انتهت حقبة المدرب الهولندي لويس فان غال، وحان وقت الجد بالنسبة إلى بايرن ميونيخ، الذي يبدو أنه يغيّر جلده بالكامل هذا الصيف استعداداً للموسم الجديد، وذلك لتعويض النكسة الكبيرة التي مني بها في الموسم الماضي عندما فقد لقبيه المحليين، إضافةً إلى خروجه المخزي من مسابقة دوري أبطال أوروبا التي بلغ مباراتها النهائية في 2010.«هوليوود» الكرة الألمانية ربما فقد هذا اللقب، إذ إن تشكيلته خلت من نجومٍ على مستوى رفيع، وذلك عائد ربما إلى سياسة التقشف التي اعتمدها في فترة ما، رغم أن النادي البافاري هو من الأكثر ربحاً ومن الأكثر استقراراً مالياً في العالم. لكن الوضع يبدو مختلفاً، ولو نسبياً هذا الصيف؛ إذ إن كارل هاينتس رومينيغيه وأولي هونيس فتحا الخزينة للمدرب الوافد من باير ليفركوزن يوب هاينكس، الذي قال إنه سيعيد الفريق ليصبح الأفضل في العالم؛ لأنه بنظره بايرن ميونيخ هو الأهم على وجه الأرض.

البحث عن الأمان

يمكن اعتبار أن هاينكس بدأ من المكان الصحيح عندما اختار جلب أحد أفضل حراس المرمى في اللعبة، إذا لم يكن أفضلهم، مانويل نوير من شالكه للشعور بالأمان، وخصوصاً أن الشاب توماس كرافت لم يرتقِ إلى المستوى المطلوب في نادٍ مثل بايرن، الذي حمى عرينه أسماء كبيرة من طينة سيب ماير وأوليفر كان.
لكن وجود نوير بين الخشبات الثلاث لن يكون كافياً لاستدراك ما وقع فيه البافاريون في الموسم الماضي؛ إذ إن الفريق الذي كان الأفضل هجومياً في «البوندسليغه» (سجل 81 هدفاً مقابل 67 لبوروسيا دروتموند البطل)، اهتزت شباكه 41 مرة، ما يؤكد أن ضعفاً رهيباً أصاب خط الدفاع، وليثبت مرة أخرى أن قرار ترحيل فان غال للبرازيلي لوسيو إلى إنتر ميلانو الايطالي قبل موسمين كان قراراً غبياً. والأسوأ أن فان غال أراد تعويض كابتن «السيليساو» بمواطنه برينو الذي يعدّ أحد أسوأ المدافعين الذين ارتدوا القميص الأحمر على مرّ التاريخ.
لذا، لا يبدو مستغرباً الإصرار على استقدام الدولي جيروم بواتنغ لشغل مركزٍ في قلب الدفاع إلى جانب البلجيكي دانيال فان بويتن البطيء أصلاً، وبالتالي يحتاج الفريق إلى مدافعٍ صلب آخر. وفي هذه الخطوة يمكن القول إن بواتنغ قد لا يكون الرجل المناسب للمهمة لسببين أساسيين: أولهما أن اللاعب الأسمر عاش موسماً مأسوياً مع مانشستر سيتي الإنكليزي، حيث كانت مشاركاته محدودة بسبب تخبّطه بالإصابة، وثانياً لأنه لمع في مركز الظهير الأيمن مع المنتخب الألماني، ولم يثق مدرب «المانشافت» يواكيم لوف قط في قدراته في مركز محوري.

غياب القائد الحقيقي

أما الكارثة الحقيقية، فتختصر بالصرخة التي أطلقها «القيصر» المعبّرة فرانتس بكنباور أمس، الذي غالباً ما يوجّه انتقادات قاسية عند كل كبوة للفريق الأحب على قلبه. كلام بكنباور أشار بوضوح إلى أن آثار القرارات الكارثية التي اتخذها فان غال كانت السبب الرئيسي في انهيار الفريق الذي كاد يقوده الهولندي نفسه إلى ثلاثية تاريخية في العام الماضي. وأحد هذه القرارات كان الاستغناء عن القائد مارك فان بومل، الذي بحسب بكنباور «لم يكن الأفضل على الأرض، لكنه كان قائداً حقيقياً والفريق كلّه يتجاوب معه. لقد كان رجلاً». ويبدو «القيصر» محقاً إلى أبعد الحدود عندما يقول إن الفريق الحالي لا يملك لاعباً يتمتع بصورة لوثار ماتيوس مثلاً؛ إذ إن الكابتن الحالي فيليب لام ونائبه باستيان شفاينشتايغر افتقرا إلى العنصر الأهم، أي التأثير البسيكولوجي على زملائهم، فتحفيز فان بومل مثلاً كان حجراً أساساً في قلب بايرن الطاولة على مانشستر يونايتد الإنكليزي وإخراجه من دوري أبطال أوروبا عام 2010 في طريقه إلى المباراة النهائية.
وليس بعيداً من خط الوسط، يفترض أن يملك القيّمون الجرأة ليتخلوا عن الفرنسي فرانك ريبيري، الذي أصبح عبئاً على الفريق؛ إذ إنه لم يقدّم شيئاً في الموسم الماضي، وبات بطيئاً على أرض الملعب إثر تعرّضه لسلسلة من الإصابات. وفي هذا الدور، يبدو توماس مولر جاهزاً للمهمة، على أن يكون بديله حاضراً لشغل مركزٍ خلف المهاجم الصرف. وإذا تعذر هذا الأمر، فسيقوم هاينكس بضربة معلم إذا جدد تعاونه مع التشيلياني أرتورو فيدال للعب على أحد الطرفين، لكن عناد فريق الأخير باير ليفركوزن قد يبقي ريبيري في «اليانز أرينا».
وبانتظار ما سيحصل في الأسابيع القليلة المقبلة، يبدو جليّاً أن بايرن ميونيخ بحاجةٍ إلى إنعاش ولملمة نفسه من المصائب التي ورطه فيها فان غال، لكن هذه المسألة يبقى حلّها في أيدي مديري النادي الذين يفترض أن يتمتعوا بالجرأة لصرف شيكات كبيرة، وإلا فستكون الكوارث على أرض الملعب بانتظارهم.



علامة استفهام على بترسن وأوسامي

وضعت علامة استفهام على صفقتين أجراهما بايرن حتى الآن، أولاهما ضم نيلس بترسن من إينرجي كوتبوس، وثانيتهما استعارة الياباني تاكاشي أوسامي من غامبا أوساكا. وإذا كانت الأولى قد تثمر لأن بترسن توّج هدافاً للدرجة الثانية في الموسم الماضي، فإن الثانية قد تكون مجرّد تسويق للفريق في السوق الياباني لا أكثر.