن التفاجؤ بردّ فعل بوتين ليلة أول من أمس، فالرجل لم يقم بذلك من أجل أن تتسابق عدسات المصورين لالتقاط صوره وإظهاره بشخصية الرئيس الذي لا يتوانى عن الحضور الى المباريات لمساندة رياضيي وطنه؛ إذ لا يخفى أن بوتين هو رياضي بامتياز، وتحديداً في لعبة الجودو.
ليلة اول من امس، عاش بوتين اللحظة بكل انفعالاتها مقدماً عربون وفاء للعبة التي عشقها منذ الصغر.
بداية بوتين مع ألعاب الفنون القتالية تعود الى طفولته حيث تعلق بلعبتي السامبو (من فنون القتال التي يتعلمها أفراد قوات الأمن الروسية) والجودو وهو في الحادية عشرة من عمره، وقد حقق اكثر من مرة بطولة لينينغراد في الرياضة الاولى. وفي عام 1973 أصبح أستاذاً في السامبو، وتابع اهتمامه في ما بعد بالجودو تحت إشراف مدربين ذات خبرات كبيرة لينجح في الحصول على الحزام الأسود في هذا اللعبة.
في روسيا، لا يتفاجأ المواطنون هناك برؤية رئيسهم على حين غفلة، وهو يرتدي الثياب البيضاء الخاصة بلعبة الجودو ويتبارى مع احد اللاعبين. فقبل فترة قصيرة مثلاً، قدّم بوتين عرضاً خلال لقاء تدريبي خاص أذاعه التلفزيون الحكومي، وقد تغلب فيه على العديد من اللاعبين بينهم كبير المدربين، ايتسيو جامبا، الحاصل على ميدالية ذهبية اولمبية. وأكثر من ذلك، فقد عرض، على سبيل الدعابة، الانضمام الى الفريق الوطني الروسي للجودو.
ويقول أناتولي راخلين مدرب بوتين لأكثر من 15 عاماً عن مهاراته: «بصفة عامة، يتميز فلاديمير بأسلوب ممتاز. ندعو الله أن ينعم على كل من في سنّه حتى يكونوا قادرين على ان يفعلوا مثله».
حبّ بوتين للرياضات القتالية، وتحديداً الجودو، رسّخ في ذهنية الروس شخصيته القوية، بعيداً عن أنه كان سابقاً ضابطاً في جهاز الأمن «كي جي بي» خلال الحقبة السوفياتية، حيث لم يتوان شخص روسي عن إنتاج مسلسل كرتوني يظهر فيه بوتين بشخصية البطل في الجودو الذي يعمل على إنقاذ الروس في المواقف الصعبة.
ولعل تعلّق بوتين الشديد يتجلى بأبهى حلله في الكتاب الذي طرحه في الأسواق وحمل عنوان: «دراسة الجودو مع فلاديمير بوتين».
إذاً، هذا هو بوتين ببساطة. ليس بقليل ما فعله أول من أمس، فمن يعلم؟ ربما كان بوتين طوال المباراة يشعر بحسرة داخلية لو انه كان مكان خايبولاييف ينافس في الأولمبياد.



متعدد المواهب

لا يمنع اهتمام فلاديمير بوتين المنقطع النظير بلعبة الجودو من أن يلتفت إلى رياضات أخرى، وفي مقدمها كرة القدم، إضافة إلى السباحة. كذلك فإنه مارس قبل فترة لعبة الهوكي على الجليد. وأهم من كل ذلك، أن بوتين أدى دوراً في فوز بلاده بشرف تنظيم بطولة كأس العالم 2018، وهو يسعى إلى استضافتها سباقاً في الفورمولا 1.