لا شك في أن التعصّب في كرة القدم هو أحد أبرز عيوب هذه الرياضة، وقد انتشر في الآونة الأخيرة بشكلٍ ملحوظ جداً، ليؤثر سلباً على اللاعبين، وخصوصاً في البلدان التي تحضر فيها اللعبة بقوة. ومع كل المحاولات من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم لقتل هذه الظاهرة، إلا أنها تفشت كداء عضال، فأثّر التعصّب بشكلٍ كبير على المشجعين واللاعبين وإداريي الأندية، فتحوّلت اللعبة أحياناً أشبه بحروب داخل المستطيل الأخضر وخارجه عكست منظراً غير حضاري.
وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر المتأثرين بهذا التعصب هو اللاعب الذي من خلال مواقف معيّنة بات يكشف عن تعصّبه بشكل أو بآخر، وذلك إما من خلال تصريح له ضد الفريق المنافس أو من خلال ردّ فعل في المباراة، فتظهر الخشونة في الكلام والتدخلات، وخصوصاً في المباريات التي يتواجه فيها غريمان تقليديان.
ففي نهاية المطاف يبقى اللاعب هو الضحية، حيث يسقط في الفخ وتراه في حالة غضب مستمر في مباريات تجمعه بالفريق المنافس حيث الضغوط النفسية الهائلة.
وهذه الضغوط النفسية تعدّ من العوائق التي تحدّ من أن يؤدي اللاعبون أداءهم على أكمل وجه، وما يزيد من الضغوط هو اجتهادات الصحافة الرياضية أحياناً في كل ما يخص أو يتعلق باللاعبين، فتسبّب زيادة ظهور الضغوط النفسية لديهم. ففي الأعوام الماضية طرأ تطور كبير على رياضة كرة القدم، ما جعلها محطّ أنظار العالم بأسره من خلال التغطية الهائلة لوسائل الإعلام بمختلف أنواعها، وخصصت لها تلك الوسائل، لا سيما الرياضية منها، حيّزاً واسعاً. ومن هذا المنطلق يرى الكثير من اللاعبين أن الصحافة الرياضية تعتبر مهمة إلى أبعد الحدود، نظراً إلى مدى تأثيرها على الوسط الرياضي بمختلف مكوناته من حكام ولاعبين ومدربين وإداريين وجماهير.
وتعتبر الرعاية النفسية للرياضيين مجالاً مهماً من مجالات علم النفس الرياضي، حيث تهدف إلى تقديم الخدمات التي تساعد اللاعب والفريق على مواجهة الصعوبات والمشاكل التي تؤدي الى تراجع مستوى أدائهم خلال التدريب أو المنافسات الرياضية، بهدف استثمار قدرات اللاعب البدنية والمهارية والنفسية من أجل تحقيق أفضل إنجاز ممكن. فالإعداد الخاص بالتدريب على المهارات العقلية وحل المشكلات النفسية الخاصة باللاعب يعتبر جزءاً لا يتجزأ من التمارين التي يمارسها اللاعب، بل هو عمودها الفقري. ففي النهاية، هي أساس تقديم اللاعب لأداء مميز ومؤثر في المباراة.
وتصبّ على المدربين المهمة الصعبة بإخراج اللاعبين من حالة الضغط النفسي التي يواجهونها. ومن هؤلاء الذين أتقنوا التدريب إضافة الى الطب النفسي، مدرب تشلسي الإنكليزي، الإيطالي روبرتو دي ماتيو، حيث أيقظ مهاجمه الإسباني فرناندو توريس وأعاده لتسجيل الأهداف بعد كبوة لازمته مذ قدومه الى الـ«بلوز»، إضافة الى مدرب ريال مدريد، البرتغالي جوزيه مورينيو، حيث دائماً ما كان يضع المسؤوليات التي قد تؤثر على لاعبيه سلباً، على كاهله، لكي لا يؤثر ذلك على أدائهم، وخصوصاً في حال خسارة فريقه. وأورد البولوني ييرزي دوديك حارس مرمى ريال مدريد السابق في كتابه «تحت الضغط»، أن مورينيو «طبيب نفسي عظيم»، وذكر كيف واجه مورينيو الغضب والبكاء الشديد لبعض اللاعبين في غرف تبديل الملابس بعد الخسارة بنتيجة قاسية أمام برشلونة 0-5، وقال: «حديث مورينيو كان رائعاً ومؤثراً، وتمكنّا بعد خطابه من تجاوز الهزيمة، واكتشفنا كيف كان هذا المدرب طبيباً نفسياً عظيماً».