تبدو الأندية الأوروبية مشغولة حالياً في سوق الانتقالات الصيفية بتعزيز صفوفها، وهذا ما يضع الوافدين الجدد إليها موضع اهتمام ومتابعة وملاحظة، خصوصاً لأولئك النجوم الذين يكلّفون ملايين كثيرة. إلا أن هذا لا يمنع من أن العين ستكون موجّهة نحو نجومٍ راوحت صفقاتهم، التي عُدّت قياسية إلى الأندية التي انتقلوا إليها منذ عامين تحديداً، ما بين الخيبة والصدمة.
الحديث هنا لا يمكن إلا أن يبدأ من العاصمة الإسبانية مدريد، إذ في فريقها الملكي ريـال، يحجز الويلزي غاريث بايل مكاناً أساسياً في التشكيلة الرئيسية منذ التحاقه به، لكنه لم ينجح في تحقيق هذا الأمر، بنسبة كبيرة، في قلوب عشاق الفريق. مبلغ الـ 100 مليون يورو التاريخي الذي حمل بايل من توتنهام الإنكليزي إلى زعيم دوري أبطال أوروبا كان كفيلاً، أو فلنقل يشكل مبرراً أكيداً لمناصري الفريق لكي يلاحقوا الويلزي على كل شاردة وواردة.

صحيح أن بايل حقق في موسمه الأول نجاحاً بالكاد يكون جزئياً تمثل في بعض المناسبات ـ وإن كانت مهمة، غير أنها لا يمكن أن تكون مقياساً لأداء موسم بكامله ـ كما هدفه في نهائي كأس إسبانيا أمام برشلونة ونهائي دوري أبطال أوروبا أمام أتلتيكو مدريد اللذين أحرز فيهما ريـال اللقب، إلا أن الموسم الماضي كان بمثابة الصدمة لعشاق الملكي، نظراً إلى الأداء السيئ الذي لامس في بعض الأحيان الكارثة لبايل، وتحديداً في إهداره الفرص الغريبة في محطات مفصلية ليكون أحد أبرز العوامل السلبية التي أبعدت «الميرينغيز» عن منصات التتويج. وما أثار غضب المدريديين أكثر في حالة الويلزي أن وافدين جدداً إلى الملكي حققوا، في المقابل، نجاحاً لافتاً وسريعاً من موسم واحد وأثبتوا وجودهم بما لا لبس فيه في ملعب «سانتياغو برنابيو» كما الحال مع إيسكو والألماني طوني كروس والكولومبي خاميس رودريغيز.
وبالانتقال إلى لندن، وتحديداً في ملعب «الإمارات»، لا يبدو وضع الملكي السابق الذي خرج منه بسبب بايل نفسه، الألماني مسعود أوزيل، أفضل مع فريقه أرسنال الإنكليزي الذي التحق به قبل عامين بمبلغ قياسي لـ»المدفعجية» وللاعب ألماني بلغ 50 مليون يورو. ورغم أن أوزيل قدّم بعض اللمحات الساحرة في لندن، إلا أن لا مجال لمقارنتها بما قدّمه في مدريد، وهذا ما جعل جماهير «الغانرز» في حالة تحسّر على صفقة كان يُخيَّل إليهم أنها ستعيد سحر الهولندي دينيس برغكامب إلى ملعبهم. على أي الأحوال، إن القول بأن الاعتياد على كرة إنكلترا وقوة المنافسة في ملاعبها يحتاج إلى وقت لكي يتأقلم لاعب بمواصفات أوزيل عليها، لم يعد له من مكان في الموسم الثالث المرتقب للألماني في لندن، وبالتالي سيكون اللندنيين متربّصين للألماني عند مدخل كل ملعب من ملاعب إنكلترا، وبالتحديد في ملعبهم «الإمارات»، في ما لو لم يشاهدوا أمامهم «أوزيل مدريد» الذي لم يصدقوا أنهم تعاقدوا معه في اليوم الأخير من الانتقالات قبل عامين.

لا مكان لكلمة
«خطأ» أمام بايل
وأوزيل وغوتزه


ماذا عن مواطن أوزيل ماريو غوتزه؟ الحال يبدو مشابهاً، إذ إن اللاعب الذي دفع فيه بايرن ميونيخ مبلغاً قياسياً في تاريخه للاعب ألماني وصل إلى 37 مليون يورو لضمه من بوروسيا دورتموند، لم يقنع بتاتاً في مجمل موسمين خاضهما مع البافاري. قال البعض إن المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا لم يعط الفرصة كاملة لغوتزه، وهذا ما سبّب تقديمه ما لا يسرّ الخواطر في ملعب «أليانز أرينا»، لكن الأدق أن مسجل هدف تتويج ألمانيا بلقب مونديال 2014 هو الذي لم يتمكن من انتزاع ثقة مدربه بأدائه البطيء والعقيم في المناسبات التي شارك فيها، خصوصاً أن كل التوقعات كانت تشير إلى أن موهبة هذا اللاعب ستتفجّر بعد ليلة ملعب «ماراكانا» وكتابته التاريخ لألمانيا وحصوله بالتالي على كامل الأضواء وعلى دفعة معنوية قلّ نظيرها، غير أنه لم يتمكن من استثمارها، وهذا ما جعله عرضة لانتقادات لاذعة تحديداً من الرئيس الفخري للبافاري، «القيصر» فرانتس بكنباور.
هو موسم جديد إذاً لا مكان فيه لكلمة «خطأ» لبايل وأوزيل وغوتزه، الذين كلّفوا أنديتهم مبالغ قياسية، بعد أن حصلوا على فرصة جديدة في مدريد ولندن وميونيخ على التوالي، أما خلاف ذلك فلا يعني إلا حزم الحقائب والمغادرة، حتى لو تحت أمطار الشتاء قبل انتقالات صيف 2016.