لم تكن مفهومة الخطوة التي أقدم عليها المدرب الجديد لنادي كولن الألماني، النروجي ستال سولباكين، بسحب شارة القيادة من لوكاس بودولسكي ومنحها للبرازيلي بدرو جيروميل. خطوة تبدو مفاجئة بكل المقاييس، ولا شك في أنها نزلت كالصاعقة على «بولدي» وجماهيره العريضة في كولن؛ إذ كما هو معلوم، بودولسكي هو ابن النادي المدلل ومعبود الجماهير. وفي نظرة سريعة الى كولن، الذي حلّ عاشراً في الموسم الماضي، نجد أنه لا يضم في صفوفه نجوماً من العيار الثقيل؛ إذ إن أشهر لاعبيه هو الدولي البرتغالي السابق بوتي (ويوسف محمد بالنسبة إلينا لبنانيين وعرباً)، حيث إن «الأمير»، أي بودولسكي، كما أطلقت عليه جماهير كولن، هو اللاعب الأشهر في هذا النادي.
وينطبق عليه طبعاً وصف النجم العالمي حيث يكفي اختياره أفضل لاعب صاعد في مونديال 2006 في ألمانيا، وبروزه في المونديال المذكور إضافة إلى تألقه في مونديال 2010 في جنوب أفريقيا، وكأس أوروبا 2008 في سويسرا والنمسا، وتسجيله 42 هدفاً في صفوف منتخب بلاده للدلالة على موهبة هذا اللاعب ونجوميته والخبرة التي استمدها رغم صغر سنه. أضف أنه دائماً ما يفرض نفسه على تشكيلة «المانشافت» بغضّ النظر عن أدائه مع كولن.
من هنا، بدا قرار المدرب مفاجئاً في سحب شارة القيادة من أشهر لاعب في الفريق، رغم قوله إن بودولسكي يبقى ورقة رابحة في التشكيلة. وما يزيد غرابة أيضاً، أن اللاعب الذي مُنح الشارة يبلغ فقط الخامسة والعشرين من عمره، أي أصغر من «بولدي» بعام، إضافة إلى أنه غير مشهور تماماً ولم يمضِ على وجوده في النادي سوى 3 أعوام، حيث قدم من صفوف فيتوريا غيمارايش البرتغالي.
إذاً، هذه الخطوة تبدو مجحفة بحق بودولسكي الذي فضّل العودة قبل عامين إلى ناديه الأم، آتياً من بايرن ميونيخ على الانتقال إلى أهم الفرق في ألمانيا و«القارة العجوز»، وخصوصاً أن موسمه الأخير لم يكن سيئاً بتسجيله 13 هدفاً، إضافة إلى إمراره سبع كرات حاسمة. وهذه الخطوة ستفتح النار، لا محالة، على المدرب من جماهير النادي التي تضع بودولسكي في مكانة خاصة، إلا أنه يمكن القول في مكان آخر إن «بولدي» هو من وضع نفسه في هذا الموضع عندما بالغ في وفائه لناديه حيث يُفهم مثلاً أن يقضي اليساندرو دل بييرو وجانلويجي بوفون مسيرتهما في يوفنتوس وكذلك فرانشيسكو توتي في روما، نظراً إلى العراقة التي يتمتع بها هذان الناديان الإيطاليان وكمّ الألقاب المحلية والقارية التي حصداها، غير أن ما يبدو غير مفهوم، إصرار «بولدي» على البقاء في صفوف فريقه المتواضع، وخصوصاً أنه لا يزال في قمة نجوميته، حيث يلجأ اللاعبون عادة في مثل هذه الفترات إلى ملء سيرتهم الذاتية بالإنجازات والمشاركة في البطولات الكبرى كدوري أبطال أوروبا، حيث يسجَّل في سيرته أنه شارك في صفوف هذا النادي الكبير أو ذاك، ومن ثم العودة إلى الاعتزال في صفوف فريقه الأحبّ إلى قلبه كما فعل زميله السابق في المنتخب ميكايل بالاك على سبيل المثال. فمن يعلم، قد يكون سحب شارة القيادة من بودولسكي خطوة في هذا الاتجاه، أم أن «بولدي» سيزيد من مستوى وفائه المبالغ لناديه من خلال رضوخه للأمر الواقع؟



هل تتكرّر الصفعة؟

عُرِف لوكاس بودولسكي بشخصيته القوية وتمرّده، حيث فاجأ العالم بصفعه نجم ألمانيا السابق ميكايل بالاك خلال المباراة أمام ويلز في تصفيات مونديال 2010، وذلك عندما أراد الأخير توجيه ملاحظة له باعتباره قائداً للمنتخب، فهل تستفز خطوة سحب شارة القيادة «بولدي»، وتدفعه إلى الإقدام على خطوة مماثلة مع بدرو جيروميل؟