لندن | صحيح أن أرسنال استغنى تباعاً عن عددٍ لا يستهان به من النجوم الذين كانوا مركز الثقل في تشكيلته، لكن هناك في «استاد الإمارات» يرفض المشجعون فكرة أن فريقهم لا يملك نجماً، بل يؤمنون بأن «المنتظر» موجود في صفوف المدرب الفرنسي أرسين فينغر، وهو سيُبعث قريباً لكي يقود «المدفعجية» الى دكّ حصون خصومهم والاحتفال بالألقاب على منصات التتويج.لكن، من هو هذا «المدفعجي» البطل الذي يمكن أن يرسم هالة لنفسه كتلك التي خطّها في العصر الحديث الفرنسي تييري هنري، وقبله الهولندي دينيس بيرغكامب، وبعدهما مواطن الأخير روبن فان بيرسي؟
سؤال كان جدير طرحه على مشجعي أرسنال الذين يؤكدون، من خلال القمصان التي يرتدونها وهم يجلسون في مدرجات «استاد الإمارات»، أنهم لم يجدوا «المخلّص» حتى الآن، إذ يبدو واضحاً للعيان أن القميص الرقم 10 الذي كان يرتديه فان بيرسي لا يزال حاضراً بقوة، ما يعني أن عدم تبديل هؤلاء المشجعين لاسم لاعبهم المفضل يوضح بأن مسألة الاتفاق على نجم مطلق لم تحسم بعد بالنسبة إليهم.
وفي هذا الإطار، يرى قسم كبير من هؤلاء المشجعين أن البعض لم يرَ في فان بيرسي حتى «أسطورة»، وقد تأكد هذا الموضوع بالنسبة إليهم عندما أدار الهولندي ظهره لهم، مفضلاً التحوّل الى الغريم مانشستر يونايتد. وهذا الأمر استدعى تحركاً فورياً، إذ اتفقت مجموعة على البحث في أمتعتها القديمة واسترداد قميص هنري لارتدائه خلال المباريات، إذ إن الفرنسي برأيهم هو رجل بكل ما للكلمة من معنى كونه لم يفكر يوماً في أن يرتدي أي قميص آخر في الدوري الإنكليزي الممتاز.
وبالفعل، كانت المباراة أمام أولمبياكوس اليوناني (3-1)، أول من أمس، في مسابقة دوري أبطال أوروبا، بمثابة مرحلة تجريبية أخرى لجماهير أرسنال في رحلة البحث عن البطل المنشود، وسط تضارب الآراء وانقسامها إجمالاً حول لاعبَين اثنين الى ثلاثة لاعبين.
من هو رمز أرسنال حالياً؟ سؤال كان مدار البحث في الصف الطويل للمتفرجين المنتظرين تحت الأمطار للدخول الى الملعب، ولأولئك الذين سبقوهم الى المدرجات الباردة في «عاصمة الضباب».
مارك والكينشو، الجد صاحب الـ 64 عاماً، يبدو متحمساً للإجابة عن هذا السؤال، وكلامه يأتي انطلاقاً من تعصّبه المطلق لأبناء بلاده، إذ يقول: «من دون شك، هو ثيو والكوت. هذا الفتى يستحق ارتداء القميص الرقم 14، فهو وُلد ليكون على صورة تييري هنري ويرث عنه الروح القيادية وإجماع الجماهير حوله».
وهنا يقاطعه حفيده دينيس والكنشو (17 عاماً)، فهذا اليافع هو من الجيل الجديد المحبّذ لكل «شيء مستورد»، فيردّ: «أنت مخطئ، فالألماني هو نجمنا الأهم حالياً». ويعني بذلك المهاجم لوكاس بودولسكي، الذي ترتفع أسهم شعبيته بين صفوف اللندنيين.
العودة الى الجد مع ردّ استفزازي: «لكن والكوت هو على صورة فان بيرسي أكثر من هنري، إذ يرفض الآن تمديد عقده وقد يرحل قريباً بحثاً عن مال أكثر». وعند هذه العبارة يعود الرجل للردّ: «في جميع الأحوال، لا أحبّذ أن يكون نجم أرسنال ألمانياً أو ويلزياً، وأنا أتحدث هنا عن أرون رامسي».
المفارقة كانت حاضرة في تلك الأمسية، إذ إن بودولسكي ورامسي هما من حسما فوز أرسنال على أولمبياكوس بهدفي الفوز اللذين يفترض التوقف عندهما، فسقط بالتالي تعصّب السيّد والكنشو!
وفي تلك الأمسية، أنشد الجمهور مراراً: «بودولسكي، بودولسكي، يمكنه التسجيل متى يشاء». أغنية ضجت بها كل الشوارع المؤدية الى محطة أرسنال للمترو، وفيها معانٍ مهمة ودلالات على أن هؤلاء المشجعين في حالة يأس لإيجاد بطلٍ ينادون باسمه ويرتدون قميصه، وما الأغنية هذه إلا دليل على أن «الأمير بولدي» هو المرشح الأبرز للحصول على هذا الشرف. وهذا الأمر يشير إليه كريس بركنز الذي يحلّل بطريقة منطقية، قائلاً إن الألماني يتمتع بكل الصفات التي تخوّله تتويج نفسه قائداً لكتيبة «مدفعجية» لندن، رغم أنه لم يقدّم أداء خارقاً حتى الآن. ويعلّل بركنز قائلاً: «يملك خبرة كبيرة في سنٍ صغيرة، هو جريء ويلعب مهاجماً ويحظى بتعاون الجميع لأنه يحب أن يمرر الكرة إليهم أيضاً. هو ليس أنانياً، وهذا أمر مفصلي».
قد يكون جواب بركنز مقنعاً، وخصوصاً عندما يعطي أمثلة حول أن النجم المطلق في أرسنال كان دائماً لاعباً مهاجماً. لكن الاتفاق على اسم معيّن يبدو صعباً في مدرجات «استاد الإمارات»، إذ يشق شقيقه إدوين طريقه الى الحديث قائلاً: «هو جاك ويلشير. إنه «قلب الأسد» المنتظر، أما البقية فهم كومبارس».



النوعيّة لا النجوميّة

«لا يمكن شراء النوعية»، هذه هي اللافتة الأكثر لفتاً للأنظار بين مئات اللافتات التي تزيّن مدرجات «استاد الإمارات». لافتة هي أشبه بتقدير لأداء لاعبي أرسنال، وهي أيضاً رسالة موجّهة بوضوح الى الخصوم، أمثال: مانشستر سيتي بطل إنكلترا ومانشستر يونايتد وصيفه، اللذين يقول لهما مشجعو أرسنال حرفياً بأنه يمكنهم ربما شراء أغلى اللاعبين النجوم، لكنهم لن يكون بمقدورهم شراء نوعية اللعب الممتعة التي تميّز مجموعة المدرب أرسين فينغر أياً تكن الأسماء الموجودة فيها.