أياكس أمستردام بطلاً لهولندا. عنوان لم يكن غريباً إذا استعدنا شريط ذكريات الأعوام القريبة والبعيدة الماضية، لكن ما أقدم عليه نادي العاصمة الهولندية هذا الموسم يثبت أن الأندية الكبيرة لا تموت، وخصوصاً تلك التي تعتنق عقيدة «الإنتاج المحلي»، وليس هناك أفضل من أياكس في العمل ضمن هذا المجال.
الحقيقة أن أحداً لم يتوقّع أن يستعيد أياكس اللقب الذي ظفر به للمرة الأخيرة عام 2004، وخصوصاً بعد البداية غير الطبيعية للفريق، ما دفع المدرب المخضرم مارتن يول الى الرحيل بعد تقهقر الفريق الى المركز الرابع وابتعاده عن ثنائي المقدمة تفنتي إنشكيده بطل الموسم الماضي وبي أس في أيندهوفن. ولم ينتهِ الأمر هنا، إذ إن الفريق خسر أبرز لاعبين في صفوفه، أي الهداف الأوروغوياني لويس سواريز والدولي أوربي إيمانويلسون اللذين رحلا الى ليفربول الإنكليزي وميلان الإيطالي توالياً عند فتح باب الانتقالات الشتوية. كذلك، اضطر الجهاز الفني الى وقف الهداف المغربي منير الحمداوي...
وفي ظل كل الأجواء الملبّدة، وصل فرانك دي بوير أحد نجوم أياكس في تسعينيات القرن الماضي لتسلّم الدفة، فأكمل المشوار بمساعدة زميله السابق في خط الظهر داني بليند (يلعب نجله دالي في دفاع الفريق حالياً)، فأشار أياكس عبر هذه النقلة الى أن أبناء النادي وحدهم يعرفون كيفية ترجمة تلك الفلسفة المعتمدة على إحدى أشهر أكاديميات الكرة في العالم، الى ألقاب، وهذا ما حصل عندما ذوّب أياكس الفارق مع ايندهوفن وتفنتي قبل أن يردّ على الأخير الذي هزمه في نهائي الكأس بانتزاع لقب الدوري منه.
وكالعادة، حمل الإنجاز بصمات «الأطفال» المحليين الصاعدين من «حضانة» الأكاديمية، أمثال الحارس مارتن ستيكلنبورغ ولاعب الوسط الموهوب سيم دي يونغ والظهير الأيمن المميز غريغوري فان در فيل. ويضاف الى هؤلاء عناصر أجنبية مميزة، أمثال الصربي ميراليم سليماني والدنماركي كريستيان إريكسن والبلجيكي يان فرتونغن الذين أصبحوا محط أنظار كشافي الأندية الكبرى، وهم سيسيرون من دون شك على خطى أولئك الأجانب الذين مرّوا بالعاصمة الهولندية ثم أصابوا المجد في أقوى البطولات الأوروبية، على غرار الدنماركي ميكايل لاودروب والنيجيري نوانكو كانو والروماني كريستيان كيفو والسويدي زلاتان إبراهيموفيتش...
إذاً هي الفلسفة عينها للحصول على النتائج المطلوبة، ففي كل فترة يطل أياكس علينا بجيل جديد ينسخ إنجازات عصبة يوهان كرويف الذي تحوّل من لاعب عظيم الى مدرب كبير مع برشلونة الإسباني، وحذا حذوه فرانك رايكارد مع النادي الكاتالوني، وقد يفعلها أيضاً دي بوير الذي لعب أصلاً لفترة طويلة مع «البرسا» في فترة اعتناق الأخير تلك الفلسفة التي أدخلها كرويف نفسه إليه، فكانت النتيجة كتيبة من الهولنديين في قميص «البلاوغرانا» بقيادة المدرب لويس فان غال.
هي مدرسة لا تنضب، فالقيّمون عليها يبدأون بإعداد الصغار قبل أن يتعرفوا على قدراتهم، فإذا أراد والد ما أن يصبح نجله لاعباً في أياكس عليه أن يتقيّد بشرط واحد كمرحلة أولى، وهو وضع كرة على مستوى نظر الطفل في السرير الذي يرقد فيه، لتكون أول ما يتعرف عليه نظره فيتآلف معها بعينيه قبل أن يلمسها بقدميه اللتين قد تصبحان يوماً مصدر أفراح النادي.



يوهان كرويف الآمر الناهي

لم تكن المشكلات الفنية وحدها موجودة في أياكس في منتصف الموسم، إذ إن الإدارة استقالت بعد خلاف مع «الأسطورة» يوهان كرويف بشأن كيفية إدارة النادي. إلا أن الآمر الناهي هناك دعم المدرب دي بوير بلا حدود، وهو توقّع إثر الفوز باللقب أن يكون ما فعله كابتن هولندا سابقاً فاتحةً لفترة طويلة من الإنجازات.