الكثير من اللاعبين بعد الاعتزال حاولوا العودة الى الملاعب من بوابة التدريب، إما حباً بالبقاء تحت الأضواء التي لازمتهم منذ كانوا في المستطيل الأخضر، أو لعدم قدرتهم على الابتعاد عن عالم الساحرة المستديرة. لكنّ معايير النجاح كمدرب تبقى مختلفة، إذ ليس كل لاعب ناجح هو مشروع لمدرب ناجح، وأفضل الأمثلة على ذلك هو النجم «الأسطوري» الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا، الذي فشل عندما حاول دخول عالم التدريب عبر بوابة منتخب بلاده في كأس العالم سنة 2010، ومن ثم الوصل الإمارتي سنة 2012.
أسماء شهيرة أخرى كانت أفضل حالاً من مارادونا، لكنّ مسيرتها التدريبية ظلت محل شك كبير، ومن هذه الأمثلة الهولندي ماركو فان باستن، الذي انطلق بقوة في عالم التدريب مع منتخب بلاده، لكن من دون تحقيق إنجاز بارز، قبل أن يخفت بريقه ويبتعد ثم يعود حالياً لقيادة فريق هيرينفين، الذي يحتل مركزاً متأخراً هذا الموسم في الدوري الهولندي.
وعلى النحو ذاته، يمكن الإشارة إلى النجم الهولندي الآخر فرانك رايكارد، الذي صادفه النجاح مع الفريق الذهبي لبرشلونة الإسباني، ومن خلال تشكيلة مدججة بالنجوم، وهو يعاني الآن كمدرب للمنتخب السعودي!
كما أن الألماني الشهير ﻟﻮﺛﺎر ﻣﺎﺗﯿﻮس أخفق في قيادة منتخب بلغاريا، وأﻗﯿﻞ ﻣﻦ منصبه. كذلك، فإن النجم الفرنسي ميشال بلاتيني، الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ورغم أن سيرته في الملاعب غنية عن التعريف، حيث يعد لاعب الوسط أحد أبرز نجوم الكرة، لكنه خاض بعد اعتزاله تجربة تدريب وصفت بالمريرة، عندما قاد منتخب فرنسا في نهائيات كأس أوروبا 1992 إلى كارثة مروعة بعدما أخفق «الديوك» في العبور حتى إلى الدور الثاني للبطولة. وبالمثل رحل النجم البرازيلي دونغا بعد إخفاقه في قيادة منتخب الـ «سامبا» إلى إنجاز في مونديال 2010 وهو من وقتها لم يعثر على فريق يتولى قيادته.
من هنا، يتضح أن اللاعبين السابقين الذين نجحوا كمدربين في الحقب السابقة قليلون، ولعل أبرزهم البرازيلي ماريو زاغالو، الذي أصبح أول من يفوز بكأس العالم كلاعب (1958 و1962) وكمدرب (1970)، كما يبرز اسم «القيصر» الألماني فرانتس بكنباور، الذي نجح نجاحاً «أسطورياً» في الملاعب، ولم يفقد بريقه في عالم التدريب، إذ قاد منتخب بلاده إلى التتويج بلقب كأس العالم عام 1990.
في الوقت الحالي، نجد أن الكثير من نجوم السنوات الاخيرة يمتهنون التدريب، لكن ما يبدو واضحاً أن القلة القليلة هي التي نجحت في رسم صورة مشرقة لها. واذا ما استثنينا جوسيب غوارديولا المبتعد آنياً، والإيطالي أنطونيو كونتي، الذي أعاد يوفنتوس الى منصات التتويج، إضافة إلى الارجنتيني دييغو سيميوني، مدرب أتلتيكو مدريد الاسباني، الذي يبشر بمستقبل واعد، فإن أسماء أخرى كالايطاليين روبرتو مانشيني، مدرب مانشستر سيتي، وجيانفرانكو زولا، مدرب واتفورد، والويلزي مارك هيوز، والأرجنتيني ماتياس ألميدا، والفرنسي لوران بلان، لم تقدم اوراق اعتمادها بقوة في عالم التدريب. فالأول رغم تحقيقة لقب الدوري الايطالي 3 مرات مع انتر ميلانو، اضافة الى قيادته مانشستر سيتي إلى إحراز لقب الدوري الانكليزي الممتاز الموسم الماضي، فإن فشله الذريع في دوري أبطال أوروبا مع الأخير هذا الموسم، وفي الذي سبقه، لم يجعل فقط منصبه الحالي في محل خطر، بل ولّد أيضاً الشكّ لدى كثيرين في مقدراته التدريبية. أما زولا، فقد بدأ في الدوري الإنكليزي الممتاز مع وست هام عام 2008 حتى 2010، الا أن الحال وصل به حالياً الى تدريب فريق واتفورد في الدرجة الاولى، وهو يحتل المركز الحادي عشر.
من جهته، فإن هيوز أقيل قبل أيام من تدريب فريق كوينز بارك رينجرز، وحاله كحال ألميدا مع ريفر بلايت، فيما يستمر لوران بلان من دون عمل منذ إبعاده عن تدريب منتخب فرنسا عقب كأس أوروبا في الصيف الماضي.
من هنا، فإن فكرة أن اللاعب الناجح ليس بالضرورة أن يصبح مدرباً ناجحاً تبدو هي السائدة والأكثر انطباقاً على عالم التدريب، الماضي والمعاصر. فالألماني هيلموت شون مثلاً لم يكن لاعباً فذاً، لكنه درب منتخب بلاده من عام 1964 حتى 1978 وحاز معه لقب كأس العالم عام 1974 وكأس أوروبا عام 1972، أما الايطالي أريغو ساكي، فلم يكن سوى بائع أحذية ليصبح بعد ذلك صاحب فكر تدريبي مميز. واذا ما وصلنا الى يومنا هذا، فما هو واضح أن لا أحد، باستثناء غوارديولا، باستطاعته الوقوف بوجه أسماء كـ «السير» الاسكوتلندي أليكس فيرغيسون، مدرب مانشستر يونايتد رغم بلوغه مبلغاً من العمر، أو البرتغالي جوزيه مورينيو، مدرب ريال مدريد، أو يواكيم لوف، مدرب منتخب ألمانيا، او حتى الألماني الآخر اوتمار هيتسفيلد، الذي يكتب فصلاً من النجاح مع سويسرا حالياً، والتي لم تكن بارزة على المستطيل الأخضر.



راغبون في التجربة

بعد النجم الإيطالي روبرتو باجيو والفرنسي زين الدين زيدان، فإن أسماء جديدة أعربت أخيراً عن رغبتها في دخول عالم التدريب. النجم الايطالي أليساندرو دل بييرو، الذي يلعب لنادي سيدني الأوسترالي حالياً، ذكر قبل فترة أنه يرغب في خوض غمار تجربة التدريب حاله كحال مواطنه المشاكس جينارو غاتوزو، لاعب سيون السويسري. وهذا ما ذهب إليه أيضاً النجمان المعتزلان: البرازيلي روبرتو كارلوس والفرنسي دافيد جينولا.