تسارعت الأحداث في الأيام الأخيرة في ما خصّ رالي لبنان الدولي الذي يشكّل المرحلة الثالثة من بطولة الشرق الأوسط للراليات، والذي كان من المفترض ان تحتضنه الطرقات اللبنانية بين السابع والتاسع من الشهر المقبل، على ان يليه اجتماع لأندية السيارات الخاصة بدول المنطقة. الا ان الحركة في الخليج العربي كانت دؤوبة وبشكلٍ موازٍ ربما للتحضيرات التي يُعدّها المنظمون من اجل استضافة الرالي، الذي لطالما اعتُبر الأكثر اثارة في الشرق الأوسط بفعل التحدي الصعب الذي تفرزه الطرقات اللبنانية.
والتحرك الخليجي في هذا الإطار كان قطري اللون، انطلاقاً من توجيهات الدولة القطرية بتنبيه مواطنيها بعدم السفر الى لبنان للأسباب الأمنية المعروفة، ما دفع النادي القطري للسيارات الى التوجّه نحو سحب سائقيه من الرالي اللبناني، في خطوةٍ ستفتح الباب من دون شك أمام تضامن خليجي معها، وبالتالي إعلان السائقين السعوديين والإماراتيين والكويتيين عدم مشاركتهم في الرالي.
مصدر في النادي اللبناني للسيارات والسياحة أكد لـ«الأخبار» أنه تحدث بعد ظهر أمس الى رئيس النادي القطري ناصر خليفة العطية الذي أكد له التزام ناديه بقرار دولة قطر، وبالتالي فإن السائقين القطريين لن يحضروا الى بيروت، ما يعني ان السباق سيخسر المشاركة الأهم بالنظر الى ثقل هؤلاء السائقين في المنافسة على لقب السباق وبطولة الشرق الأوسط على حدّ سواء.
وأشار المصدر اللبناني عينه الى ان مدير بطولة الشرق الأوسط ونائب رئيس الاتحاد الدولي للسيارات، الإماراتي محمد بن سليم، سأل شخصياً عن الوضع في لبنان وإمكان تنظيم الرالي، بينما كان هناك اهتمام شخصي من رئيس «فيا» الفرنسي جان تود، الذي اتصل بالنادي اللبناني مستطلعاً الأوضاع أيضاً.
وفي ظل هذه الأجواء، سيعقد النادي اللبناني اجتماعاً اليوم للبحث في المستجدات الحاصلة وسط توجّهين، الأول يقضي بتعليق إقامة الرالي، والثاني، وهو الأقرب الى الإقرار، إقامته لكن على مبدأ اعتباره ضمن البطولة المحلية، وبالتالي فإن النقاط التي سيحرزها السائقون لن تضاف الى رصيدهم في بطولة الشرق الأوسط. وهذا الأمر لن يرضي السائقين اللبنانيين ابداً، وخصوصاً ان الفرصة سانحة امام نيك جورجيو مثلاً للانفراد بصدارة البطولة الاقليمية، حيث يتساوى نقاطاً مع الثلاثي القطري مسفر المري وخالد السويدي وعبد العزيز الكواري برصيد 25 نقطة لكلّ منهم. أضف انه في حال فوز روجيه فغالي على غرار ما جرت عليه العادة، فإنه سيحصل على 25 نقطة، وبالتالي فإنه سيخلط الأوراق ويقف في وضعٍ مريح لغنم اللقب الشرق أوسطي في حال المشاركة في سباقي قبرص والأردن، حيث يملك أسهماً عالية للفوز.
ويمكن القول ان كل هذه الحسابات تدخل في صلب الاهتمام القطري الذي «يتمنى» الغاء الرالي، وخصوصاً وسط ادراك السائقين القطريين صعوبة ما ينتظرهم في لبنان، حيث قد يخرجون خالي الوفاض لأن النقاط ستمنح هذه المرة لأولئك الذين يحتلون فقط المراكز المتقدمة، حتى لو لم يكونوا مسجلين ضمن بطولة الشرق الأوسط، لا كما جرت عليه العادة سابقاً، وبالتالي فإن الغلة الأكبر من النقاط ستذهب لا محالة الى اللبنانيين المتخصصين على طرقاتهم.
مدير الرالي اللبناني، عصام حتي، توقّع أن تتوضح كل الأمور بين اليوم وغدٍ، مؤكداً «نحن مستمرون في تحضيراتنا لأن فكرة الغاء الرالي غير واردة، والسباق سيقام في موعده». وأوضح: «القرار هو لنا في أي شأن يختص برالي لبنان، وبالتأكيد ليس بإمكان أحد أن يلغيه عن برنامج بطولة الشرق الأوسط، باستثناء الاتحاد الدولي للسيارات».
وتمنى حتي ألا تأخذ الأمور منحى سياسياً في ما خصّ رالي لبنان «لأن هناك العديد من محبي رياضة السيارات ينتظرون هذا الحدث بشغف ويأملون مشاهدة منافسة قوية».
إلا أنه من دون شك سيتأثر الجميع سلباً في حال سقوط الرداء الإقليمي عن رالي لبنان، وخصوصاً السائقين الذين جذبوا الرعاة على اعتبار أنهم يسابقون في احدى مراحل بطولة الشرق الأوسط التي تحظى باهتمامٍ إعلامي وجماهيري أكبر، وهم سبق أن تكبدوا التكاليف الباهظة لتحضير سياراتهم. ولهذا السبب وغيره، هناك ضرورة لإقامة الرالي بصورته الطبيعية التي لم تهتز إطلاقاً، رغم كل الأحداث التي جرت في البلاد في الأعوام الماضية، اذ لم يغب السباق عن الروزنامة سوى في عام 2005 لأسبابٍ أمنية لا يمكن مقارنتها أبداً بتلك التي تحصل الآن.