لم تكن الاجواء روتينية أمس في العاصمة الاسبانية مدريد، ففي جولة على وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة يمكن أخذ فكرة عن الشغل الشاغل للصحافيين والرأي العام على حدٍّ سواء. الكل كان يتحدث عن شخص واحد هو النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، وهذه المرة ليس بسبب هزّه شباك برشلونة او قيادته فريقه ريال مدريد الى انتصارٍ آخر بل بسبب القنبلة التي القاها بتصريحٍ غير متوقّع يوضح فيه ماهية شعوره الحالي مع النادي الملكي وعنوانه عدم السعادة.
رونالدو غير سعيد ومهموم، وهو اراد التصريح بهذا الامر علناً من اجل إبلاغ الكل بما يحصل ويجعلهم يعيشون نفس الحالة، اذ ان الحقيقة هي ان مدريد لم تعرف السعادة أخيراً من دون «الدون»، وما شعوره بعدم الرضى الا وهو مشكلة يحسب لها الف حساب لان نجماً بثقل رونالدو وله ذاك التأثير الكبير على الفريق، يفترض ان يدلّل من اجل الحفاظ على الاستقرار الفني، وخصوصاً انه عنصر لا يمكن تعويضه.
اذاً، الكل حاول الغوص في البحث عن سبب الامتعاض الكبير لرونالدو، فاختلفت التحليلات بين صحيفة اسبانية واخرى، وبين القنوات التفلزيونية هناك في بلاد الاندلس حيث يفترض ترقّب الحقيقة بدلاً من متابعة صحف اجنبية اخرى مثل الانكليزية التي اجتهدت ايضاً مفرزةً اسباباً غير منطقية نوعاً ما.
وعموماً، اتفقت مصادر عدة على ان سبب حزن رونالدو يعود الى عدم فوزه بجائزة افضل لاعب في اوروبا، والتي ذهبت الى نجم آخر من برشلونة هو أندريس إينييستا، وذلك رغم ان البرتغالي فعل كل شيء للتغلب على الكاتالونيين في الموسم الماضي. لكن هذا السبب لا يبدو منطقياً ايضاً، وخصوصاً ان رونالدو، رغم ظهور الخيبة على وجهه صفّق لإينييستا لدى تسلّمه الجائزة من رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني. أضف انها ليست المرة الاولى التي يخسر فيها «سي آر 7» السباق الى جائزة فردية وامام لاعبٍ من برشلونة تحديداً حيث عاش الخيبة نفسها في الاعوام الاخيرة في مواجهة الارجنتيني ليونيل ميسي على جائزة افضل لاعب في العالم.
صحيفتا «آس» و«ماركا» المواليتان لريال مدريد كانتا الأنسب للبحث عن واقع الحال، وخصوصاً ان «المسرّبين» الخاصين بهما ينشطون كثيراً في اروقة النادي الملكي، فاتفقتا على ان رونالدو التقى الرئيس فلورنتينو والمدير العام خوسيه أنخيل سانشيز السبت الماضي طالباً منهما الرحيل عن الفريق، لكن الصحيفتين عجزتا عن تحديد السبب المحيّر لهذا الطلب الذي لا شك في انه جعل بيريز وسانشيز ينظران الى وجهي بعضهما باستغراب.
وهاتان الصحيفتان لم تسقطا مسألة الحساسية التي يتمتع بها رونالدو، اذ يشعر بأنه على مسافة من الجميع، وخصوصاً من البرازيلي مارسيلو الذي لم يعد يتكلم معه منذ ان اعتبر الاخير ان الحارس إيكر كاسياس هو من يستحق الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم. وتأثّر رونالدو بهذا الامر يعود الى انه ومارسيلو كانا ضمن مجموعة متقاربة جداً تضمهما الى البرتغاليين الآخرين بيبي وفابيو كوينتراو، بيد ان البرازيلي اصبح يركض محتفلاً مع زميلٍ آخر عند هزّ رونالدو الشباك!
ويبدو ان الطفل الصغير الموجود داخل الملاعب الذي وُصف بالمتعجرف، قد استفاق، وخصوصاً عندما ذكر التلفزيون الاسباني انه بكى لمدة عشرين دقيقة بعد المباراة امام غرناطة لشعوره بأنه غير محبوب بين زملائه...
ويتقاطع الوصف بالطفل مع احاديث أخرى تفيد بأن رونالدو اصيب بالجشع، وهو يلعب لعبته الآن ليصل الى مبتغاه اي الحصول على اموالٍ اضافية بعدما اظهر للنادي انه لا غنى عنه بفضل الاهداف الكثيرة التي سجلها، وبالتالي فإن استراتيجية الضغط بطلب الرحيل ستؤتي ثمارها وتحمل اليه المبلغ الذي يطلبه. وفي سياقٍ متصل كان حديث التلفزيون الاسباني عن اغراءات تلقاها النجم البرتغالي اخيراً ولا يزال يفكر فيها ومصدرها مانشستر سيتي الانكليزي وباريس سان جيرمان الفرنسي وحتى أنجي ماخاشكالا الروسي. وهذا الامر قد يكون صحيحاً، وخصوصاً ان الصحف الاسبانية نقلت عن رونالدو منذ فترة قصيرة حديثه عن عقدٍ «لمدى الحياة»، وبالتالي فانه يلعب الورقة نفسها التي رماها مواطنه المدرب جوزيه مورينيو بتسريبات صحافية مفادها انه سيعود الى انكلترا في نهاية الموسم الماضي، فما كان من ادارة الريال الا ان حسّنت شروط عقده الذي قيل انه اصبح يقارب الـ16 مليون دولار سنوياً.
وبطبيعة الحال وأيّاً كانت الاسباب، فان عمل ادارة الملكي سيكون كبيراً لارضاء النجم البطل لأن رحيله سيعني نهاية حقبة، اذ ان ريال مدريد ليس هو ريال مدريد من دون «الدون» رونالدو.



كل الحق على كوينتراو

يبدو أن ما يحصل مع رونالدو يتحمّل شخصيته بشكلٍ كبير مواطنه كوينتراو، وذلك بحسب الصحافي في «آس» توماس رونسيرو، الذي رأى أن الأخير يضع الكثير من الأفكار السوداء في رأس هداف ريال مدريد ويؤثّر عليه، وهو يحرّضه أيضاً على مارسيلو ضمن صراعه مع الأخير على مركز الظهير الأيسر، الذي لم يملأه حتى الآن منذ قدومه إلى نادي العاصمة.