لا يمكن متابع مباريات المنتخبات العربية سوى التعاطف معها عندما تواجه خصوماً آسيويين أو أفارقة في مراحل التصفيات المؤهلة إلى البطولات القارية والعالمية. لكن هذا التعاطف يتحوّل أحياناً إلى شفقة محزنة عندما يتحوّل أي منتخب عربي إلى «كيس رمل» في مواجهة أحد عمالقة الكرة، وهذا ما حصل تماماً مع منتخب السعودية الذي سقط بخماسية نظيفة أمام إسبانيا الشهر الماضي، ومع منتخب العراق الذي عاش أول من أمس كابوس هزيمة قاسية بسداسية أمام البرازيل. متابع المباراتين المتعاطف مع المنتخبين العربيين المذكورين لا بدّ من أن يكون ممتنّاً لأن اللقاءين اندرجا ضمن الإطار الودي لا الرسمي، وإلا فربما كانت النتيجة أشبه أو أقسى من ذاك الفوز الذي حققه الألمان على السعوديين بنتيجة 8-0 في كأس العالم 2002.
لكن المتابع نفسه قد يشعر بالأسى على أي منتخبٍ عربي يظهر وكأنه مدمّر كليّاً، وما عليه سوى تأدية دور اللاهث وراء الكرة طوال الدقائق التسعين لمنح المنتخب المنافس فرصة لاختبار قدراته الهجومية، حيث يبدو الأخير أحياناً كأنه في حصة تدريبية، إذ باشارة من مدربه يطلق هجمة من الميمنة، وبغمزة من الأخير يحوّل الجهة اليسرى إلى منطقة حمراء قبل أن تهتز الشباك، ويحمل الخائبون الكرة إلى منتصف الملعب ليقوموا بتحريكها لإعطاء خصمهم جولة أخرى من اللكم.
قد يكون هذا الكلام قاسياً بحق المنتخبات العربية التي يمكن وصفها بالشجاعة لقبول اللعب أمام إسبانيا والبرازيل مثلاً، لكن لا بدّ من قول الحقيقة التي أشار إليها مثلاً مدرب الإسبان فيسنتي دل بوسكي عشية مواجهة السعودية؛ إذ قال بالفم الملآن إن المباراة تمثّل مناسبة لتجربة بينيات إتشيبيريا وناتشو مونريال وخوان فران توريس، وليرى كيفية تفاعل سانتي كازورلا مع المجموعة عندما يشارك أساسياً، إضافة إلى منح فرصة لدافيد فيا لتسجيل عودة ميمونة، وهذا ما حصل عبر توقيع الأخير على هدف العودة الى صفوف «الغضب الأحمر».
وإذا كان بالإمكان تحية هذه المنتخبات على شجاعتها، فإن القيّمين على المنتخب العراقي يُسألون عن مدى استفادة منتخبهم من مواجهة البرازيل في فترة حساسة يحتاج فيها إلى كل الأسباب التي ترفع المعنويات ضمن سباقه للحصول على مقعد مؤهل إلى مونديال 2014. وبالتأكيد، إن مباراة كتلك التي خاضها العراقيون أمام «السيليساو» ليست الأمر المناسب لرفع المستوى البدني والتكتيكي والبدني؛ إذ إن ما خرج به «أسود الرافدين» لم يكن سوى خيبة أمل كبيرة قد تؤثر سلباً على نفسية اللاعبين قبل الموقعة المرتقبة مع أوستراليا، إضافة إلى إرهاقٍ بدني كبير بفعل ركضهم طوال الوقت خلف أوسكار وكاكا ولوكاس ونيمار وغيرهم من النجوم البرازيليين الذين وجدوا في اللقاء مناسبة للاسترخاء من ضغوط المباريات الكبيرة، وخصوصاً أن غالبية رجال المدرب مانو مينيزيس ينشطون في أقوى البطولات الأوروبية.
إذاً، الاستفادة للعرب هي لا شيء، وربما الشيء المميز الوحيد الذي يخرج به اللاعبون ممتنين، هو مبادلة كل منهم قميصه مع أحد النجوم العالميين.