تكاد تشكيلة منتخب المغرب تخلو من لاعبين يدافعون عن ألوان أندية محلية في كل مرة يذيعها المدرب البلجيكي إيريك غيريتس. هو بالطبع أمر إيجابي بالنسبة الى منتخبٍ عربي، الذي يمكن اعتباره أكثر المنتخبات العربية تمثيلاً بلاعبين يرتدون ألوان أندية أوروبية تخوض غمار أقوى البطولات الوطنية في إنكلترا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وغيرها. ومن الموسم الماضي وانسحاباً الى الموسم الجديد، تطفو أسماء النجوم المغاربة هنا وهناك، تاركة بصماتها بشكلٍ مؤثر مع الأندية الأوروبية، فمهدي بن عطية كان أحد أبرز المدافعين في الدوري الإيطالي مع أودينيزي، بينما كان يونس بلهندة «مهندس» إحراز مونبلييه لقب الدوري الفرنسي بشكلٍ خارجٍ عن التوقعات.
كذلك، شدّ عادل تاعرابت الأنظار مع كوينز بارك رينجرز وأصبح هدفاً لأهم أندية الدوري الإنكليزي الممتاز، بينما انضم مبارك بوصوفة الى أنجي ماخاشكالا الروسي الذي دأب على استقطاب نجومٍ كبار بعد عيشه طفرة مالية استثنائية جعلته يرصد حتى النجمين الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو.
وتطول اللائحة الى زكريا لبيَض الهولندي النشأة والمنتقل الى سبورتينغ لشبونة المعروف بتقديمه أفضل مواهب الكرة البرتغالية، وما استعانته بلاعبٍ مغربي إلا إيمان منه بقدراتٍ لم يجدها حتى في أكاديميته الشهيرة. ولا يمكن إغفال الاسم الذي صنعه نور الدين أمرابط مهاجم غلطة سراي التركي، ويوسف العربي مهاجم غرناطة الإسباني، ومنير الحمداوي رأس حربة فيورنتينا الإيطالي حالياً وأحد أبرز هدافي الدوري الهولندي سابقاً، وقد انضم الى هؤلاء حديثاً أسامة السعيدي المنتقل الى ليفربول الإنكليزي الغني عن التعريف، بينما يبقى مروان الشماخ هدافاً يحسب له ألف حساب، رغم خبوّ نجمه أخيراً مع أرسنال الإنكليزي.
باختصار، من لائحة الـ 26 لاعباً التي استدعاها غيريتس في حزيران الماضي وُجد 22 لاعباً محترفاً، بينهم 21 في أوروبا، إذ وحده الكابتن حسين خرجة يلعب بعيداً عن «القارة العجوز» وتحديداً العربي القطري الذي انتقل إليه بشكلٍ مفاجئ بعدما كان أحد نجوم الدوري الإيطالي، وخصوصاً عندما لعب مع إنتر ميلانو.

سبب الفشل

لكن تألق هؤلاء اللاعبين في أقطار العالم المختلفة لم يشفع للمنتخب الوطني في استعادة أمجاده السابقة أو على الأقل التربع على عرش «القارة السمراء» الذي عرفه مرة واحدة عام 1976، فضلاً عن الفشل في تقديم «أسود الأطلس» أنفسهم على الساحة العالمية، رغم أن المنتخب الحالي يعتبره كثيرون أفضل من ذاك الذي بلغ نهائيات كأس العالم للمرة الأخيرة عام 1998 بتشكيلة ضمّت عامذاك نجوماً رائعين، أمثال نور الدين نايبت ومصطفى حجي وسعيد شيبة وصلاح الدين بصير وعبد الجليل حدّا «كاماتشو» ويوسف شيبو، وهؤلاء خرجوا من المونديال وفق ما عرف بـ«المؤامرة» البرازيلية ـــ النروجية.
واللافت أن الخيبات ازدادت أخيراً، فكان الخروج المبكر من كأس أمم أفريقيا هذه السنة، تبعها أداء ضعيف في التصفيات المؤهلة الى مونديال 2014، من دون أن يكون للأكثرية الساحقة لهؤلاء النجوم أي تأثير يشبه أداءهم مع فرقهم. وهنا، توجّه الاتهامات الى رجلٍ واحد هو غيريتس الذي لم يشفع له فوزه بلقب كأس العرب الأخيرة بمنتخبٍ رديف، إذ إنه من دون شك المدرب الأكثر إثارة للجدل في تاريخ المنتخب المغربي الذي سبق أن تعاقد مع مدربين أجانب كثر، لعل أبرزهم الفرنسيين جوست فونتين وهنري ميشال وفيليب تروسييه وروجيه لومير.
مشكلة غيريتس ليست فنية فقط لناحية عدم معرفته توظيف نجومه بالشكل الصحيح، لا بل لديه مشكلات شخصية مع بعضهم، وعلى رأسهم تاعرابت، وذلك بسبب طبيعة علاقاته المباشرة مع لاعبين عديدين، والمثال الأبرز على هذا الأمر عندما نقل العربي من كاين الى الهلال السعودي الذي أشرف عليه سابقاً، مستغلاً علاقته باللاعب لإرضاء طموحات النادي المذكور، وهو ما تسبّب بتراجع مستوى الهداف المغربي الذي كان مطلوباً في أندية أوروبية كبيرة، على رأسها مرسيليا الفرنسي. كذلك، لا بدّ من الإشارة الى أن كل خطوة يقوم بها غيريتس تثير امتعاض الرأي العام الكروي، وسط بقاء الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد المغربي) صامتة، وهو أمر أثار مساءلة في البرلمان المغربي، بينما وقّع مشجعون في حزيران الماضي عريضة تطالب بإقالة غيريتس من منصبه.



مواهب جديدة


طبّق نظام الاحتراف في البطولة المغربية للمرة الأولى في الموسم الماضي، حيث تمكّن المغرب التطواني (الفريق العربي الوحيد الذي لعب في الليغا الإسبانية موسم 1951-1952) من انتزاع اللقب بعد منافسة قوية مع الفتح الرباطي، وبعيداً عن المثلث القوي الوداد والرجاء البيضاويين والجيش الملكي. ورغم تراجع نتائج الأندية و«المنتخبات الأطلسية» فإن الكرة المغربية لا تزال تصدّر لاعبين الى أوروبا، آخرهم الحارس ياسين بونو الذي انتقل من الوداد الى أتلتيكو مدريد، كما أن هناك مواهب أخرى على أبواب الاحتراف في فرنسا وهولندا وبلجيكا.