لا يختلف اثنان على أن وضع كرة القدم في لبنان وصل الى الحضيض مع تراجع المستوى وتقهقر لبنان في جدول الترتيب العالمي الشهري (وصل الى المرتبة الـ178)، بحيث أصبح لبنان من دول «العالم الخامس» كروياً على الصعيد الفني، لكن في انتخابات الاتحاد الدولي «الفيفا»، التي ستُجرى اليوم «شكلياً»، فإن الصوت اللبناني يعادل صوت إسبانيا وألمانيا والبرازيل والأرجنيتن وغيرها، إذ إنّه في الجمعية العامة للفيفا (الكونغرس) ليس ثمة بلد كبير أو بلد صغير، حيث تتساوى جميع الأصوات، ولكل بلد أهميته.
وبعد «الإعصار» الذي ضرب الفيفا في الأيام الأخيرة، وانسحاب المرشح القطري محمد بن همام من السباق، ما ترك الساحة للرئيس الحالي جوزف بلاتر وحيداً لينتخب اليوم بالتزكية، أثيرت بعض التساؤلات عن تداعيات ما حصل على لبنان.
الاتحاد اللبناني يعتمد اعتماداً رئيسياً على مساعدات الاتحاد الدولي، فهو حصل بعد مونديال 2010 على مساعدة بقيمة 250 ألف دولار، كما أنه موعود بمبلغ 300 ألف دولار شرط تعيين مدير فني للمنتخبات الوطنية.
أضف الى ذلك المساعدات العينية والدورات التي يقيمها الاتحاد اللبناني لكرة القدم بدعم من الفيفا. فهل سيتأثر كل هذا نتيجة الأزمة الانتخابية. المعروف أن الاتحاد اللبناني محسوب على القطري بن همام وداعم له، لكن ما هو إيجابي في ما حصل هو طريقة التعاطي الذكية مع المسألة من جانب اللجنة العليا للاتحاد، وتحديداً الرئيس هاشم حيدر، الذي عرف كيف «يلعبها صح» بعدم إعلان دعم بن همام رسمياً، والتروّي رغم بعض المطالب بإعلان دعمه رسمياً.
وكانت وجهة نظر حيدر أن لبنان على علاقة ممتازة مع بن همام، وداعم له، لكن لا داعي إلى الجهر الآن بذلك بانتظار التطورات، لذا كُلّف الرئيس ونائبه ريمون سمعان القيام بما يتناسب مع مصلحة لبنان.
وتشير المعلومات الى علاقة لبنان الجيدة بالرئيس بلاتر، وبالأمين العام للاتحاد الدولي جيروم فالكه، إضافةً الى العلاقة الممتازة مع بن همام، لكن يبقى الأهم للبنان بقاء رئيس الاتحاد الآسيوي في منصبه رئيساً لمشروع الهدف (غول بروجيكت)، الذي يرأسه بن همام بحكم منصبه في الفيفا، لأن أي تجميد لنشاط بن همام قد يبعده عن رئاسة المشروع، ما قد يؤثر في لبنان، الذي يستفيد من المشروع على صعيد الملاعب والمساعدات.
ودارت تساؤلات أمس عن احتمال عودة البعثة اللبنانية بعد الحديث عن نية 10 اتحادات آسيوية بمقاطعة الجمعية العامة احتجاجاً على توقيف بن همام من قبل لجنة الاخلاق، الذي طلب من كافة الاتحادات الاسيوية عدم مقاطعة الجمعية العمومية قائلاً «أصبحنا قارة لديها كلمة في الاتحاد الدولي، ولم نعد قارة ضعيفة كما كانت الحال في لوس انجلوس. لم نعد نشعر بأي عقدة نقص تجاه القارات الاخرى، ونستطيع ان نسمع كلمتنا ونجري التغيير من الداخل». وأشار مسوؤل رفيع في الاتحاد الاسيوي «هناك شعور بغضب شديد لدى جميع المسؤولين في الاتحادات التي تحدثت اليهم جراء القرارات التي اتخذتها لجنة الاخلاق».
ولا شك أن بن همام يمر بفترة صعبة، وخصوصاً بعدما فشل مشروعه للوصول الى رئاسة الفيفا، هو الذي اتكل على الغضب الإنكليزي من بلاتر بعد ذهاب استضافة كأس العالم 2018 الى روسيا، بحيث رأى بن همام أن الثقل الإنكليزي قد يساعده على إحداث خرق في قارة أوروبا، التي تدعم بلاتر، إضافةً الى أميركا الجنوبية، فيما تبدو قارتا آسيا وأفريقيا شبه محسومتين لبن همام.
وبقي اتحاد الكونكاكاف الوحيد القادر على ترجيح الكفة، لذا كان توجّه الجميع نحو الترينيدادي جاك وارنر، الذي نجح في تجيير معظم أصوات اتحاده الى بن همام، قبل أن تأتي الضربة من نائبه الأميركي تشاك بلايزر، الذي لم ينسَ خسارة بلاده استضافة أحد مونديالي 2018 و2022، فسُرّبت معلومة الأموال التي كانت ستدفع للاتحادات (40 ألف دولار لكل اتحاد)، إضافةً الى فتح بلاتر للجبهة، هو الذي أحس «بالسخن» مع الحديث عن أن الفارق بين المتنافسين لن يزيد على خمسة أصوات، وعمل على حفر الحفرة لبن همام وإسقاطه فيها، إضافةً الى الغمز ولو من بعيد من احتمال سحب استضافة قطر لمونديال 2022، بعد الحديث عن أموال دفعها القطريّون.
أسبوع حافل على الصعيد الكروي العالمي انتهى بخلاصة رئيسية هي أن الفيفا يعيش حالة من الاهتراء والفساد انكشفت تدريجياً، ما أدى الى اهتزاز الصورة مجدداً وتحتاج الى وقت طويل قبل إعادة تلميعها.