«هما مرشّحان لا ثالث لهما» عبارة قد تنطبق على انتخابات الاتحاد اللبناني لكرة السلة حتى الآن. فالتنافس القائم بين الرئيس جورج بركات ونائبه روبير أبو عبد الله، يبقى محصوراً ضمن هذا الإطار، رغم الهمس عن وجود اسم ثالث. لكن المعطيات تشير الى أن فرضية الاسم الثالث مستبعدة حتى الآن، رغم طرح بعض الأندية، وخصوصاً من الدرجة الأولى، اسم نبيل حواط مرشحاً للرئاسة، وهو أمر لم يصدر عن حواط حتى.
حالياً، لا تزال القصة محصورة بين أبو عبد الله وبركات. الأول سيعقد غداً مؤتمراً صحافياً ليقدم برنامجه الانتخابي للسنوات الأربع المقبلة. وهو برنامج يلقى قبولاً من أطراف عدة اطلعت عليه، وأيّدت معظم فقراته. وتأتي خطوة طرح برنامج انتخابي لتتقاطع مع خطوة أخرى قام بها مرشّح آخر هو الزميل طوني خليل، الذي بدوره أعدّ برنامجاً وبدأ بتوزيعه على الأطراف السلوية، على أن يظهر في الإعلام لاحقاً.
إذاً، هناك من يفكر بطرح برنامج انتخابي، وهو الأمر الغائب حتى الآن عن معظم اللجان الإدارية التي انتخبت في الفترة الأخيرة، إن كان تجديداً أو تزكية أو حتى اقتراعاً من بين مرشحين متنافسين.
في المقابل، لم يعلن بركات ترشّحه للانتخابات إلا من خلال إطلالات إعلامية، دون اعتبار ذلك رسمياً، علماً بأن بركات وأبو عبد الله بدآ العمل الانتخابي قبل فترة طويلة عبر سياسة «العزايم» وطاولات الغداء لممثلي الأندية. لكن ما هو مسيء لبركات وأبو عبد الله أن حصر الحظوظ بينهما ليس قائماً على كفاءة ورؤية، إذ إن أول جواب يصلك حين تسأل بعض الفاعلين في الملف الانتخابي أو المتابعين له: لماذا جورج بركات؟ يأتيك الجواب «مرتاح مادياً، وقادر على أن يدفع من جيبه الخاص». جواب يمكن أن يعتبر صدمة لترشيح رجل من المفترض أن يقود أحد أهم الاتحادات في لبنان. فهل المطلوب أن يكون الرئيس غنياً بغض النظر عن أي شيء آخر؟ وهل رئاسة الاتحاد هي للبيع، ومن يدفع أكثر أو يكون قادراً على ذلك يصل الى الرئاسة؟ فهذه أمور تسيء الى أهل اللعبة قبل أن تسيء الى أي طرف آخر، برأي أحد أبناء اللعبة والمتابع لها من سنوات كثيرة.
ويرد أحد أعضاء الاتحاد على هذه المعادلة باستغراب، إذ إن بركات لم يدفع من جيبه بل عمد الى تسليف الاتحاد. وحين جاءت الأموال من الوزارة استردّ ديونه، في حين أن هناك ديوناً لا تزال متراكمة للرئيس السابق بيار كاخيا وزميله هاغوب ترازيان وغيرهما. وتتساءل مصادر اتحادية عن طريقة التسليف، وهل كانت وفق أصول إدارية وبقرار صادر عن اللجنة الإدارية للاتحاد؟ إذاً، فبركات قام بما كان ينتقد كاخيا عليه، فهو كان يرفع الصوت، وكذلك الأمر بالنسبة الى منافسه أبو عبد الله، بأن طريقة صرف كاخيا مخالفة للقانون، علماً بأن الأخير كان قادراً على تأمين الأموال من أكثر من جهة، بعكس الاتحاد الحالي المعتمد على الوزارة كلياً، في حين أن اتحاداً مثل اتحاد كرة السلة من المفترض أن يكون مركز جذب للممولين والرعاة.
لكن مصادر مقربة من بركات تؤكّد أن الرئيس الحالي ليس فقط «بنك» يمكن سحب الأموال منه، فهو يعتبر أن مشروعه الأكبر هو استضافة كأس آسيا العام المقبل والتأهل للمرة الرابعة الى نهائيات كأس العالم. والجميع يعلم ماذا تتطلب مثل هذه الاستضافة وهذا المشروع من جهد وعمل. كما أن بركات يسعى الى ولاية جديدة بعد موسمين ناريين فنياً في البطولة المحلية، دون أن يكون هناك جواب عما رافق البطولة الأخيرة من تجاوزات وانسحابات وفشل إداري. وقد يكون بركات يحضّر بدوره مشروعاً يقدمه لأهل اللعبة كي يعيدوا انتخابه، فهو لا يقبل أن يكون هو المرشح الأوفر حظاً بسبب رصيده المالي بل بسبب رصيده الإداري في لعبة هو جزء منها منذ 20 عاماً.
أما المرشّح الثاني، أي أبو عبد الله، فهناك رأي عام بأنه قد حان الوقت كي يصل الى الرئاسة بعد طموح لهذا المنصب يعود لسنوات، دون أن يحصل على مبتغاه، وبالتالي أصبح الوقت مناسباً لتحقيق حلمه. وهنا يبرز رأي آخر من داخل اللعبة يشير الى أن رئاسة اتحاد كرة السلة ليست عبارة عن تعويض نهاية خدمة، أو جائزة ترضية نتيجة أحلام تبددت في السابق وحان وقت تحقيقها.
ومن هنا، قد يكون تحرّك أبو عبد الله غداً نحو تقديم برنامج انتخابي شامل يمكن اعتباره نوعاً من رسالة الى المعنيين بأن وصوله الى الرئاسة في حال حصوله لن يكون كمكافأة له، بل نتيجة رؤية وتصوّر للمستقبل.
مؤتمر صحافي يمكن وصفه بالحجر الذي يحرّك المياه الراكدة انتخابياً، ويؤكّد رد أحد المتابعين للملف الانتخابي «هذا الأسبوع بدأ العمل على انتخابات كرة السلة، مع تأكيد على الدقة في اختيار الأعضاء الذين سيحددون هوية الرئيس بناءً على خبرتهم وسيرتهم الذاتية».