لا شك في أن النجم الألماني المعتزل ميكايل بالاك، لاعب وسط باير ليفركوزن وبايرن ميونيخ وتشلسي الإنكليزي السابق، مثّل علامة فارقة في كرة القدم الألمانية منذ عام 2002 حتى عام 2010 تاريخ اصابته التي ابعدته عن المونديال، ومثّلت نهاية لمسيرته المظفرة في الملاعب. من هنا، ترك بالاك أثراً كبيراً في الكرة الألمانية، وفي منتخبها الوطني بميزاته الكروية والشخصية، حتى ذهب البعض الى اعتبار أنه لو كان «القيصر الصغير» موجوداً في كأس العالم 2010 وكأس أوروبا 2012 لكانت البلاد قد حصلت على لقب على الأقل في هذين البطولتين، رغم أن البعض يخالف هذه النظرية كلياً، لكن في كل الأحوال، فإن بالاك ترك مكاناً شاغراً في «المانشافت» لم يستطع أحد ملأه وخصوصاً سايمون رولفس، لاعب ليفركوزن، الذي شُبّه في يوم من الأيام باللاعب صاحب الرقم 13، الا انه سرعان ما خرج من السباق إلى خلافة بالاك.
الآن يبدو أن الأحوال تنبئ بأن ثمة من هو قادر على اعادة التذكير ببالاك. هناك في بوخوم، يحكى كثيراً عن لاعب يشبه بالاك من الناحيتين البدنية والفنية. في بوخوم، لا حديث الا عن الموهبة التي تشغل بال الاسكوتلندي أليكس فيرغيسون والفرنسي أرسين فينغر والبرتغالي جوزيه مورينيو. في بوخوم، لا صوت يعلو حالياً فوق صوت ليون غوريتزكا.
ابن الـ 17 عاماً خطف القلوب قبل الأبصار. هكذا، ومن دون مقدمات، أصبح هذا الناشىء لاعباً في الفريق الاول لبوخوم في دوري الدرجة الثانية الألماني. بسرعة البرق، أجبرت موهبة غوريتزكا مدربه كارستن نيتزيل على ترفيعه من الفريق الثاني الى الاول.بروز غوريتزكا جعله تحت مرمى الصحافة الألمانية، التي لم تتوان عن تسميته «بالاك الجديد». وبالفعل، من أتيحت له مشاهدة بعض اللقطات لهذا اللاعب، سيتبادر الى ذهنه سريعاً بالاك، لوجود العديد من أوجه الشبه بينهما: من البنية الجسدية الهائلة، حيث يبلغ غوريتزكا 1,89 سنتمتراً، وهو يلعب في مركز بالاك، أي لاعب ارتكاز ذو نفحة هجومية الى جانب إجادته ايصال الكرة الى زملائه، والتسديدات القوية من خارج منطقة الجزاء، الى إتقانه التسديدات الرأسية على غرار بالاك، حيث سجل في إحدى المباريات هدفاً «طبق الأصل» لهدف بالاك الرأسي الشهير في مرمى الولايات المتحدة في ربع نهائي مونديال كوريا الجنوبية واليابان. وأكثر من ذلك، فإن غوريتزكا يمتاز عن بالاك بأنه يجيد المراوغات الفردية.
اذاً، موهبة غوريتزكا، الذي يلعب لمنتخب ألمانيا تحت 19 عاماً، أصبحت أكبر من فريق بوخوم، رغم أن هذا الأخير خرّج بعض اللاعبين المهمين للكرة الألمانية، كان آخرهم المهاجم شتيفان كونتس. من هنا، بات طبيعياً أن يكون في مباريات بوخوم حالياً أكثر من كشاف لأكثر من ناد أوروبي كبير. آخر الغيث في هذا الاطار كان ريال مدريد الاسباني، الذي أعلن صراحة، قبل يومين، اهتمامه الشديد باللاعب الناشئ وهو يسعى إلى ضمه في المستقبل القريب، وقد بعث أحد كشافيه لمتابعته عن كثب، فيما جدّد مانشستر يونايتد الانكليزي أمس رغبته في التعاقد مع غوريتزكا لكي ينمو تحت أنظار فيرغيسون، وهو ما يتطلع اليه ناديا ارسنال الانكليزي وبايرن ميونيخ.
لا شك في أن مستقبل غوريتزكا يبدو واعداً، وهو لن يصمد طويلاً في بوخوم، لكن يجدر بالمحيطين بالفتى أن يحسنوا ارشاده الى وجهته المقبلة، والأهم من ذلك أن يتضرعوا كثيراً كي لا يكون حظه في الملاعب كحظ بالاك.



بوخوم متمسّك بموهبته

إزاء الهجمة الكبرى من الأندية الأوروبية العريقة لضم ليون غوريتزكا، فإن المدير الرياضي لبوخوم، ينس تود، يشدّد على أن ناديه لن يفرّط به ويسعى لكي يلعب بقميص النادي لسنوات عديدة مقبلة، علماً بأن قيمة الفتى في سوق الانتقالات تبلغ مليون جنيه استرليني.