لا يشعر الجالس مع كريستيان كارمبو بأنه أمام أحد أهم اللاعبين في تاريخ الكرة الفرنسية، وأحد الذين تركوا بصمة في ملاعب أوروبا؛ فالرجل قمة في التواضع ودماثة الأخلاق، وهو رغم جديته الكبيرة في الحديث، لا تفارق الابتسامة محياه، فضلاً عن الصراحة والثقة في الإجابة عن الأسئلة بطريقة تخلو من أي تهرّب، حتى لو كان السؤال محرجاً في بعض الأحيان.كارمبو الذي يجول حول العالم اليوم موقّعاً العقود الخاصة بشركة التجهيزات الرياضية التي أطلقها، وهي تحمل الرقم الذي ارتداه لاعباً، أي 14، لا يخفي حبّه للبنان الذي تعرّف اليه من خلال الزميل إبراهيم شبلي، وحفظ غيباً حتى أسماء مأكولاته، فيبدو مستمتعاً عند الجلوس إلى مائدة الغداء، متأملاً الأطباق وموزّعاً الخبز على الحاضرين!
وبعكس القساوة التي طبعت أداءه على أرض الملعب بفعل المركز الذي شغله، أي الوسط المدافع، تبدو الليونة موجودة في حديث كارمبو، الذي لا يحن أبداً إلى ملاعب كرة القدم؛ إذ رغم حصوله على شهادته التدريبية، فهو يفضّل احتراف «البيزنس» من مقر إقامته في جنيف، مضيفاً: «لعبت 20 عاماً، والآن لدي الرغبة في العيش قليلاً من دون ضغوط، وهي التي بدأت تترك آثارها على زملائي السابقين الذين يشرفون على الفرق والمنتخبات حالياً. انظر إلى ديدييه ديشان (مدرب مرسيليا) مثلاً، لقد نال الشّيب منه».

«الفيفا» لا يزال قوياً

ويتحدث كارمبو بفخر عن كرة القدم، وهو يدافع عن الاتحاد الدولي للعبة الذي يرتبط معه بعقدٍ حتى عام 2014، حيث يعمل مع إحدى اللجان التطويرية المختصة بصيغ القوانين، فيقول: «الفيفا عاش أوقاتاً عصيبة، وهو يمر بمرحلة مضطربة، لكن هذه المؤسسة قوية جداً، وهي تستمد هذه القوة من قراراتها الصحيحة، وأحداها برأيي نقل كأس العالم إلى بلدانٍ جديدة، أمثال روسيا وقطر، فنشر اللعبة على أعلى مستوى هو من المبادئ الأساسية عند الاتحاد الدولي».

بلان منقذ فرنسا

ومن خلال كل عبارة يقولها عن منتخب بلاده، تظهر شدة تعلّق النجم الأسمر بالقميص الأزرق الذي بلغ المجد معه في مونديال 1998 وكأس أوروبا 2000، وهو يدعم زميله السابق المدرب لوران بلان حتى النهاية كما هي حال «الجيل الذهبي» كلّه على حدّ قوله. ويرفض كارمبو بشدّة كل المزاعم التي تتحدث عن أن الفشل الفرنسي في مونديال 2010 مردّه إلى أسبابٍ غير رياضية؛ إذ يبرّئ المدرب ريمون دومينيك من تهمة الرضوخ للضغوط السياسية في اختياره للتشكيلة المونديالية؛ فـ«تلك الكبوة كانت أسبابها الضغوط التي عاشها اللاعبون في موسمٍ طويل أصابهم بالإرهاق». ويضيف غامزاً من قناة تحمّل اللاعبين بعضاً من مسؤولية ما حصل، قائلاً إن «من أبرز ميزات جيل 1998 احترام أفراده بعضهم لبعض وللعبة عموماً. لكن الجيل الحالي يركض كثيراً خلف النجومية، فهم لا ينفكون يحرقون المراحل، والنجوم التي تلمع أمامهم تعمي بصيرتهم في أحيانٍ كثيرة».
في هذا الإطار، يبدو جليّاً أن كارمبو يتحاشى الحديث عن أي تأثير سياسي ـــــ عنصري على خيارات الفنيين الفرنسيين. لكنه يستفيض في الحديث عن العنصرية بحدّ ذاتها، من دون أن يتطرّق إلى الفضيحة الأخيرة للاتحاد الفرنسي، مكتفياً بالقول: «لا يفترض التفرقة؛ لأن أبناء المهاجرين هم فرنسيون مئة في المئة، وقد جلبوا المجد للكرة الفرنسية التي انتظرت الألقاب طويلاً. الأمر الضروري هو تثقيف الشبّان للابتعاد عن هذه الآفة».
أما عن الحل الذي سيعيد فرنسا إلى الواجهة، فهو برأيه «لوران بلان، الذي يعرف كيفية الاستفادة من كل تلك المواهب الموجودة في الدوري المحلي وخارج البلاد». وعن الموهبة الأبرز في كرة القدم الفرنسية، يجيب كارمبو مشدداً على أن «كريم بنزيما يبقى النجم الأبرز في فرنسا، وهو برأيي أثبت نفسه رغم مشاركاته المحدودة مع فريقه ريال مدريد الإسباني. كذلك أنا متأكد من أن النجم الصاعد في سوشو، مارفان مارتان، سيكون له شأن كبير خلال وقتٍ قصير».

منتخب إسبانيا لقهر برشلونة

وإلى الدوري الإسباني حيث دافع عن ألوان ريال مدريد ثلاث سنوات، يبدو كارمبو معجباً بالغريم برشلونة. فعند السؤال عن الفريق القادر على هزيمة الكاتالونيين يجيب: «ربما كان منتخب إسبانيا هو الوحيد القادر على وقف البرسا»، في إشارة منه إلى أن نجوم «البلاوغرانا» لا يقهرون؛ لأنهم هم أنفسهم صنعوا إنجازات «لافوريا روخا» على الصعيدين العالمي والأوروبي، وذلك بفضل أفضل مدرب في العالم، جوسيب غوارديولا.



مسيرة مثاليّة

عاش كريستيان كارمبو مسيرة كروية مثالية، محرزاً
الألقاب المختلفة، فهذا النجم، الذي ولد في 3 كانون الأول 1970 في كاليدونيا الجديدة، فاز بكل شيء ممكن، وقد بلغ القمة بألوان ريال مدريد الإسباني فائزاً معه بدوري أبطال أوروبا مرتين (1998 و2000). ويفتخر كارمبو كثيراً بأكاديمية نانت التي تخرّج منها، حيث دافع عن ألوان «الكاناري» من 1990 حتى 1995، قبل أن يحطّ به الرحال في سمبدوريا الإيطالي الذي لعب معه موسمين. وبعد رحلته المدريدية الناجحة التي تخلّلها إحرازه اللقبين العالمي والأوروبي مع منتخب فرنسا، قام كارمبو بجولة تنقل فيها بين ميدلسبره الإنكليزي وأولمبياكوس اليوناني وسرفيت السويسري، قبل أن يختتم مشواره مع باستيا في 2005.



شهرة كرويّة وعاطفيّة

بقدر الشهرة التي حازها على أرض الملعب، عرف كريستيان كارمبو شهرة واسعة بعد اقترانه بعارضة الأزياء السلوفاكية أدريانا سكليناريكوفا، التي التقاها للمرة الأولى على متن طائرة. إلا أن الثنائي، الذي لاحقته الكاميرات أينما حلّ لفترة طويلة، أعلن طرفاه انفصالهما في آذار الماضي.